بعد ليلة ساخنة تدميرية في إسرائيل وإيران، واستمرار التهديدات المتبادلة بالتصعيد والتي تنذر بالتحول إلى مواجهة شاملة، أكد العديد من زعماء المنطقة ومسؤوليها ضرورة وقف التصعيد والعودة لمسار المفاوضات التي تجري بوساطة سلطنة عمان، والتي أعلنت أمس عن توقفها.
وقال وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي: «إن المحادثات التي كان مخططاً لها بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني لن تجري بعد استهداف إسرائيل لإيران».
وجاء التصريح بعدما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: «إن المحادثات غير مبررة، وسط الهجمات المستمرة».
وكتب البوسعيدي: «إن المحادثات الإيرانية الأمريكية التي كان مقرراً أن تنعقد (اليوم) في مسقط لن تجرى الآن. لكن الدبلوماسية والحوار يظلان السبيل الوحيد للسلام الدائم».
وفي واشنطن، أكد مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة لا تزال تريد إجراء مباحثات مع إيران، وذلك رغم إعلان طهران أمس أن «لا معنى» لمشاركتها في محادثات كانت مقررة مع واشنطن اليوم الأحد في ظل الضربات الإسرائيلية. وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه: «لا زلنا نأمل في إجراء المباحثات مع طهران».
واتهمت إيران إسرائيل بتقويض المباحثات. وقال عراقجي خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف: «إن الهجوم الإسرائيلي على إيران الذي أتى في خضم مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة مؤشر إضافي على العدائية الدفينة للنظام الإسرائيلي».
وأبلغ لافروف نظيره الإيراني أن موسكو تندد باستخدام إسرائيل للقوة ضد إيران، وأكد استعدادها للمساعدة في تهدئة الوضع في الشرق الأوسط. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: إن موسكو مستعدة لمواصلة العمل على حل القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
بوتين وترامب
ونقلت وكالات أنباء روسية عن يوري أوكاشوف كبير مستشاري الكرملين للسياسة الخارجية قوله: «إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ناقشا المواجهة الجارية بين إيران وإسرائيل في مكالمة هاتفية جديدة أمس».
وأضاف أوكاشوف أن بوتين ندد بالهجمات الإسرائيلية على إيران، وأن الزعيمين لم يستبعدا العودة إلى المناقشات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأبلغ ترامب بوتين بأن المفاوضين الأمريكيين مستعدون لاستئناف العمل مع ممثلي إيران.
وبحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، هاتفياً، الأوضاع الإقليمية والتصعيد الإسرائيلي الجاري في المنطقة. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي بأن السيسي وأردوغان شددا على ضرورة الوقف الفوري للأعمال العسكرية، والعودة إلى المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد للوصول إلى حل سلمي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد حذر أمس، من خطر اندلاع «حرب مدمّرة» بين إسرائيل وإيران، خلال اتصال مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب ما أفادت أنقرة. وقالت الرئاسة التركية في بيان: إن «الرئيس إردوغان اعتبر خلال المحادثة أن منطقتنا لا يمكنها تحمّل أزمة جديدة، وأن حرباً مدمّرة قد تسبب موجات من الهجرة غير النظامية نحو كل دول المنطقة».
ودعا الرئيس التركي أيضاً إلى «وقف» إسرائيل التي تشكل «التهديد الرئيس لاستقرار المنطقة وأمنها» معتبراً أن الملف النووي الإيراني «لا يمكن حله إلا من خلال مواصلة التفاوض».
إشعال وإفشال
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أبلغ نظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال اتصال هاتفي أمس، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحاول إشعال المنطقة، وإفشال المحادثات النووية من خلال الهجمات على إيران.
وذكر مكتب أردوغان في بيان، أن الرئيس التركي أبلغ بزشكيان أيضاً بأن هجمات إسرائيل على إيران تهدف إلى صرف الانتباه عما وصفه بالإبادة الجماعية في غزة.
وأكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإيراني عباس عراقجي دعم بلاده لطهران في «الدفاع عن حقوقها المشروعة»، كما عبر لنظيره الإسرائيلي جدعون ساعر في اتصال آخر عن معارضة بكين للهجوم على إيران.
وقالت الخارجية الصينية في بيان إن يي قال لعراقجي: إن الصين ستدعم طهران «في الدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة».
ووسعت إسرائيل استهدافتها في إيران، مستهدفة قطاع الطاقة. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن إسرائيل شنت هجوماً بطائرة مسيرة استهدف إحدى المنشآت في حقل بارس الجنوبي للغاز في محافظة بوشهر جنوبي إيران.
وذكرت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء أن «إسرائيل استهدفت المرحلة الـ 14 من حقل بارس الجنوبي للغاز (في مدينة كنغان بمحافظة بوشهر جنوبي إيران)»، مشيرة إلى أنه نتيجة لهذا الهجوم، «اشتعلت النيران في أجزاء من هذه المرحلة، وقامت فرق الإطفاء بإخماد الحريق الذي نشب إثر الهجوم».
كما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بتعرض ميناء بوشهر لهجوم إسرائيلي. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بتعرض قاعدة عسكرية جوية في محافظة همدان لهجومين صاروخيين، موضحة أن إسرائيل استهدفت ثكنة عسكرية في محافظة كرمانشاه غربي إيران.
وقالت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء: إن «قاعدة «نوجه» الجوية في محافظة همدان تعرضت لاعتداءين صاروخيين حتى الآن». كما أضافت أن انفجاراً وقع في ثكنة «الإمام الحسن» العسكرية في محافظة كرمانشاه جراء هجوم إسرائيلي.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إن أربعة أبنية حيوية في موقع أصفهان النووي في إيران تضررت جراء هجوم الجمعة، منها منشأة لمعالجة اليورانيوم وأخرى لتصنيع صفائح الوقود النووي. وأضافت الوكالة عبر منصة إكس: «مثلما هو الحال في نطنز، ليس من المتوقع زيادة في الإشعاع خارج الموقع».
تهديد متبادل
في غضون ذلك، تبادلت إيران وإسرائيل التهديدات برفع منسوب المواجهة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم: إن الضربات الإسرائيلية أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء، ربما لسنوات، ورفض الدعوات الدولية لضبط النفس قائلاً: إنه سيتم تكثيف الهجوم.
وأضاف نتانياهو «ما شعروا به حتى الآن لا يقارن بما سيحدث لهم في الأيام المقبلة». وأردف قائلاً: إن الجيش يدمر الآن قدرة إيران على تصنيع الصواريخ الباليستية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان «إذا استمر المرشد الإيراني علي خامنئي في إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فستحترق طهران».
ودوت صفارات الإنذار في إسرائيل ما دفع السكان للفرار إلى الملاجئ مع وصول 7 موجات متتالية من الصواريخ الإيرانية، وانطلاق صواريخ لاعتراضها في هجمات أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات الليلة قبل الماضية.
وتوعد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسرائيل بـ«رد أقوى» في حال واصلت ضرباتها على إيران. ونقلت الرئاسة الإيرانية في بيان عن بزشكيان قوله، خلال اتصال مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف: إن استمرار إسرائيل «سيلقى رداً أشد وأقوى من القوات المسلحة الإيرانية».
وقال الجيش الإيراني: إنه سيطلق «نحو 2000 صاروخ تجاه إسرائيل في الهجمات المقبلة»، متوعداً بالقول: «هجماتنا الصاروخية على إسرائيل ستكون 20 ضعف حجم سابقاتها». وقال الحرس الثوري الإيراني إن «العملية ضد إسرائيل ستستمر ما دام ذلك ضرورياً».
