شهدت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك تصعيداً لافتاً، تحوّل من خلاف حول مشروع قانون اقتصادي إلى تبادل علني للاتهامات الشخصية، ما ينذر بانفجار صراع سياسي واقتصادي بين اثنين من أبرز الشخصيات نفوذاً في الولايات المتحدة.

وخلال لقائه بالمستشار الألماني فريدريش ميرتس في البيت الأبيض، سُئل ترامب عن انتقادات ماسك لمشروع قانونه الاقتصادي الجديد، فأجاب بأنه يفضل أن ينتقده ماسك شخصياً على أن ينتقد مشروع القانون، إلا أن هذه الملاحظة لم تمر مرور الكرام، إذ سارع ماسك إلى الرد عبر منصته "إكس" (تويتر سابقاً)، بتغريدات متتالية اتّسمت بنبرة هجومية تصاعدت تدريجياً.

وفي أحدث ردود ماسك، أيّد دعوة أحد المستخدمين لعزل ترامب من منصبه، مكتفياً بكلمة: "نعم"، هذا التطور دفع ترامب إلى الرد بعنف عبر منصته "تروث سوشيال"، فيما بدا أنه بداية قطيعة بين الرجلين، اللذين كانا قد شكلا تحالفاً سياسياً مصلحياً العام الماضي، وفق ما نشرته cnn.

ماسك يربط ترامب بملف إبستين

في واحدة من أكثر تصريحاته إثارة للجدل، اتهم ماسك إدارة ترامب بالتكتم على معلومات تتعلق بالممول الراحل جيفري إبستين، زاعماً أن السبب يعود إلى ورود اسم ترامب في تلك الملفات.

وقال: "حان وقت قذف القنبلة: ترامب موجود في ملفات إبستين، وهذا هو السبب الحقيقي لعدم نشرها". ولم يقدم ماسك دليلاً على صحة هذا الادعاء.

المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، وصفت مزاعم ماسك بأنها "مؤسفة"، مشيرة إلى أن ماسك غاضب لأن مشروع القانون لا يتضمن السياسات التي كان يطمح إليها.

ماسك: أنا من أنقذ ترامب انتخابياً

واستهدف ماسك أهم ما يعتز به ترامب وهو انتصاراته الانتخابية، فبعد أن قال ترامب إنه كان سيفوز بولاية بنسلفانيا دون دعم ماسك، رد الأخير قائلاً: "لولاي لخسر ترامب الانتخابات، ولأصبح الديمقراطيون يسيطرون على مجلس النواب ولتفوقوا في مجلس الشيوخ".

وأضاف: "يا له من نكران للجميل".

ترامب يتهم ماسك بالدفاع عن مصالحه التجارية

وفي ردّه على انتقادات ماسك لمشروع القانون، ألمح ترامب إلى أن دوافع ماسك شخصية، تتعلق بمصالحه في شركة "تسلا"، قائلاً إن ماسك "لم يُبد أي اعتراض على القانون إلى أن علم بأننا سنقلص الحوافز الممنوحة للسيارات الكهربائية".

ووصف ردة فعل ماسك بـ"الجنون".

ماسك لم يتأخر في الرد، مطالباً بالإبقاء على تقليص الحوافز، شرط التخلص من "جبل الإنفاق المقزز" الذي تضمنه القانون، حسب تعبيره، كما استشهد بتصريحات سابقة لترامب قال فيها إن ماسك "لم يطلب مني شيئاً أبداً".

ماسك يتحدى ترامب ويهدد بعواقب طويلة الأمد

وفي مؤشر على أن المواجهة قد تتحول إلى صراع نفوذ طويل الأمد، كتب ماسك: "ترامب لديه 3.5 سنوات فقط كرئيس، أما أنا فباقٍ لأكثر من 40 سنة"، كما هاجم ترامب ضمنياً من خلال إعادة نشر تصريح للنائب الجمهوري توماس ماسي، الذي اتهم بعض السياسيين بالسعي للثراء من خلال مناصبهم.

ترامب يلوّح بقطع العقود الفيدرالية مع شركات ماسك

ولم يتوقف التصعيد عند هذا الحد، إذ لمح ترامب إلى إمكانية إنهاء العقود الفيدرالية مع شركات ماسك، مشيراً إلى أن ذلك قد يحقق وفورات في الميزانية، فرد ماسك متحدياً: "افعلها... أسعدني بذلك"، ثم أعلن لاحقاً نيته البدء في تفكيك إحدى مركباته الفضائية، في إشارة رمزية إلى قطع التعاون.

إلى أين تتجه الأمور؟

عادةً ما ينجح ترامب في احتواء خلافاته السياسية، حتى مع الخصوم، لكنه هذه المرة يواجه شخصية ذات نفوذ مالي وشعبي كبير، لا تبدو مستعدة للتراجع. ومع تمسّك الطرفين بمواقفهما، يبدو أن المعركة قد تكون طويلة ومليئة بالمفاجآت.