تدرس الأمم المتحدة، مراجعة دورها في ليبيا بما يساعد على كسر حالة الجمود السياسي، ويعيد العمل في التوصل إلى حل للأزمة المتفاقمة في البلاد بأبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

وأكد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، على أهمية أن تنسجم أدوار البعثة الأممية مع تطلعات الشعب الليبي في دعم الاستقرار، وتحفيز العملية السياسية، ومعالجة التحديات الاقتصادية والأمنية، بما يعزز سيادة الدولة واستقلال قرارها.

وشدد خلال لقائه مع فريق المراجعة الاستراتيجية التابع للأمم المتحدة، برئاسة الأمين العام المساعد، دانييلا كروسلاك، على ضرورة التنسيق بين مختلف الأطراف المؤثرة في المشهد الليبي لطرح رؤية مجدية للحل تنبني على ثوابت المصالحة والشراكة والوحدة الوطنية وسيادة الدولة.

وفي اجتماع مع الفريق الأممي، بحث عضوا المجلس الرئاسي، موسى الكوني، وعبدالله اللافي، تقييم أداء البعثة خلال السنوات الماضية، والتحديات التي تواجه عملها في ظل التعقيدات السياسية الراهنة، وأكدا أهمية إرساء مبدأ المساءلة في عمل البعثة، مع ضرورة تطوير أدائها بما يتوافق مع خصوصية المشهد الليبي، بعيداً عن الأساليب التقليدية التي لم تحقق حلولاً مستدامة، مشددين على ضرورة اعتماد خطط واقعية تتناسب مع السياق الليبي، تعزز سيادة الدولة ووحدتها الوطنية، مع التركيز على جعل ليبيا أولوية قصوى في أجندة الأمم المتحدة.

بدوره، أشار رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، إلى أهمية أن تلتزم المبادرات الأممية بالحساسية اللازمة تجاه الظروف المحلية، والعمل على دعم مؤسسات الدولة وتمكينها لتأدية مهامها وسط الظروف المعقدة التي تمر بها ليبيا، وعرض رؤية حكومته التي تركز على إنهاء المرحلة الانتقالية عبر الانتقال المباشر إلى انتخابات شاملة، باعتبارها السبيل الأنسب لتجديد الشرعية وتحقيق الاستقرار السياسي، معبراً عن دعم واسع من الشعب الليبي لهذا الخيار، مجدداً التأكيد على استمرار التعاون البناء مع البعثة الأممية وكل الشركاء الدوليين، بهدف تعزيز الاستقرار الوطني وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب وتنهي فترة الانتقال.

وأكد رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، أهمية دعم الجهود الرامية إلى معالجة التحديات الاقتصادية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وحماية المال العام، وتناول خلال اجتماع مع فريق المراجعة الاستراتيجية للبعثة، القرارات الأممية المتعلقة بتجميد الأموال الليبية في الخارج وأثره في حماية الاستثمارات السيادية، مع التأكيد على ضرورة إجراء تعديلات فنية مدروسة عليها تمنح مزيداً من المرونة في إدارة الأصول وتفادي الخسائر، مشدداً على أهمية تحريك المسار الاقتصادي، خصوصاً فيما يتعلق بتوحيد الميزانية والتوزيع العادل للموارد، باعتبار ذلك عنصراً حاسماً لضمان نجاح العملية السياسية وتحقيق استقرار شامل.

كما أثنى على دور بعثة الأمم المتحدة في تقديم الدعم الفني للمؤسسات السيادية، والمساهمة في الحفاظ على استقلاليتها وتعزيز قدرتها على أداء وظائفها الرقابية في بيئة مستقرة وشفافة، مشدداً على أن استمرارية هذه المؤسسات تمثل ركيزة أساسية للدولة وضمانة للحوكمة والمساءلة.

دعوات مراجعة

ودعت كتلة التوافق الوطني بمجلس الدولة، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لإجراء مراجعة شاملة وإعادة هيكلة جديدة للبعثة الأممية للدعم في ليبيا، معتبرة أن دور البعثة لم يعد فاعلاً في حلحلة الأزمة السياسية.

وقالت في بيان، إن عدداً من الفاعلين السياسيين لاحظوا وجود ميل واضح لدى البعثة لإدارة الأزمة الليبية بدلاً من السعي إلى حلها، ما أدى إلى تعقيد المشهد أكثر بدلاً من الدفع نحو الاستقرار، واعتبرت أن المسارات والمبادرات التي تطرحها البعثة توصف بأنها غير ناضجة، مشيرة إلى وجود تضارب في المصالح والأجندات داخل مكونات البعثة نفسها، ما يعرقل التقدم نحو تسوية شاملة.

استراتيجيات

وطالب عدد من أعضاء مجلس النواب، الفريق الأممي، بوضع استراتيجيات واضحة تسهم في دعم الاستقرار عبر المؤسسات الليبية القائمة، مشددين على ضرورة تقييم أداء البعثة وتحديد أدوارها المستقبلية، بما يتماشى مع تطلعات الليبيين.

وقال الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق: إن اللقاء ناقش سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، ومراجعة مساهمة الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية، إلى جانب التأكيد على أهمية التنسيق والتشاور المستمر في دعم مسارات الانتقال السياسي من خلال المؤسسات الليبية الرسمية.

وأكدت أوساط ليبية، أن نشاط الفريق الأممي يأتي في سياق الإعداد لخطة الحسم في اتجاه الحل بعد سنوات العجز والفشل وتشتت الجهود، وأن هناك توافقاً دولياً على دعم جهود الفريق بما يتيح له بلورة مقترحات جديدة لبلورة صورة الوضع النهائي بعد 15 عاماً من الصراع.