رصدت مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال عدداً من المؤشرات السلوكية والعاطفية بعد العلاج ببرنامج العلاج النفسي بمساعدة الحيوانات الأليفة خاصة الخيول، حيث ارتفع مؤشر السعادة إلى 90 % وإبداء الاهتمام إلى 80 %.

وأكد عدد من المختصين لـ«البيان» أن العلاج بركوب الخيل من الأساليب المبتكرة التي تسهم في تطوير القدرات النمائية للأطفال في حالات الشلل الدماغي والإعاقة الجسدية والكثير من الاضطرابات النمائية بإحداث قوة في العضلات وسرعة في الاستجابات الحسية والحركية، وزيادة في السيطرة على الجسم وتحسين وضعية الجلوس والوقوف وتوازن الجسم بشكل عام.

ولفتوا إلى أنه يسهم في إرخاء العضلات القاسية والمتشنجة، وزيادة مستوى القدرة على التحمل وتحسين القدرة على تقدير المخاطر، وتطوير التكامل الحسي والمد الحركي وتنمية مهارات التواصل لدى الأطفال المعنفين أو الذين تعرضوا لمواقف قاسية أثرت على شخصيتهم، ودللوا على ذلك بحالة طفل 8 لسنوات كان قبل عام يعاني صعوبة في التواصل اللفظي والبصري، لكنه اليوم بات يطلب الحصان باسمه، وينتظر موعد التدريب بشغف، في رحلة علاجية هادئة فعالة تسمى «العلاج بالخيول».

دور فاعل

وأكدت هيئة تنمية المجتمع بدبي أن البرنامج من أهم أدوات التأهيل ذات الأثر الإيجابي على الأطفال وأسرهم قياساً للتقييمات التي أجراها مركز دبي لتطوير نمو الطفل على الأطفال الذين تم علاجهم بركوب الخيل، سواء من الجوانب الاجتماعية والنفسية أو الحركية، إذ يسهم ركوب الخيل في تطوير القدرات النمائية للأطفال في حالات الشلل الدماغي والإعاقة الجسدية والكثير من الاضطرابات النمائية، ويلعب دوراً فاعلاً في زيادة قوة العضلات، وسرعة الاستجابة الحسية والحركية، والسيطرة على الجسم، وتحسين، وضعية الجلوس، والوقوف.

بناء القدرات

وأفادت بأن كل طفل يخضع لتقييم طبي ونفسي وحركي شامل للتأكد من ملاءمة هذا النوع من البرامج التأهيلية له، ويتم بعدها تدريب الطفل على ركوب الخيل من قبل شخص مؤهل تلقى تدريباً خاصاً بذلك وغالباً ما يكون من المختصين بالعلاج الطبيعي أو الوظيفي مع تدريب إضافي على برامج العلاج بركوب الخيل، ويقوم مركز دبي لتطوير نمو الطفل بإجراء متابعة للطفل لملاحظة التغيرات التي قد تطرأ عليه.

وأفادت هيئة تنمية المجتمع بأن الأطفال من أصحاب الهمم المستفيدين من البرنامج شاركوا في 146 ساعة تدريبية، توزعت على ست جلسات أسبوعية خلال فترة البرنامج الذي استمر لمدة 14 أسبوعاً.

مهارات اجتماعية

وقالت شيخة سعيد المنصوري، مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بالإنابة، إن المؤسسة رصدت عدداً من المؤشرات السلوكية والعاطفية على المتعاملين من النساء والأطفال قبل إخضاعهم لبرنامج العلاج النفسي بمساعدة الحيوانات الأليفة خاصة الخيول، تمثل أبرزها في التردد، وعدم الرغبة في المشاركة، السلوك الاندفاعي والعدوانية، ضعف في المهارات الاجتماعية والعلاقة الوالدية وتدني الحالة المزاجية.

وأكدت أن النتائج ظهرت إيجابية بعد انضمام هذه الفئات للبرنامج وظهر عليهم الاتزان الانفعالي وتحسنت الحالة المزاجية لديهم بالإضافة إلى تحسن المهارات الاجتماعية وتقوية العلاقة الوالدية.

