عقدت حكومة دولة الإمارات والمنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول العربية، منتدى الاستدامة والعمل الحكومي في دورته الثالثة، بمشاركة أكثر من 600 قيادي من وزراء ومسؤولين في الحكومات العربية.

وممثلي كبرى شركات القطاع الخاص، بالتزامن مع يوم البيئة العالمي، في مبادرة هادفة لبحث تعزيز الشراكات في صناعة مستقبل العمل الحكومي، وآفاق التعاون الحكومي العربي في دفع التنمية المستدامة.

وشهد المنتدى إطلاق تقرير «حالة الحكومات العربية 2025 - السياسات الحكومية والتقنيات القائمة على الاستدامة»، الذي يقدم تحليلاً لواقع التحول الأخضر في الحكومات العربية، ويسلط الضوء على مستويات جاهزيتها لتبنّي سياسات مستدامة، وعرضاً لأبرز النتائج التي توصل إليها، والتي تمثل خلاصة مقابلات مع أكثر من 1600 مسؤول حكومي عربي.

قدم التقرير الدكتور يسار جرار الشريك الإداري لـ «غوف كامبوس»، الشريك المؤسس لمعهد بوستيرتي، فيما تم الإعلان عن قائمة أكثر 40 شركة مستدامة في الدول العربية.

وعرضت الدكتورة إلهام الشحيمي مديرة شبكة المديرين التنفيذيين للاستدامة في معهد بوتستيرتي، قائمة الشركات ومنهجية اختيارها، التي تضمنت مرحلتين، هما التقييم الأولي الذي تم من خلاله تحديد الشركات الرائدة في تعزيز الاستدامة، ومرحلة التقييم التفصيلي، التي اعتمدت إطاراً يضم 17 مؤشر أداء، تغطي 6 مجالات.

فرص مستقبلية

وأكدت معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، في كلمة رئيسة ضمن أعمال المنتدى، أن العالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة، والتحديات البيئية تتزايد عالمياً.

وتزداد وطأتها في المنطقة العربية، التي تواجه ضغوطاً تنموية وبيئية، وأن المنتدى يمثل منصة للعمل والتعاون المشترك، لرسم مسار جديد لحكومات تصنع الفارق، وتبني على ما تزخر به المنطقة العربية من فرص حالية ومستقبلية.

وقالت إن تقرير «حالة الحكومات العربية 2025»، قدم قراءة واقعية للوضع الراهن، إذ كشف أن 54 % من الموظفين الحكوميين في العالم العربي، يرون أن لديهم خطة واضحة للاستدامة.

فيما أشار أقل من نصفهم إلى أن لديهم المهارات أو الأدوات اللازمة للمساهمة في تحقيق هذه الخطط، و74 % رأوا أن التحول الرقمي يمكن أن يسرّع تحقيق أهداف الاستدامة.

وأضافت أن مخرجات التقرير تُظهر أن الأساس موجود، لكننا بحاجة إلى تعزيز الإمكانات، وتوفير الأدوات، ورسم خارطة طريق واضحة، مؤكدة أن الاستدامة ليست مسؤولية جهة واحدة، أو قطاع واحد، بل هي نهج متكامل، يجمع بين البيئة والتكنولوجيا والسياسات والتمويل.

وتطرقت عهود الرومي إلى ثلاث أولويات رئيسة لتعزيز جهود تحقيق الاستدامة في العالم العربي، تتضمن الاستثمار في الكفاءات الحكومية، وتمكين الكوادر، مشيرة إلى أن دولة الإمارات، أطلقت منصة «جاهز» لتأهيل أكثر من 50 ألف موظف حكومي بمهارات المستقبل، أما الثانية.

فتتمثل في تسريع التحول الرقمي الأخضر، عبر اعتماد مراكز بيانات خضراء، وتطبيق معايير الاستدامة في المشتريات الرقمية، وفي إدارة البنية التحتية الرقمية، في ضوء التوقعات بأن تكنولوجيا المعلومات ستستهلك 20 % من كهرباء العالم بحلول 2030.

ولفتت معاليها إلى أن الأولوية الثالثة، تتمثل في تفعيل الشراكات، وتعزيز الاستثمارات الهادفة لتحقيق الحياد المناخي، الذي يحتاج إلى استثمارات بنحو 6.2 تريليونات دولار سنوياً حتى 2030، تصل إلى 7.3 تريليونات دولار بحلول 2050.

