دخلت مرحلة العد التنازلي لتنفيذ خريطة الطريق التي أعلنتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه، التي قالت إنها ستنفذ عبر عملية تدريجية متسلسلة، وفق إطار زمني يتراوح ما بين 12 إلى 18 شهراً.

وأكد الناطق باسم البعثة، محمد الأسعدي، أن خريطة الطريق الجديدة تمثل خطة متكاملة من خطوات متدرجة ومتزامنة تهدف إلى إيصال البلاد نحو انتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات، مشيراً إلى أن المفاوضات الخاصة بتشكيل حكومة جديدة موحدة لن تكون بالأمر اليسير لكنها ضرورية وملحة، وأنه لا يمكن فرض جدول زمني صارم لهذه الخطوة.

ولفت الأسعدي، إلى أن الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة سيأتي بعد الانتهاء من الخطوة التأسيسية المتمثلة في إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، عبر استكمال تشكيل مجلس إدارتها وضمان استقلاليتها المالية وقدرتها التشغيلية، إلى جانب تعديل الأطر القانونية المنظمة للعملية الانتخابية وفق توصيات اللجنة الاستشارية بالخصوص، وذلك في غضون شهرين كحد أقصى.

ودخل الشارع السياسي الليبي حالة من الجدل الحاد بشأن خريطة الطريق المعلنة وإمكانية تنفيذها والعراقيل التي يمكن أن تواصل في ظل اختلاف وجهات النظر بين الفرقاء الأساسيين.

ورحب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بالجهود التي وصفها بالصادقة التي تبذلها مبعوثة الأمين العام هانا تيتيه، لاسيما في ما يتعلق بقراءتها الدقيقة للمشهد السياسي، وتأكيدها ضرورة وضع إطار زمني واضح يلزم المجلسين بالتوافق على أساس قانوني واقعي يعالج ما تبقى من نقاط خلافية محدودة واحترام مبدأ استعلام الشعب، قائلاً: آن الأوان لإعطاء الشعب كلمة الفصل في تقرير مصيره بداية بالاستفتاء على المواد الخلافية بالقوانين الانتخابية، وعلى المسار البديل في حال استمرار عدم التوافق بين المجلسين.

وحدة الصف

وأكد رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، عن سعادته بدعوة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، لتشكيل حكومة موحدة جديدة تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، واعتبرها خطوة أساسية نحو توحيد السلطة التنفيذية وتعزيز وحدة الصف الليبي، معلناً دعمه الكامل لهذه الدعوة بما يضمن توحيد مؤسسات الدولة وصون السيادة الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والتنمية والازدهار.

سلطة موحدةوشددت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، على أن أحد العناصر الجوهرية في خريطة الطريق يتمثل في تشكيل سلطة تنفيذية موحدة على كامل التراب الليبي، بما يضمن توحيد المؤسسات العامة للدولة وقيادة المرحلة المقبلة نحو إنجاز الانتخابات العامة والبلدية، وأكدت استعدادها للتعاون مع مختلف الأطراف الوطنية والدولية، بما يخدم مصلحة ليبيا العليا ويحفظ سيادتها واستقرارها، مشيرة إلى أن نجاح هذه المرحلة يتطلب تضافر الجهود المشتركة داخلياً وخارجياً.

رهان حقيقي

ورأى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، أن إحاطة رئيسة البعثة أمام مجلس الأمن أكدت أن القوانين الانتخابية هي العائق الذي عطل مسار الانتخابات منذ 2021، ما يجعل معالجة هذه النقطة أولوية أساسية للانطلاق ضمن خريطة الطريق.

واعتبر أن أي خريطة طريق تدفع نحو الانتخابات وتوحيد جميع المؤسسات دون استثناء تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، لافتاً إلى أن الرهان الحقيقي يبقى على وعي الليبيين وإرادتهم الحرة، الأمر الذي يجب العمل على ترجمته عملياً عبر استعلام وطني شامل يضمن أن يكون صوت كل الليبيين حاضراً في الاستحقاق، ويحدد الخطوات والأولويات التي تقود إلى انتخابات حقيقية تعبر عن إرادتهم وتحقق تطلعاتهم، على حد قوله.

وأضاف: «موقفنا ثابت وهو الذهاب المباشر إلى الانتخابات على أساس قوانين قابلة للتنفيذ، باعتبارها الحل الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي وتحقيق إرادة الليبيين، أما التوافق على إنهاء الأجسام الموازية، وفق مرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه، فهو أمر مرحب به، ويدعم مسار التوحيد، لكنه لا يجب أن يكون ذريعة لتأخير الانتخابات أو تعطيل إرادة الشعب».

امتحان صعب

ويرى مراقبون أن فرقاء ليبيا يواجهون امتحاناً صعباً يحتم عليهم التوصل إلى اتفاق يتجاوبون من خلاله مع جهود المجتمع الدولي، لاسيما أن خريطة الطريق ستشمل البحث عن بدائل إذا عمدت الأطراف إلى تعطيل أي من خطواتها، كما حدث في الانتخابات البلدية، وفق تيتيه التي أشارت إلى أن بعض الأطراف تستغل الوضع الراهن لعرقلة العملية الديمقراطية، مؤكدة أن أي عرقلة ستتيح للبعثة الأممية، بعد دعم مجلس الأمن، اتخاذ التدابير اللازمة لضمان إنهاء العملية واعتبارها نهاية للمراحل الانتقالية.