وأوضحت أن المؤسسة نفذت استبياناً يقيس مشاعر وسلوك المتعاملين قبل وبعد الانضمام لبرنامج العلاج، حيث ارتفع لدى النساء المشاركات عدد من المؤشرات السلوكية الإيجابية مثل مؤشر المشاركة والتعاون بنسبة 71.5 %،، بينما ارتفع مؤشر إبداء الاهتمام لدى الأطفال المشاركين إلى 80 %، ومؤشر السعادة 90 %.

5 أهداف

وحول أهداف البرنامج أوضحت المنصوري، أنه يحقق 5 أهداف رئيسية وهي: تطوير طرق جديدة ومبتكرة لدعم الأطفال والبالغين من ضحايا العنف والاستغلال، تحسين قدرة الضحايا على إقامة علاقات صحية وإيجابية مع الآخرين، تخفيف حدة الألم الناتج عن الخبرات المؤلمة الناتجة، تحسين الحالة المزاجية للضحايا ورفع معدلات السعادة لديهم، وتخفيف الضغط النفسي المتولد عن الصدمة والعنف.

وقالت هيئة الرعاية الأسرية إن خدمة العلاج بالخيول تندرج ضمن خدمات الصحة النفسية التي تقدمها الهيئة، بمساعدة الحيوانات الأليفة وتحديداً الخيول ودمجها ضمن خدمات هيئة الرعاية الأسرية.

وأكدت أن هذا النوع من العلاج النفسي أظهر نتائج ملحوظة في تحسين الصحة النفسية والعاطفية وعلاج الصدمات لدى الأفراد، لافتة إلى أن الخيول تمتلك قدرة فريدة على التواصل العميق مع البشر، تسهم في النمو العاطفي السليم وتنمية الوعي بالذات لدى الخاضعين لهذا النوع من العلاج.

تحديات نمائية

وتقول الدكتورة إيمان جاد، عميد كلية التربية الخاصة بالجامعة البريطانية بدبي، إن العلاج بالخيول من أكثر الأساليب فاعلية لتحسين المهارات الحركية والتوازن والتواصل لدى الأطفال من ذوي التحديات النمائية، مشيرة إلى أن الحصان مخلوق صبور وذكي، يتيح للمريض أن يتفاعل معه من دون ضغوط، مما يحفز الطفل على التواصل والانفتاح.

وأضافت أن العلاج بالخيول، أو ما يعرف بـ«العلاج الفروسي»، هو نوع من التأهيل الجسدي والعقلي والعاطفي يستخدم حركة الحصان كوسيلة لتحفيز التفاعل الحسي والحركي والاجتماعي، وحقق نتائج لافتة لدى الأطفال من أصحاب الهمم وخصوصاً أصحاب طيف التوحد.

لماذا الخيول تحديداً؟

وبينت الدكتورة إيمان أن قوة العلاج بالخيول تكمن في طبيعة الحصان نفسها، فحركته المنتظمة تنشط الجهاز العصبي وتساعد على تطوير التوازن والتنسيق الحركي.

كما أن التفاعل العاطفي مع الحصان يساعد على بناء الثقة بالنفس وتعزيز المهارات الاجتماعية لدى الأطفال.

وأوضحت أن الأطفال الذين يجدون صعوبة في التواصل مع البشر، يتفاعلون بشكل مدهش مع الخيول، فهناك نوع من التواصل غير اللفظي يحدث بين الطفل والحصان، يزرع الطمأنينة ويشجع على التقدم.

مهارات التواصل

من جهته يوضح الدكتور حسين المسيح، الخبير النفسي، أن ركوب الخيل يسهم في إرخاء العضلات القاسية والمتشنجة، وزيادة مستوى القدرة على التحمل، وتحسين القدرة على تقدير المخاطر، وتطوير التكامل الحسي والمد الحركي، وتنمية مهارات التواصل لدى الأطفال.

وأضاف أن العلاج عن طريق ركوب الخيل يرفع من القدرات المعرفية والذهنية كالتركيز والانتباه ويساعد في تطوير وتحسين الحالة المزاجية والعاطفية.

وتقول بدرية عمران، ولية أمر، إن ابنها لم يكن ينطق سوى بضع كلمات قبل أن يبدأ جلسات الفروسية، واليوم أصبح يعبر عن نفسه أكثر ويتفاعل مع من حوله، وأصبح ينتظر يوم ركوب الحصان كأنه مناسبة خاصة.