توقيت مفصلي

من جانبه، أكد الدكتور ناصر القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول العربية، أن عقد المنتدى الثالث للاستدامة والعمل الحكومي، بالتعاون مع حكومة دولة الإمارات، يأتي في توقيت مفصلي، يتزامن مع اليوم العالمي للبيئة، ليشكل منصة عربية لمناقشة جاهزية الحكومات لتحقيق التنمية المستدامة، وتبنّي السياسات والتقنيات الخضراء.

مشيراً إلى أن تواصل المنتدى للعام الثالث، يعكس نجاح الدورات السابقة، وأهمية العمل المشترك لمواجهة تحديات المناخ، وتحقيق التحول نحو حكومات خضراء ومرنة.

وقال إن تحقيق الاستدامة يتطلب رؤى حكومية واضحة، وتشريعات فعالة، وشراكات دولية فاعلة، إلى جانب تعزيز الابتكار والتكنولوجيا النظيفة، وتوعية المجتمعات بأهمية السلوكيات المستدامة.

وعقدت ضمن أعمال المنتدى جلسة حوارية بعنوان «جهود عربية لتحقيق الاستدامة»، تحدث فيها كل من الدكتور وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية، والدكتورة غادة عبد القادر المديرة التنفيذية للاستدامة في البنك التجاري الدولي،.

والدكتورة نجوى أزهار مستشارة اقتصادية وخبيرة تنمية مستدامة في اتحاد الغرف العربية، وإبراهيم الزعبي المدير التنفيذي للاستدامة في مجموعة «أدنوك»، وتناولوا أبرز المبادرات والمشاريع، وقصص النجاح العربية في تحقيق الاستدامة، ودفع التنمية في مختلف المجالات.

وتم تطوير قائمة الأربعين شركة الأكثر استدامة في المنطقة العربية، بعد عملية بحث دقيقة، استندت إلى إطار تقييم مصمم خصيصاً ليعكس أولويات الاستدامة في المنطقة.

نماذج ولوائح

وتناول تقرير «حالة الحكومات العربية - السياسات الحكومية والتقنيات القائمة على الاستدامة»، مواضيع تعزيز الأداء الحكومي الأخضر، ونماذج عملية لتحقيق أهداف الاستدامة، من ضمنها المباني الحكومية الخضراء، وسياسات المشتريات المستدامة، والتحول نحو وسائل النقل منخفضة الانبعاثات، وما أصبحت تمثله من معايير مؤسسية.

وتطرق إلى تبنّي الجهات الحكومية في دولة الإمارات لوائح المباني الخضراء، عبر إطلاق عدد من المبادرات الفعالة - مثل «استدامة»، التي تضع معايير استدامة إلزامية على جميع المباني الحكومية الجديدة في أبوظبي، ما يُتوقع معه خفض الانبعاثات الكربونية بنحو 30 %.

وتوفير ما يقرب من 10 مليارات درهم إماراتي بحلول عام 2030. إضافة إلى «سياسة المشتريات الخضراء للحكومة الاتحادية» في الإمارات، التي تحث الوزارات على إعطاء الأولوية للمنتجات التي تلتزم بالمعايير البيئية.

وتناول التقرير عدداً من التوصيات الضرورية، لتسريع التحول الأخضر للحكومات في المنطقة العربية، أهمها، إرساء نظام إلزامي لوضع تصنيفات خضراء للميزانيات الحكومية، وإطلاق إطار عمل إقليمي لمهارات الاستدامة في القطاع الحكومي.

وإنشاء مختبرات ابتكار لحلول المناخ، بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وفرض معايير تشغيلية خضراء لجميع المرافق الحكومية، وتحفيز التعاون بين الجهات الحكومية، عبر التمويل القائم على الأداء، وتطوير بوابات وطنية لبيانات المناخ، وتوسيع نطاق المشتريات الخضراء.

وبرامج جاهزية الموردين، وإضفاء الطابع المؤسسي على المشاركة المجتمعية في برامج الاستدامة الحكومية، وإنشاء بنية تحتية رقمية مشتركة، لمراقبة الاستدامة والخدمات، وتأسيس أكاديمية إقليمية للاستدامة، لتعزيز قدرات القطاع الحكومي.

عهود الرومي:

المنطقة العربية تواجه ضغوطاً تنموية والمنتدى منصة للعمل والتعاون

54 %
من الموظفين الحكوميين في العالم العربي يرون أن لديهم خطة واضحة للاستدامة

74 %
من المشاركين رأوا أن التحول الرقمي يسرّع تحقيق أهداف الاستدامة