تسود حيرة لدى الخبراء والحكومات على السواء إزاء ما قصده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما أعلن الخميس أنه "بسبب برامج الاختبار التي تقوم بها دول أخرى، وجّهتُ وزارة الحرب ببدء اختبار أسلحتنا النووية على قدم المساواة".

يمثل إعلان ترامب تراجعاً عن عقود من السياسة النووية الأميركية، وقد تكون له عواقب بعيدة المدى على العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة. إلا أن منشوره لم يتضمن تفاصيل حول طبيعة هذه الاختبارات أو توقيتها. يُذكر أن آخر تجربة نووية أجرتها الولايات المتحدة كانت عام 1992، قبل أن يفرض الرئيس جورج بوش الأب حظراً على هذه التجارب مع نهاية الحرب الباردة.

وفي المحصلة، أثار إعلان ترامب قلقاً واسعاً بين خبراء مراقبة الأسلحة النووية، الذين اعتبروه خطوة تصعيدية وغير ضرورية وأن واشنطن لا تملك أي سبب تقني أو عسكري أو سياسي لاستئناف التجارب النووية.

تقنياً، الوكالة الوطنية للأمن النووي غير مهيأة لإجراء تجارب حالياً، وستحتاج إلى 36 شهراً على الأقل لاستئناف التفجيرات المحدودة تحت الأرض في موقع نيفادا السابق، وفق تقرير لوكالة فرانس برس. 

وفي محاولة لتفسير المقصد الفعلي لدونالد ترامب، طرح خبراء ثلاث فرضيات رئيسية، تراوح بين رد الفعل على الابتكارات العسكرية الروسية الأخيرة وإعلان استئناف التجارب مستقبلا ما من شأنه إدخال العالم في عصر نووي جديد.

الفرضية الأخيرة تتمثل في استئناف الاختبارات الفعلية. ولطالما رغب مُؤيدو ترامب في استئناف الاختبارات، والفائدة الوحيدة ستكون سياسية، وتهدف إلى الدفع نحو مفاوضات مع الروس والصينيين سعيا للتوصل إلى اتفاقية ثلاثية للحد من الأسلحة.

موسكو: لسنا من بدأ

جاء إعلان ترامب بعد أيام من إعلان روسيا أنها اختبرت بنجاح صاروخاً يعمل بالطاقة النووية من طراز Burevestnik وطوربيداً ضخماً يُعرف باسم Poseidon، وهما نظامان قادران على حمل رؤوس نووية. لكن بيسكوف أوضح أن هذه ليست «اختبارات نووية» بالمعنى الحرفي، قائلاً: «إذا كان يقصد اختبارات بوريفيستنيك، فهذه ليست تجارب نووية. جميع الدول تطور أنظمتها الدفاعية، لكن هذا لا يعني إجراء تفجيرات نووية». «أود أن أذكّر بتصريح الرئيس بوتين المتكرر: إذا تراجع أحد عن التجميد (الموريتوريوم)، فإن روسيا ستتصرف بالمثل».

رد الفعل الصيني

قال غو جياكون، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن بلاده تأمل أن تلتزم الولايات المتحدة فعلياً بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وأن «تتخذ إجراءات ملموسة للحفاظ على نظام نزع السلاح ومنع الانتشار النووي».

من جانبه، قال لايل موريس، خبير الشؤون العسكرية الصينية في «معهد سياسة آسيا»، إن الإعلان «جاء من العدم»، مضيفاً أن الصينيين تفاجأوا تماماً بالإعلان قبيل القمة، ما جعله «تشتيتاً غير مرغوب فيه» في وقت حساس دبلوماسياً، وفق تقرير لشبكة سي إن إن. 

السياق العالمي والاتفاقيات

منذ عام 1945، أجري أكثر من 2000 اختبار نووي حول العالم، لكن معظم الدول توقفت عن التجارب في تسعينيات القرن الماضي. كانت الصين آخر من أجرى تجربة عام 1996، وروسيا عام 1990، في حين كانت كوريا الشمالية الاستثناء الوحيد عام 2017.

تُعد الولايات المتحدة وروسيا والصين موقّعة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لعام 1996، التي تحظر أي «تفجير نووي عسكري أو مدني». غير أن المعاهدة لم تدخل حيّز التنفيذ بعد لأن بعض الدول، بينها الولايات المتحدة، لم تصدّق عليها رسمياً.