تجسد دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً رائداً في العمل الإنساني والإغاثي إقليمياً ودولياً، حيث برز هذا الدور على الصعيد العربي بشكل لافت في دعم الشعب السوداني الشقيق، خصوصاً بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية والمعيشية نتيجة الأحداث التي شهدها السودان منذ اندلاع الحرب الأخيرة في أبريل 2023 وحتى اليوم.

فمنذ الأيام الأولى للأزمة، لم تدخر دولة الإمارات جهداً في تلبية الاحتياجات الإنسانية في مختلف المناطق السودانية بدون تمييز، حيث سارعت إلى تسخير مواردها، وإطلاق مبادرات إغاثية وتنموية منسقة، بهدف تخفيف معاناة المدنيين، والحفاظ على استمرارية الخدمات الأساسية، وبناء منظومة دعم مستدامة تعزز صمود الشعب السوداني في وجه التحديات.

وبفضل رؤية القيادة الإماراتية التي تؤمن بأن العمل الإنساني قيمة راسخة قبل أن يكون التزاماً سياسياً أو دبلوماسياً، تحولت الإمارات إلى أحد أكبر الداعمين للسودان.

حيث قدمت منذ عام 2023 إلى اليوم أكثر من 2 مليار و877 مليون درهم، عبر مشروعات إغاثية وصحية وتنموية، أسهمت في إنقاذ الأرواح.

تلك الجهود الإنسانية والإغاثية التي شرعت دولة الإمارات بتكثيفها، أسهمت في رفع إجمالي المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات لجمهورية السودان خلال العقد الماضي (2015 – 2025) إلى 15.56 مليار درهم، شملت مجالات متعددة من الإغاثة والتنمية والخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية.

وعلى مدى عامين و7 أشهر من عمر الأزمة، شكلت المبادرات وآلاف أطنان المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية الإماراتية طوق النجاة لأعداد هائلة من المتضررين نتيجة النزاع الدائر في السودان.

وأطلقت الإمارات جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية للشعب السوداني الشقيق، والذي أرسلت من خلاله 162 طائرة حملت مختلف أنواع المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية.

وسيرت الإمارات العديد من سفن المساعدات الإنسانية لدعم المتضررين من النزاع داخل السودان إلى جانب اللاجئين السودانيين في تشاد وأوغندا، حيث امتدت الجهود الإماراتية لتشمل اللاجئين السودانيين في دول الجوار، فأرسلت إلى تشاد 5542 طناً من المساعدات الغذائية والإغاثية.

إضافة إلى حفر 5 آبار لتوفير المياه الصالحة للشرب، كما أرسلت إلى اللاجئين السودانيين في أوغندا، 200 طن من المواد الغذائية والإغاثية، ودعمت مركزاً صحياً و10 مرافق صحية، إلى جانب حفر 3 آبار، فضلاً عن إرسال 300 طن إلى جنوب السودان من الإمدادات الغذائية والإغاثية لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين السودانيين هناك.

3 مستشفيات

وشيدت دولة الإمارات مستشفيين ميدانيين في أمدجراس وأبشي التشاديتين لدعم الأشقاء السودانيين اللاجئين، حيث تمتد خدماتهما إلى جميع المدنيين، بغض النظر عن الجنسية أو العمر أو الجنس أو الانتماء السياسي.

حيث حالت هذه الجهود دون تفشي أمراض جماعية في مخيمات للنازحين بأنحاء السودان وعلى الحدود مع تشاد. وتعد تشاد أكبر دولة تستقبل لاجئين سودانيين.

كما أنشأت دولة الإمارات مستشفى ثالثاً في منطقة مادهول بولاية بحر الغزال في جنوب السودان، إلى جانب ذلك، قدمت الإمارات الدعم لـ 127 منشأة صحية في 14 ولاية سودانية، ما أسهم في تعزيز قدرة النظام الصحي المحلي على مواجهة التحديات الناتجة عن النزاع.

التعليم

وعلى الرغم من كون قطاع التعليم أحد أكثر القطاعات تضرراً في السودان، فإن الإمارات حرصت على إطلاق مبادرات تضمن استمرار العملية التعليمية، عبر إعادة تأهيل 3 مدارس في كل من تشاد وجنوب السودان، كما قدمت 4 ملايين دولار أمريكي بالتعاون مع منظمة اليونيسيف لدعم تعليم الأطفال اللاجئين السودانيين في تشاد.

كما شرعت بدعم المدارس المؤقتة في مناطق النزوح، وتقديم مستلزمات مدرسية للطلاب، وإنشاء مساحات آمنة للتعلم والأنشطة، كما دعمت كافة برامج التعلم بالتنسـيق مع منظمات دولية، حيث استهدف هذا الدعم تمكين الأطفال من مواصلة تعليمهم، وحمايتهم من مخاطر التسرب، ومنحهم بيئة نفسية آمنة وسط الظروف الصعبة.

تنسيق الجهود

لم تعمل الإمارات بمعزل عن العالم، بل نسقت جهودها الإغاثية مع منظمات الأمم المتحدة، بما فيها برنامج الأغذية العالمي، ومفوضية اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية.

حيث كانت من أوائل الدول التي دعت إلى قمة دولية لدعم السودان بهدف توحيد الجهود الإنسانية، وضمان تدفق المساعدات، وتفعيل آليات استجابة طارئة طويلة الأمد.

