في بيت صغير يخلو من كل مقومات العيش، بلا أثاثٍ ولا طعام، يقف عبد الله وحيداً، يتأمل المارّة وهم يمضون أمامه، وكأنه بمعزل عن الحياة التي تمر أمام ناظِريه يوميا، فيكتفي بالمراقبة والترقب هلعاً وخوفاً وألماً مما انتهى به المطاف.
يتذكر عبد الله عائلته وأصدقاءه وحياته السابقة، ثم لا يلبث يعود إلى الواقع الأليم، ليجد نفسه أسيراً لرفيق واحد لا يفارقه "المخدرات"، هذا الرفيق الذي سلب منه صحته وقوته وعائلته، وأغرقه في ظلام لم يختبره قبلاً.
يتذكر جيداً البداية، حين استصغر موقفاً تمثيلياً أدّاه أمام أحد الأصدقاء، مُدعياً تعاطيه للمخدرات، ليشرع هذا الصديق فوراً بمنحه حبوباً مُخدرة، لم يتردد عبد الله في أخذها منه وخوض التجربة، ومن هنا، ذاق عبد الله حلاوة المخدرات الزائفة والمدمرة، ومرة تلو الأخرى، وقع في فخ الإدمان.
قال عبد الله " كانت البداية التي لم أكن أعرف نهايتها...لكني وجدت نفسي أسيراً للخوف والألم والضياع...ضَعُفَ جَسدي، وتدهورت صحتي، وبت أرى وجوهاً لا وجود لها، وأسمع أصواتاً وهمية، وهلاوس مُرعبة سيطرت على عقلي...كل طرقةِ بابٍ أو خطواتِ أقدامٍ تتراءى إلى أسماعي، كنت أرتعدُ خوفاً من قدوم أفراد الشرطة للقبض علي، بِت وحيداً، هجرني الجميع، وأصبحت منبوذاً وكل من يراني يُشير إلي قائلاً "هذا مُخدّرْجي"، حتى تملكتني الوحدة واليأس، وصار الخوف والهلع رفيقَيْ أنفاسي."
لكن عبد الله، وفي لحظات وعيٍ بين الحين والآخر، كان مُتيقناً أن عليه أن يتوقف، فقد تشبّع جسده بالمخدرات، وباتت حياته على المحك، فإما السجن وإما الموت.
استطرد عبد الله حديثه قائلاً " كان عقلي يبحث عن طوق النجاة، بحثت وبحثت حتى عرفت عن مركز إرادة للعلاج والتأهيل، تواصلت معهم والتقيت بالمختصين فيه، وكانت هذه اللحظة بداية التحول، وبداية مسيرتي نحو التعافي."
واليوم، يفخر عبد الله بأنه "مُتعافٍ" منذ 3 أعوام، بوجهٍ مختلف وقلب نابض بالأمل والحياة، ليكون شاهداً على قوة الإرادة الإنسانية، ورمزاً للشجاعة التي انتصرت على ظلام 12 عاماً من الإدمان. وليروي في بودكاست "مُتعافي" شرطة دبي، الذي تُديره مهرة المرزوقي، كيف نجى مواجهاً أعمق محن حياته، وكيف استطاع أن يرى النور بعد عتمة طويلة، ليصنع لنفسه حياة جديدة عنوانها الأمل والإصرار.
