تعد القوات المسلحة الإماراتية واحدة من الركائز الأساسية، التي قامت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة، فهي مصنع الرجال وسياج الوطن المنيع، وصمام الأمان، الذي يحفظ الاتحاد، ويحمي المكتسبات، فمنذ تأسيس الدولة في الثاني من ديسمبر عام 1971 لعبت القوات المسلحة دوراً محورياً في ترسيخ دعائم الاتحاد، وتحقيق الأمن والاستقرار، والمساهمة في النهضة الوطنية الشاملة.
وشهدت القوات المسلحة الإماراتية تطوراً كبيراً منذ قيام الاتحاد، حيث كانت البداية بتأسيس عدد من القوات المحلية في الإمارات المختلفة قبل الوحدة.
ومع إدراك القيادة الرشيدة لأهمية وجود قوة موحدة قوية، وفي يوم مشهود توحدت القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة، حيث سخر لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كل الإمكانات اللازمة والطاقات البشرية المطلوبة لتأسيسها وتحديثها وتطويرها على مدى سنوات طوال.
وصدر في 6 مايو 1976 القرار التاريخي بتوحيد القوات المسلحة تحت راية واحدة وقيادة موحدة، لتكون درعاً للوطن وسيفاً بيده. ومنذ ذلك التاريخ يحتفل سنوياً بـيوم القوات المسلحة تخليداً لهذا الإنجاز الوطني العظيم.
مراحل التطور
وبدأت مرحلة تطوير القوات المسلحة الأولى عام 1951، وهي مرحلة تأسيس القوة تحت اسم «قوة ساحل الإمارات المتصالحة»، والثانية عام 1956، حيث تغير اسم القوة إلى كشافة «TOS»، أي «كشافة ساحل الإمارات المتصالحة»، والثالثة في 21 ديسمبر عام 1971.
والتي كانت بداية استلام القوة من الحكومة البريطانية، وتغيرت من مسمى «كشافة ساحل الإمارات المتصالحة» إلى «قوة دفاع الاتحاد»، وبعد أسبوع من هذا التاريخ سلمت الحكومة البريطانية قيادة القوة إلى وزير دفاع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي 27 ديسمبر 1971 تشكلت قوة دفاع الاتحاد بقرار من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتشكلت قوة دفاع الاتحاد على أثر تسليم الحكومة البريطانية لقوة ساحل الإمارات المتصالحة إلى حكومة الإمارات، وأنيطت قيادتها، والإشراف عليها بوزير الدفاع، وكان تنظيم القوة يتكون من خمس سرايا مشاة، سرية مدرعات العقرب، وسرية الإسناد، وسرية التدريب، وسرايا الخدمات الإدارية والفنية والموسيقى العسكرية، ومدرسة الصغار العسكرية.
وتمركزت قيادة القوة في معسكر المرقاب بإمارة الشارقة، واتخذت من منطقة المنامة بعجمان معسكراً للتدريب، وفي عام 1971 مرت بمرحلة بداية استلام وتشكيل قوة دفاع الاتحاد من الحكومة البريطانية، ثم في عام 1974 مرت بمرحلة تغيير مسمى «قوة دفاع الاتحاد» إلى «القوات المسلحة الاتحادية».
وفي عام 1974 وبقرار من وزير الدفاع تم تغيير مسمى قوة دفاع الاتحاد إلى «القوات المسلحة الاتحادية»، مع تغيير شعار وعلم القوة الجديدة، لتواكب التحديث والتطوير في الدولة، وبقيت هذه القوات تحت إشراف وزارة الدفاع.
وجسد تطور القوات المسلحة النظرة الثاقبة للقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وواصلت التطور والتقدم والارتقاء بدعم وتوجيهات ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
وبدعم من إخوانهما أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، ونجحت الإمارات في بناء منظومة دفاعية متطورة بأعلى درجات كفاءة الأداء والجاهزية الميدانية، والتطور التقني والمعرفي، لتكون القوات المسلحة الذراع القوية، والدرع الواقية، والسياج الحصين لمسيرة الاتحاد ومكتسبات وإنجازات شعب الإمارات، والأجيال القادمة.
توفير الدعم
وحرصت القيادة الرشيدة كل الحرص على توفير الدعم وتسخير كل الإمكانات لأن يواكب قيام الاتحاد تطور كمي ونوعي في القوات المسلحة، ووجود قوات مسلحة موحدة تحت علم واحد وقيادة واحدة.
ومن هنا جاءت الخطوة التاريخية، بناء على توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، صدر القرار التاريخي لرئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم (1) لعام 1976 في شأن توحيد القوات المسلحة، والذي نص على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمى «القيادة العامة للقوات المسلحة.
وفي عام 1978 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم (1) لسنة 1978 في شأن استكمال تنظيم القوات المسلحة بدولة الإمارات.
كما عززت الوحدة الوطنية، من خلال احتضان أفراد من مختلف الإمارات ضمن منظومة واحدة، تعزز روح الانتماء الوطني والتلاحم المجتمعي.
وأسهمت في نقل قيم الانضباط والمسؤولية وتعزيزها في نفوس أفراد المجتمع، إذ تعد القوات المسلحة مدرسة في الوطنية والتفاني، ما يسهم في تنشئة أجيال تحمل لواء الوطن بكل فخر.
تطور نوعي
وحرصت القيادة الرشيدة على الاستثمار في تطوير قواتها المسلحة، عبر تحديث المعدات والأنظمة، وتطوير الصناعات الدفاعية، وإعداد الكوادر الوطنية عبر التعليم والتدريب، ولعل من أبرز مظاهر هذا التطور:
الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، والشراكات الدولية في مجال التصنيع العسكري، وتخريج دفعات نوعية من الأكاديميات والكليات العسكرية الوطنية والعالمية.
وتعتبر القوات المسلحة في دولة الإمارات مؤسسة لصناعة الرجال القادرين على تحمل المسؤولية والقيادة في مختلف الميادين، فهي ترسخ في منتسبيها قيم الولاء، والشجاعة، والانضباط، والتضحية، ما يجعلهم نماذج يحتذى بها في المجتمع.