كما دعمت البرامج الدولية لإغاثة السودان مالياً، عبر منح وتبرعات مالية كبيرة للمؤسسات العاملة في الإغاثة، لتسهيل وصول الدعم إلى أكبر عدد ممكن من المتضررين، منها تخصيص مبلغ 70 مليون دولار أمريكي لوكالات الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية.

كما خصصت الإمارات 30 مليون دولار إضافية لدعم اللاجئين السودانيين في الدول المجاورة. وفي إطار التزامها بدعم الفئات الأكثر ضعفاً، أعلنت دولة الإمارات عن تقديم 10.25 ملايين دولار أمريكي للأمم المتحدة لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة.

دور محوري

وتؤكد هذه الجهود المتواصلة مكانة الإمارات كإحدى أكبر الدول المانحة في المنطقة، ودورها المحوري في دعم الاستجابة الإنسانية للأزمات في السودان والدول المجاورة، حيث ترسخ الإمارات من خلال جهودها في السودان، أن مساعداتها لا ترتبط بلون أو عرق أو دين أو جغرافيا، بل بالإنسان أولاً.

هذا النهج رسخته دولة الإمارات عبر عقود من العمل الإنساني في مختلف أنحاء العالم، ما جعلها في مقدمة الدول المانحة للمساعدات الدولية، كما أنها تجسد مبادئها الثابتة في الوقوف إلى جانب الشعوب في الأزمات والكوارث، وتعزيز الأمن الإنساني والاستقرار الإقليمي عبر دعم جهود التنمية والسلام المستدام.

الحل السلمي

كما كثفت دولة الإمارات من حراكها العابر للحدود والقارات دعماً لأي حل سياسي سلمي في السودان، يحفظ وحدة البلد العربي، ويعيد الاستقرار والأمن والسلام إلى أراضيه، ويحقق تطلعات شعبه في التنمية والرخاء.

دبلوماسية إماراتية

بدأت منذ اللحظات الأولى للأزمة في 15 أبريل 2023، وما زالت حتى اليوم، في إطار رؤية شاملة وخريطة متكاملة لحل الأزمة، تستند لمحاور ومبادئ واضحة أبرزها دعم التوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار، حماية المدنيين، معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية عبر تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للشعب السوداني، احترام القانون الدولي الإنساني ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

تلك الرؤية أعلنت عنها دولة الإمارات مراراً وتكراراً في مختلف الفعاليات الدبلوماسية والإنسانية التي شاركت فيها، سواء عبر مجلس الأمن الدولي، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو قمة عدم الانحياز أو القمم العربية المتعاقبة، أو قمة الاتحاد الأفريقي.

كذلك كانت دولة الإمارات عضواً فعالاً في مختلف الآليات الدولية التي تم تشكيلها لمعالجة الأزمة، بدءا من منصة «متحالفون لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان»، وصولاً إلى المجموعة الرباعية التي تضم (الإمارات – السعودية – مصر – الولايات المتحدة) وتعمل على إنهاء الصراع وتهيئة الظروف للحوار.

وشكل البيان المشترك للرباعية حول السودان الصادر في 12 سبتمبر الماضي خطوة تاريخية في مسار الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، إذ قدم تشخيصاً دقيقاً لطبيعتها ورسم خريطة طريق واضحة لمعالجتها، من خلال هدنة إنسانية تعقبها عملية انتقال مدني للسلطة، مجددة التأكيد على أنه لا حل عسكرياً للأزمة السودانية، وأن التوافق الإقليمي والدولي الذي عكسه البيان يمثل دعماً مهماً لمسار السلام ووحدة السودان.

موقف ثابت

وفور اندلاع الأزمة، أصدرت دولة الإمارات بياناً رسمياً في 15 أبريل 2023 ، دعت فيه كافة أطراف النزاع في السودان إلى التهدئة وضبط النفس وخفض التصعيد والعمل على إنهاء هذه الأزمة بالحوار.

وأكدت موقفها الثابت المتمثل في ضرورة خفض التصعيد والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الأطراف المعنية، وضرورة دعم الجهود الرامية إلى دعم العملية السياسية وتحقيق التوافق الوطني نحو تشكيل الحكومة.

وتعد السودان إحدى أبرز محطات العمل الإنساني في دولة الإمارات، وكانت بداية العطاء في سبعينيات القرن الماضي، حيث دعم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مشروع شق طريق هيا بورتسودان لربط المدن السودانية ببعضها، ما أسهم في النهضة التجارية والصناعية والزراعية للشعب السوداني.

وتوالت منذ ذلك الحين المشروعات التنموية والاقتصادية الإماراتية في السودان، والتي أسهمت في زيادة الاستثمار الأجنبي وتوفير فرص عمل كبيرة لأبناء الشعب السوداني الشقيق، فضلاً عن المبادرات والمساعدات الإنسانية الإماراتية التي كانت حاضرة في كل الظروف والأزمات الطارئة التي تعرض لها السودان.

الدولة تجسد نموذجاً رائداً في العمل الإنساني والإغاثي إقليمياً ودولياً

162

طائرة حملت المساعدات الإنسانية للشعب السوداني الشقيق

مستشفيان ميدانيان في أمدجراس وأبشي التشاديتين لدعم اللاجئين السودانيين

دعم 127 منشأة صحية لتعزيز قدرة النظام الصحي المحلي على مواجهة التحديات

إعادة تأهيل 3 مدارس في تشاد وجنوب السودان لدعم تعليم الأطفال اللاجئين