عاد ملف الضمانات الأمنية ليحتل صدارة النقاش الدولي، خصوصاً بعد تصريح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تخلي بلاده عن حلمها الإستراتيجي في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كحل وسط لإنهاء الحرب مع روسيا. وتفيد التقارير بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يدرسون ضمانات أمنية لأوكرانيا تكون «شبيهة بالمادة 5» للناتو، حيث لن يجعل هذا الإطار المقترح أوكرانيا عضواً في حلف الناتو، ولكنه قد يقدم التزامات دفاعية مصممة خصيصاً من قبل الدول المشاركة ويبدو أن هناك ترتيباً شبه قانوني بموجب المادة الخامسة يستعير مفهوم الدفاع الجماعي هذا لتطبيقه خارج نظام معاهدات الناتو.
المادة الخامسة من ميثاق تأسيس «الناتو» تنص على مبدأ الدفاع الجماعي، حيث يعد أي هجوم على أحد الأعضاء بمثابة هجوم على جميع الدول الأعضاء في الحلف، البالغ عددها 32 دولة. وتعد عضوية الناتو هدفاً استراتيجياً لأوكرانيا، وهو ما ينص عليه دستور البلاد.
لابد من الإشارة إلى أن تفعيل تلك المادة ليس تلقائياً، ولا يؤدي بالضرورة إلى إعلان حرب، بل تترك لكل دولة عضو حرية تحديد نوع الدعم الذي تقدمه، سواء كان عسكرياً أو دبلوماسياً أو اقتصادياً.
واستعملت هذه المادة مرة واحدة في تاريخ الحلف، عقب هجمات 11 سبتمبر 2011 على الولايات المتحدة، إذ نشرت قوات تابعة للحلف في أفغانستان، لتكون أول مرة تنتشر فيها قوات الناتو خارج أراضي دول الحلف.
جدل
ويسود جدل حول فكرة «الضمانات الأمنية» التي تطالب بها كييف لإعلان الحياد، بين من يرى فيها «نصراً مؤازراً» قابلاً للتحقيق، وآخرين يرونها «خسارة فادحة»، وخيبة أمل بعد إجهاض الأمل في عضوية «الضامن المدافع»، حلف شمال الأطلسي «ناتو»، ويؤكد محللون إن أي «قوة طمأنة» مستقبلية سيوفرها «تحالف الراغبين» يجب أن تحظى بتدخل من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي لطالما رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الالتزام به، إلا أنه قد يقبل ذلك كحل وسط عبر رضوخ كييف مطلبه وقبول عدم الانضمام للناتو، فيما قد تقبل روسيا بضمانات أمنية أمريكية لأوكرانيا مقابل الاعتراف الرسمي بالأراضي التي احتلتها، ما يعني عملياً تقسيم أوكرانيا على المدى الطويل، وعدم وجود قوات لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، وعدم انضمام أوكرانيا إلى الحلف فإن تحالف «الراغبين» سيتعزز بالقوة الأمريكية، لكن يعد تأمين المجال الجوي الأوكراني أحد الخيارات المرجحة في هذا الصدد. ويمكن تحقيق ذلك عبر تمركز طائرات في قواعد جوية موجودة في بولندا أو رومانيا المجاورتين، وبمشاركة الولايات المتحدة.
حذر
ويشعر الأوكرانيون بالحذر من الوعود الغامضة بعد مذكرة بودابست لعام 1994، والتي قدمت «ضمانات» أمنية مقابل تخلي أوكرانيا عن الأسلحة النووية التي ورثتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وناقش ترامب قبل أسابيع والقادة الأوروبيين ضمانات أمنية محتملة لأوكرانيا خارج حلف شمال الأطلسي، ولكن على غرار «المادة الخامسة» للحلف، بعدما وضع أمام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ثلاث لاءات واضحة: لا عودة لشبه جزيرة القرم، لا انضمام لأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ولا نشر لقوات أمريكية على الأراضي الأوكرانية.
حلف الناتو
ووقعت 12 دولة مؤسسة، هي الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، و8 دول أوروبية أخرى، معاهدة شمال الأطلسي عام 1949، متعهدين بحماية بعضهم البعض بالوسائل السياسية والعسكرية، وعلى مر العقود منذ ذاك الحين، نما الحلف ليشمل إجمالي 30 عضواً.
والدول هي: ألبانيا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، جمهورية التشيك، الدنمارك، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، أيسلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبرج، الجبل الأسود، هولندا، مقدونيا الشمالية، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة.
