تشكل التجربة الرائدة التي يقدمها مركز «أمان» لإيواء النساء والأطفال في رأس الخيمة نموذجاً متقدماً في مجال الحماية الاجتماعية، بما يعكس التزام إمارة رأس الخيمة بترسيخ منظومة إماراتية إنسانية شاملة تُعلي من كرامة الفرد وتصون حقوق الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، وتجسد هذه التجربة رؤية الإمارة نحو تعزيز مجتمع متماسك وآمن، يقوم على مبادئ العدالة والتكافل والتمكين، ويضع الإنسان في صميم السياسات التنموية.

وفي ظل تزايد التحديات المرتبطة بجرائم العنف والاتجار بالبشر على مستوى العالم، برز مركز «أمان» كواحد من النماذج الإماراتية الناجحة باعتباره أول مركز من نوعه في الإمارة يقدم خدمات متكاملة ضمن بيئة إنسانية وآمنة تستهدف تقديم الحماية والرعاية وإعادة التأهيل للضحايا، من خلال خدمات متكاملة تستند إلى أطر قانونية ومؤسسية واضحة، وشراكات محلية ودولية داعمة.

وتأسس المركز بموجب مرسوم صادر في 15 فبراير 2017 عن صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، ليكون جهة شبه حكومية مستقلة إدارياً ومالياً، بهدف توفير الحماية والرعاية للفئات المتضررة من النساء والأطفال، حيث يقدم المركز خدماته عبر 5 محاور رئيسية، تبدأ من الإغاثة الفورية للضحايا، والرعاية الصحية والنفسية والقانونية، مروراً بمرحلة إعادة التأهيل التي تشمل برامج تعليمية وتدريبية، وانتهاء بمرحلة المتابعة بعد الإيواء، إضافة إلى جهود توعوية متواصلة في مجال الوقاية من العنف وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان.

ويستند المركز في عمله إلى التشريعات الاتحادية في دولة الإمارات، وعلى رأسها قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وقانون حماية الطفل، كما يرتبط بشبكة من الشراكات مع الجهات القضائية والشرطية والاجتماعية، فضلاً عن التعاون مع منظمات دولية مثل منظمة الهجرة الدولية، وشكلت هذه الشراكات قاعدة صلبة مكنت المركز من الاستجابة بفعالية للحالات الطارئة، والعمل على تأمين حياة كريمة للضحايا، مع ضمان استمرار الدعم حتى بعد مغادرتهم المركز.

ويقدم المركز العديد من الخدمات التي تشمل «الإغاثة» بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، حيث يستقبل ضحايا جرائم الاتجار بالبشر، ويجدون المأوى المؤقت لهم لتلقي الرعاية الضرورية قبل العودة إلى بلدانهم، ويتم ذلك في جو من الود والاهتمام، وذلك باتباع كل التدابير الصحية والنفسية والقانونية اللازمة في مثل هذه الحالات، وكذلك الرعاية، لأن الحالة النفسية للضحايا تكون في غاية الحساسية وتحتاج إلى رعاية نفسية متخصصة وعالية المستوى، ويتم في مركز أمان توفير كل خدمات الرعاية الصحية والنفسية والقانونية للضحايا على يد فريق من الاختصاصيين، وكذلك إعادة التأهيل، مع تواصل الدعم النفسي للضحايا، إذ يتم تنظيم دورات تعليمية وحرفية وترفيهية أيضاً لمساعدتهم على تخطي تجاربهم القاسية والاستعداد للعودة إلى الحياة الطبيعية في بلدانهم.

ويسعى خبراء المركز إلى تجنب أوقات الفراغ القاتلة واستغلالها بما يعود بالنفع على الضحية مستقبلاً، حيث يوفر المركز كل وسائل الترفيه والتعليم والتدريب، وتتمثل أهم مجالات التدريب في تعلم اللغات والمهارات المهنية البسيطة إلى جانب الحرف اليدوية والفنون وغيرها، والمتابعة بعد التأكد من صحة وسلامة الضحية، وبعد قضاء فترة خاصة في إعادة التأهيل والتدريب، يتم التنسيق مع الجهات المعنية في بلدها، واتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة لتحضير إجراءات نقلها إلى هناك، مع مواصلة التنسيق للتأكد من توجيهها إلى مؤسسة متخصصة في رعاية ضحايا الاتجار بالبشر في بلادها لمتابعة إعادة التأهيل وتجنب سقوطها مرة أخرى في شباك المتاجرين بالبشر، إضافة إلى الوقاية، حيث يعمل المركز على نشر الوعي داخل المجتمع الإماراتي، وذلك من خلال خطط ومبادرات ونشاطات محلية ودولية تدعم نشر الوعي ومكافحة هذه الجرائم والوقاية منها.

كما يعمل المركز على تعزيز الوعي لدى الضحايا بضرورة تجنب الوقوع في شباك المتاجرين بالبشر مرة أخرى، وتزويدهم بالمعرفة والوعي الكاملين بخصوص هذه الجريمة.