في تطور مثير هزّ الأوساط السياسية الأمريكية، نفت النائبة الجمهورية المستقيلة حديثاً، مارجوري تايلور جرين (MTG)، وبشكل قاطع، التكهنات التي أشارت إلى أنها تخطط للترشح للبيت الأبيض في عام 2028. جاء هذا النفي العنيف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليرد على تقرير صدر عن مجلة تايم زعم أن النائبة السابقة فكرت في هذا الاحتمال سراً بحسب نيويورك بوست.

بعد إعلان استقالتها الصادم ليلة الجمعة، والذي يسري مفعوله في 5 يناير، ردت جرين (51 عاماً) على تقرير تايم الذي استشهد بمصادر مقربة منها ليزعم تفكيرها في سباق الرئاسة.

كتبت جرين على منصات التواصل الاجتماعي: «أنا لا أترشح للرئاسة ولم أقل أبداً إنني أريد ذلك ولم أضحك إلا على ذلك عندما ذكره أي شخص... هذه كذبة كاملة، وقد اختلقوها لأنهم لا يستطيعون حتى ذكر أسماء الأشخاص الذين يزعمون أنهم قالوا ذلك. هذه ليست صحافة، بل كذب».

لم تكتفِ جرين بالرد على التقرير، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، متهمةً «المجمع الصناعي السياسي» بخداع الناس بنشر عناوين هدفها «جعل الناس يصابون بالذهان» لتحقيق أجندات خفية.

يربط محللون قرار استقالة جرين المفاجئ بسلسلة من الخلافات المتكررة مع الرئيس ترامب، والتي بلغت ذروتها مؤخراً بسبب ملفات جيفري إبستين. فيما دعت جرين إلى نشر ملفات إبستين كاملة، الأمر الذي أغضب ترامب، فسحب دعمه لترشحها لولاية أخرى في مجلس النواب، واصفاً إياها بـ«المجنونة» و«الغريبة».

الدافع الانتقامي

وصف مساعد جمهوري في مجلس النواب إعلان استقالة جرين بأنه خطوة «انتقامية» متعمدة. تهدف هذه الخطوة إلى «إفساد» الأغلبية الجمهورية الضئيلة في مجلس النواب، التي تقف حالياً عند 219 مقابل 213 (مع ثلاثة مقاعد شاغرة).

أشار هذا المساعد إلى أن «MTG غادرت قبل أن تفعل بيلوسي»، في إشارة إلى رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي التي أعلنت عدم سعيها لولاية أخرى، ما يضفي طابعاً تنافسياً على توقيت القرار.

فيما قدمت غرين تحليلاً صريحاً لسبب عدم رغبتها في خوض سباق الرئاسة، موضحة أن العملية السياسية تتطلب ثمناً باهظاً مقابل مكاسب ضئيلة.

ثمن باهظ

لخصت غرين العملية الرئاسية في أنها تتطلب السفر في جميع أنحاء البلاد، والتوسل للحصول على التبرعات طوال اليوم كل يوم لجمع مئات الملايين من الدولارات، والجدال حول نقاط الحديث السياسية كل يوم حتى الإرهاق، وتدمير صحتك وعدم وجود حياة شخصية...

أكدت النائبة السابقة أن النقطة المحورية في رفضها هي الشعور بالعجز بعد كل هذا العناء: إن حقيقة أنني سأضطر إلى المرور بكل ذلك ولكنني سأكون محرومة تماماً من إصلاح أي شيء حقاً هي السبب الدقيق وراء عدم قيامي بذلك أبداً.

بينما تغادر جرين مجلس النواب بضجة، يبقى السؤال معلقاً حول ما إذا كانت هذه الاستقالة تمثل نهاية طموحاتها السياسية أم مجرد تغيير في مسارها بعيداً عن النظام الذي تصفه بالمعطّل.

نقاط خلافية مع ترامب

أبرز نقاط الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومارجوري تايلور جرين يدور حول ملفات إبستين، ولكنه لم يكن النقطة الوحيدة حيث صعدت جرين من مطالبتها بضرورة النشر الكامل لوثائق وزارة العدل المتعلقة بالملياردير المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين وشركائه، حتى إنها شاركت في حملات ضغط لتمرير قانون شفافية ملفات إبستين.

وشعرت جرين بالخيانة بعدما اكتشفت أن ترامب لم يكن ملتزماً بوعده بنشر كامل الملفات، رغم تأكيده في البداية أنه لا يخفي شيئاً. اشتد الخلاف حين اتهم ترامب جرين بأنها مجنونة تهذي وسحب دعمه لها علناً، ملمحاً إلى أنه سيدعم منافساً لها في الانتخابات التمهيدية. وردت جرين بضراوة، مؤكدة أنها دعمته بمالها ووقتها، لكنها لا تعبد ترامب، وتساءلت عن طبيعة الضغوط التي تمنعه من نشر الملفات.

أمريكا أولاً

بدأت شرارة الخلاف تظهر قبل قضية إبستين، عندما انتقدت جرين تركيز ترامب المتزايد على القضايا العالمية على حساب القضايا الداخلية، معتبرة أنه يبتعد عن جوهر أجندة أمريكا أولاً التي يرفعها. وأعربت جرين عن اعتراضها على حزم المساعدات الخارجية، وخاصة التمويل الأمريكي للصراعات والحروب في الخارج (مثل أوكرانيا)، مشيرة إلى أن ترامب يركز على الأجندة العالمية بدلاً من ارتفاع الأسعار محلياً.

وصفها ترامب علناً بالمجنونة، والخائنة، والعشب المتعفن، مشيراً إلى أنها فقدت طريقها وتستحق أن تواجه منافساً قوياً بدعمه في الانتخابات التمهيدية. ردت جرين باتهام ترامب بمهاجمتها والكذب عليها، وقالت إن وصفه لها بالخائنة قد يدفع بعض مؤيديه إلى التطرف ضدها، ما يعرض حياتها للخطر. وقد ذكرت في فيديو استقالتها أنها ترفض أن تكون زوجة تتعرض للضرب في هذا الزواج السياسي.