تتجه معظم أجزاء غرب أفريقيا، التي تحتضن أبرز منتجي الكاكاو في العالم، نحو موسم حصاد مخيّب للآمال مرة أخرى. فرغم تحسّن الأحوال الجوية، مقارنة بالمواسم السابقة، لا تزال مشكلات هيكلية، مثل شيخوخة الأشجار وأمراض المحاصيل، تُقيّد حجم الإنتاج، وتُبقي الأسعار مرتفعة.
تُقدَّر حصيلة ساحل العاج، أكبر منتج عالمي للكاكاو، بنحو 1.4 مليون طن خلال موسم الحصاد الرئيس، الذي يمتد من أكتوبر إلى مارس، وفق متوسط تقديرات ثمانية متعاملين ومحللين، استطلعت وكالة «بلومبرغ» آراءهم. ويماثل هذا الرقم تقريباً، إجمالي الإنتاج المتوقع للموسم الرئيس الجاري، بحسب أشخاص مطّلعين على الأرقام.
شح إمدادات الكاكاو
أما في غانا المجاورة، حيث يبدأ موسم الحصاد الشهر الجاري، فتبدو التوقعات أكثر قتامة، إذ يُتوقع أن يبلغ الإنتاج 620 ألف طن فقط، وهو مستوى يقل كثيراً عن ذروة الإنتاج التاريخية للبلاد.
يعني هذا المحصول أن الإمدادات العالمية من الكاكاو، ستظل شحيحة على الأرجح، حتى مع تراجع الطلب، الذي يوفر قدراً من التوازن، بعد عجز قُدِّر بنحو 40 ألف طن هذا العام.
وتشير بيانات المنظمة الدولية للكاكاو، إلى أن نسبة المخزون إلى الاستهلاك، وهي مؤشر رئيس لقياس التوازن بين العرض والطلب، تقترب من أدنى مستوياتها منذ عام 1981 على الأقل. وفي الولايات المتحدة، تراجعت مخزونات الكاكاو، المخزنة في مخازن تتابعها البورصات، إلى ما دون متوسط العشر سنوات.
ضعف الاستثمار يهبط بإنتاج الكاكاو
قال أوران فان دورت، محلل في «رابوبنك»: «لا أتوقع تعافياً كبيراً في الإنتاج». وأضاف أنه بعد سنوات من ضعف الاستثمار «يرجح للغاية أن تنخفض الطاقة الإنتاجية المشتركة لساحل العاج وغانا عاماً بعد عام».
هذا الواقع يفرض ضغوطاً على شركات تصنيع الشوكولاتة، وقد يُبقي الأسعار مرتفعة. فرغم تراجع العقود المستقبلية للكاكاو بنحو 40 % من ذروتها التاريخية التي بلغت قرابة 13 ألف دولار للطن في ديسمبر، فإن الأسعار لا تزال أعلى بكثير من متوسط الخمس سنوات.
ويتوقع «جيه بي مورغان» بقاء الأسعار فوق مستوى 6 آلاف دولار للطن، بينما يرجح «سيتي» وصولها إلى 7 آلاف دولار خلال العام المقبل، وهو ما يزيد بأكثر من الضعف عن المتوسط طويل الأجل.
إنتاج الكاكاو يتحسن بالكاميرون
قالت تريسي ألين، استراتيجيّة في «جيه بي مورغان»: «السوق ستواصل التداول عند مستويات مرتفعة لفترة أطول»، تابعت: «بغض النظر عن وضع العرض والعجز العام المقبل، فإن العودة إلى مستويات متوسط الخمس سنوات، ليست واردة على المدى القريب».
وفي غرب أفريقيا، تُعدّ الأشهر الثلاثة المقبلة بالغة الأهمية. فبعد موسم الأمطار الذي امتد من أبريل إلى يونيو، تدخل قرون الكاكاو الآن مرحلة النمو القصوى. وقد ساعدت أمطار يونيو الغزيرة في تخفيف المخاوف قبيل شهر يوليو الجاف، لكن إذا استمرت الأجواء القاحلة خلال أغسطس، فقد تتدهور التوقعات، بحسب إيما سانيغ، محللة في «ماركس».
برزت الكاميرون كنقطة مضيئة وسط التراجع الإقليمي، إذ يُتوقع أن يرتفع إنتاجها من الكاكاو بنسبة 12 %، ليصل إلى 300 ألف طن، وفقاً لمجلس الكاكاو والقهوة المهني في البلاد.
الإكوادور تهدد هيمنة أفريقيا
أما في أماكن أخرى، فالصورة أكثر قتامة. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يتراجع إنتاج نيجيريا من الكاكاو بنسبة 11 %، ليبلغ 305 آلاف طن في موسم 2025-2026، انخفاضاً من تقديرات بـ 344 ألف طن للموسم الحالي، الذي ينتهي في سبتمبر.
قال مفوتاو أبولارينوا رئيس رابطة الكاكاو في نيجيريا، إن التغيرات المناخية أدت إلى تأخر هطول الأمطار الأساسية، فيما تسبّبت الرياح القوية في إتلاف الأزهار الطازجة، وثمار الكاكاو الصغيرة، ما قلّص عدد القرون التي كان يمكن أن تسهم في حجم الإنتاج.
حتى في حال تحسن الإنتاج في المنطقة، فإن الانطلاقة ستكون من قاعدة منخفضة، بعد موسمين ضعيفين. ووفقاً لتريسي ألين من «جيه بي مورغان»، فإن هذا الوضع يُهدّد هيمنة غرب أفريقيا على السوق العالمية، في وقت تواصل فيه دول مثل الإكوادور توسيع إنتاجها.
