أكدت جيلكا تسيفانوفيتش، رئيسة مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، خلال جلسة حوارية، ضمن أعمال اليوم الثاني للقمة العالمية للحكومات 2025، أنه رغم التحديات السياسية تواصل البوسنة والهرسك تطوير اقتصادها عبر الصناعة، الزراعة، والخدمات، وسلطت الضوء على النظام السياسي والاقتصادي في بلادها، والتحديات التي تواجهها، وأهمية الاستقرار السياسي في جذب الاستثمارات، وتعزيز التنمية.

وأعربت جيلكا تسيفانوفيتش في بداية حديثها عن تقديرها لدولة الإمارات على التنظيم المتميز للقمة، مشيرة إلى أهمية هذا الحدث، الذي يجمع نخبة من القادة وصناع القرار لمناقشة القضايا العالمية الحيوية.

وأوضحت فخامتها أن النظام السياسي في البوسنة والهرسك يعتمد على مبدأ الرئاسة الثلاثية، التي تضم ممثلين عن البوشناق والكروات والصرب، حيث يتناوب الأعضاء على رئاسة الدولة لمدة ثمانية أشهر لكل منهم، وقالت: «قد يبدو الأمر معقداً، لكنه في الواقع نظام واضح المعالم بمجرد فهم آلياته الدستورية، وآلية توزيع السلطات بين الأطراف المختلفة، حيث يحدد الدستور المسؤوليات السياسية، والاقتصادية، والسياسات الخارجية».

وأوضحت جيلكا تسيفانوفيتش أن البوسنة والهرسك تتألف من كيانين رئيسيين: جمهورية صربسكا واتحاد البوسنة والهرسك، الذي ينقسم بدوره إلى 10 كانتونات، وأن لكل كيان في البلاد مسؤولياته الخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد، والبنية التحتية، وقطاع الطاقة، والتعليم، والرعاية الصحية، وغيرها من المجالات الحيوية. وأضافت: «رغم ذلك، هناك سوق اقتصادي مشترك بين الكيانين، حيث يتم تنظيم الأعمال التجارية، وإنشاء الشركات، وتطوير البنية التحتية، وفقاً لأنظمة واضحة توفر بيئة ملائمة للمستثمرين».

وفيما يتعلق بتحديات اتخاذ القرار في ظل نظام الرئاسة الثلاثي، أوضحت جيلكا تسفيانوفيتش أن القرارات في بعض القطاعات، مثل الدفاع والسياسة الخارجية تتطلب توافقاً بين الأعضاء الثلاثة للرئاسة، وقالت: «قد يؤدي ذلك أحياناً إلى تأخير بعض القرارات، لكنه في النهاية يضمن تحقيق توافق واسع بين جميع المكونات السياسية».

وأكدت تسيفانوفيتش أن اقتصاد البوسنة والهرسك يتمتع بتنوع كبير بين الصناعة، الزراعة، والخدمات، مشيرة إلى أن الاستثمارات في البلاد تعتمد بشكل أساسي على توافق الكيانين الرئيسيين: جمهورية صربسكا واتحاد البوسنة والهرسك، الذي يضم 10 كانتونات، تتمتع بنظام لامركزي، وشددت على أن هذا النموذج السياسي، رغم تعقيده الظاهري يوفر بيئة مستقرة للأعمال، حيث تحدد المسؤوليات الاقتصادية والإدارية بوضوح، وفقاً للدستور.

وأوضحت أن المسؤوليات الاقتصادية الرئيسية، مثل البنية التحتية، الطاقة، التعليم، المعاشات، والرعاية الصحية، تقع على عاتق الكيانات المحلية، وليس المستوى الفيدرالي، مما يمنح كل كيان صلاحيات واسعة في إدارة شؤونه الاقتصادية، كما أكدت أن البوسنة والهرسك، رغم تقسيمها إلى كيانين، تمتلك فضاء اقتصادياً موحداً يسهل عمليات الاستثمار والتجارة.

تنمية مستدامة

وفي سياق حديثها عن مستقبل التنمية شددت تسيفانوفيتش على أهمية التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الحكومات، لتعزيز التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي، وأكدت أن بلادها تسعى لتعزيز الشراكات الدولية، والاستفادة من التجارب الناجحة في مجالات التكنولوجيا، الاقتصاد الأخضر، والبنية التحتية.

وأكدت أن الاستقرار السياسي يظل العامل الأهم في جذب الاستثمارات، وتعزيز النمو الاقتصادي، مشددة على أن بلادها تعمل على تحقيق توافق سياسي دائم، لضمان استدامة التنمية.

وحول جهود البوسنة والهرسك في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي شددت تسيفانوفيتش على أن بلادها تسير في هذا الاتجاه، وتدفع نحو تحقيق الإصلاحات المطلوبة، مؤكدة أن هناك إجماعاً سياسياً داخل الحكومة حول أهمية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه لا يزال مساراً معقداً، بسبب الإصلاحات والشروط المفروضة.

الفرص الاستثمارية

وفيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية شددت تسيفانوفيتش على أن البوسنة والهرسك توفر فرصاً كبيرة في مجالات مثل الطاقة، البنية التحتية، والصناعة، لكنها غالباً ما تعرض في الإعلام الدولي من منظور سياسي فقط، مما يؤثر سلباً على صورتها الاقتصادية.

وقالت: «في جمهورية صربسكا يمكنك تأسيس شركة خلال 3 أيام فقط، وبتكلفة أقل من 100 دولار، وأحياناً دون الحاجة إلى رأس مال ابتدائي، ولدينا أيضاً تكاليف كهرباء وعمالة منخفضة، فضلاً عن موارد طبيعية غير مستغلة».

وأشارت إلى أن قطاع الطاقة يمثل فرصة هائلة للاستثمار، حيث لم يتم استغلال سوى 30 % من إمكانات الطاقة الكهرومائية في البلاد، ومع ذلك فإن البلاد تصدر فائضاً من الكهرباء، مما يبرز الإمكانات الاستثمارية الكبيرة في هذا المجال. وقالت: «غالباً ما ينظر إلينا فقط من خلال عدسة الخلافات السياسية، لكن الحقيقة هي أن لدينا إمكانات اقتصادية هائلة، لم يتم الترويج لها بالشكل الكافي».