مع انتظام الدراسة في كل عام جديد يتجدد النقاش حول دور العيادات المدرسية، ومدى جاهزيتها لرعاية الطلبة صحياً أثناء وجودهم في الصفوف، خصوصاً مع تزايد أعداد الطلاب وتنوع احتياجاتهم الصحية.

وتبرز تساؤلات بين أولياء الأمور حول ما إذا كانت هذه العيادات مجرد إجراء روتيني يفرضه النظام التعليمي، أم أنها بالفعل غرف إنقاذ تقدم التدخل الفوري وتبعث الطمأنينة في بيئة المدرسة.

صلة وصل

وأكد مسؤولو عيادات مدرسية، أن وجود هذه الغرف الصحية لم يعد شكلياً أو بروتوكولياً، بل أصبح ضرورة يومية تفرضها طبيعة الحياة المدرسية التي تجمع مئات الطلبة في مكان واحد لساعات طويلة.

موضحين أن دور العيادة يتجاوز معالجة الحالات البسيطة إلى مراقبة صحة الطلبة بشكل عام، والتدخل عند الضرورة لضمان استمرار اليوم الدراسي بانسيابية، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على استقرار العملية التعليمية.

وأضافوا أن العيادة المدرسية تمثل صلة وصل مهمة بين الأسرة والمدرسة، فهي تبعث برسائل اطمئنان للأهل حول سلامة أبنائهم، وتسهم في تعزيز وعي الطلبة بالعادات الصحية السليمة من خلال حملات التثقيف والوقاية.

وأوضحوا أن نجاحها لا يقاس بعدد الحالات التي تستقبلها فقط، بل بقدرتها على نشر الوعي وتقديم الدعم النفسي والجسدي للطلاب، لتتحول إلى شريك فعلي في تحقيق بيئة تعليمية آمنة وصحية.

أدوار العيادات

وتؤدي العيادات 14 دوراً محورياً يضمن سلامة الطلبة ويبعث الطمأنينة في نفوس أولياء الأمور، وتشمل الفحص الدوري، التثقيف، والتدخل المبكر، إلى جانب التنسيق مع الأسرة والمراكز الطبية.

وتبدأ هذه الأدوار بقياس الطول والوزن بشكل دوري لمتابعة النمو ورصد حالات السمنة أو النقص الغذائي، وإجراء فحوص الأسنان للتأكد من سلامة الفم واللثة. كما تتابع العيادة الحالات الصحية المزمنة مثل الربو والسكري، وتعمل على الكشف المبكر عن مشكلات النظر والسمع، فضلاً عن إعداد قاعدة بيانات صحية متكاملة لكل طالب.

ولا يقف عملها عند هذا الحد، إذ تنظم العيادات حملات توعية صحية تغطي النظافة الشخصية وأهمية التغذية السليمة والنشاط البدني، مع الحرص على التواصل المستمر مع أولياء الأمور لإبلاغهم بأي تطورات تخص صحة أبنائهم.

كما تتولى متابعة التطعيمات الدورية وفق الجدول الوطني، وإجراء فحوص مخبرية أساسية للكشف عن الأنيميا ونقص الفيتامينات، بجانب رصد الحالات النفسية والسلوكية وتحويلها إلى المختصين. وتدير العيادة أيضاً ملفات الطلبة ذوي الأمراض المزمنة وتضع لهم خطط تدخل مناسبة أثناء اليوم الدراسي، مع تقديم جلسات تثقيفية قصيرة عن الإسعافات الأولية.

والمشاركة الفاعلة في خطط الطوارئ والإخلاء لضمان سرعة الاستجابة وقت الأزمات، إضافة إلى التنسيق مع المستشفيات والمراكز الصحية لتسهيل التحويل للحالات التي تتطلب تدخلاً طبياً متخصصاً.

عين على الطلبة

وقالت الدكتورة سامية محمد صالح، طبيبة مدرسة المعارف، إن العيادة المدرسية تمثل خط الأمان الأول للطلبة خلال اليوم الدراسي، مؤكدة أنها تستقبل يومياً حالات متكررة مثل الصداع والدوار والجروح البسيطة الناتجة عن الأنشطة الصفية.

وأوضحت أن سرعة التدخل تمنع تفاقم المشكلة وتبعث الطمأنينة في نفوس الطلبة وأولياء أمورهم، مشيرة إلى أن كثيراً من الأسر تعتبر وجود الممرضة داخل المدرسة أحد عناصر الثقة التي تعزز إحساس الطفل بالأمان، وتشجعه على متابعة يومه الدراسي بارتياح.

وأضافت أن مهام الممرضة أو طبيب المدرسة لا تقتصر على تقديم الإسعافات الأولية فقط، بل تشمل متابعة الحالة الصحية العامة للطلبة على مدار اليوم، ورصد أي أعراض غير اعتيادية قد تتكرر لدى بعضهم البعض.

وأكدت أن هذه المتابعة الدقيقة تساعد في اكتشاف مشكلات صحية في بدايتها، مثل الأنيميا أو ضعف النظر، وهو ما يسهم في التدخل المبكر وتحويل الطالب إلى الجهات الطبية المختصة عند الحاجة.

التشخيص المبكر

ومن جانبها أوضحت الدكتورة افشان بيبي، طبيبة في مدرسة دبي الأمريكية الدولية، أن العيادة المدرسية ليست مجرد إجراء روتيني، بل مكوّن أساسي في المنظومة التعليمية.

وقالت إن وجود طبيب داخل المدرسة يفتح الباب أمام التشخيص المبكر لمشكلات قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، لكنها تنذر بأمراض تحتاج إلى متابعة دقيقة، مثل الصداع المتكرر الذي قد يكشف عن ضعف نظر أو مشكلة في العمود الفقري بسبب ثقل الحقيبة.

تطعيمات وتثقيف

وأوضحت الدكتورة مشيرة السيد زكي في مدرسة دبي الوطنية فرع البرشا أن المدرسة بها عيادتان تقدمان خدمات صحية يومية لنحو 2700 طالب وطالبة، تشمل المتابعة المستمرة للحالات وتوثيق كل ما يخص الوضع الصحي لكل طالب.

وأشارت إلى أن العيادة تبدأ العام الدراسي بقياس الطول والوزن لجميع الطلبة، إلى جانب فتح ملفات صحية دقيقة تساعد على رصد أي حالات سمنة أو نحافة، مع توجيه أولياء الأمور وإدارة المدرسة إلى الحلول المناسبة، سواء من خلال التغذية أو الأنشطة الرياضية.

وأضافت أن العيادة تنفذ فحوصاً دورية للنظر والسمع، يتم إعداد تقارير مفصلة عنها ورفعها إلى هيئة الصحة.

منظور إداري

أما صفاء الخير الأمين، ممرضة مدرسة اليحر الخاصة فقد أكدت أن العيادة المدرسية جزء لا يتجزأ من منظومة الصحة والسلامة التي تعتمدها المؤسسات التعليمية في الدولة.

وأوضحت أن إدارة المدرسة تتحمل مسؤولية التأكد من جاهزية العيادة وتزويدها بجميع المستلزمات الطبية الأساسية، مثل أجهزة قياس الضغط ونقالات الطوارئ وأدوات الإسعافات.

التدخل عند الضرورة لضمان استمرار اليوم الدراسي بانسيابية

نجاحها يقاس بقدرتها على نشر الوعي وتقديم الدعم النفسي والجسدي للطلاب