أوضح تربويون أن اعتماد وزارة التربية والتعليم للدليل الإجرائي للحضور والغياب للعام الدراسي 2025–2026 يمثل نقلة نوعية في تنظيم العملية التعليمية، حيث لا يقتصر على ضبط الغياب من منظور إداري فقط، بل يفتح المجال أمام مكاسب تربوية وسلوكية واسعة.

وأشاروا إلى أن الدليل يتميز بسبع إيجابيات أساسية، تسهم في تعزيز العملية التعليمية، وهي الربط بين الحضور والتحصيل الدراسي بشكل مباشر، ما يمنع تراكم الفاقد التعليمي ويغلق الفجوات المعرفية.

وتعزيز قيم الانضباط وتحمل المسؤولية لدى الطلبة، ليصبح الالتزام بالوقت والسلوك الإيجابي جزءاً من تكوينهم الشخصي والتعليمي. كما تتضمن الإيجابيات:

استقرار الحصص الدراسية من خلال الحد من الغياب غير المبرر، فرض وضع خطط دعم فردية للطلبة كثيري الغياب، الشراكة مع الأسرة عبر آليات المتابعة والرسائل الفورية، معالجة الغياب بأسلوب داعم يوازن بين الحزم والمرونة، وأخيراً تحويل الغياب من مشكلة سلوكية إلى فرصة لإعادة البناء والتأهيل، ليصبح الحضور المدرسي ثقافة يومية راسخة تضمن نجاح الطالب أكاديمياً وسلوكياً.

محمد فتحي

وأكد محمد فتحي، الخبير التربوي، أن أهم ما يميز هذا الدليل أنه يربط بين الحضور الأكاديمي والتحصيل العلمي بشكل مباشر، وأن انتظام الطالب في مقاعد الدراسة يحول دون تراكم الفاقد التعليمي، خصوصاً في المراحل المفصلية مثل فترات ما قبل الامتحانات أو الأسابيع الأخيرة من العام الدراسي، لافتاً إلى أن الدراسات التربوية تثبت أن الغياب المتكرر يؤدي إلى فجوات معرفية قد توازي خسارة نصف عام دراسي كامل.

وأضاف أن الدليل لا يقتصر على البعد الأكاديمي فقط، بل يعزز قيماً سلوكية وتربوية يحتاجها الطالب لبناء شخصيته المستقبلية، مثل الالتزام بالوقت وتحمل المسؤولية. وبيّن أن هذه القيم تمثل ركيزة أساسية لنجاح الطالب في حياته الجامعية والعملية لاحقاً، حيث يصبح الانضباط عادة يومية لا تنفصل عن تكوينه الشخصي.

استقرار الحصص

نعيمة عوض

وأوضحت التربوية نعيمة عوض أن الدليل يحقق مجموعة من الإيجابيات التي تنعكس على البيئة الصفية كافة، وأن الحد من الغياب غير المبرر يسهم في استقرار الحصص الدراسية، ويمنح المعلمين فرصة لتطبيق خططهم التعليمية بشكل كامل دون الحاجة إلى إعادة الشرح بشكل متكرر، وهو ما يرفع من كفاءة العملية التعليمية.

وأضافت أن الجانب الأهم في الدليل يتمثل في معالجة الغياب بأسلوب داعم بدلاً من الاكتفاء بالجزاءات. «فإلزام المدارس بوضع خطط دعم فردية للطلبة المعرّضين للغياب المتكرر، مثل جلسات الدعم النفسي والتربوي، يحول المشكلة إلى فرصة لإعادة دمج الطالب بشكل إيجابي». مشيرة إلى أن هذا التوجه الإنساني يحقق التوازن بين الحزم والمرونة، ويعكس فلسفة تعليمية متقدمة.

علاج جدي

سماء عبدالمغني

وأكدت التربوية سماء عبدالمغني أن اعتماد الدليل الجديد للحضور والغياب يعكس جدية الوزارة في معالجة واحد من أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية، حيث يمثل الغياب المتكرر للطلبة ثغرة واضحة تؤثر في التحصيل الدراسي.

وأضافت أن تطبيق المخالفات التدريجية بدءاً من التنبيهات والإنذارات، وصولاً إلى إحالة الملف للجهات المختصة، خطوة فعاله تضمن تعزيز الوعي لدى الأسر بأهمية الحضور المدرسي، وأن إدراج الاستثناءات الخاصة بأصحاب الهمم والطلبة ذوي الأمراض المزمنة يوازن بين الصرامة والمرونة، ويؤكد أن الهدف تربوي بالدرجة الأولى.

وختمت حديثها بأن وجود خطط دعم فردية للطلبة المعرضين للغياب المتكرر سيحول المشكلة من عقوبة إلى فرصة للتقويم والتأهيل، ما يحقق التوازن بين الانضباط والجانب النفسي والتربوي.

سداد فجوة

عبداللطيف السيابي

وأوضح التربوي الدكتور عبداللطيف عبدالله السيابي أن الدليل يسد فجوة غابت طويلاً عن اللوائح التعليمية، وهي التعامل المنهجي مع الغياب غير المبرر. ولفت إلى أن ربط الغياب بيوم الجمعة أو الأيام الملاصقة للإجازات بيومين كاملين يعكس إدراك الوزارة للواقع العملي الذي يشهده الميدان من تهاون بعض الأسر في هذه الفترات.

وأكد أن الحضور ليس مجرد التزام شكلي، بل قيمة سلوكية تترسخ في شخصية الطالب، وتنعكس على التزامه المجتمعي مستقبلاً. وأضاف أن الدراسات التربوية التي استندت إليها الوزارة أظهرت بالأرقام كيف يؤثر غياب 10 % فقط من الأيام في مستوى الطالب بما يعادل نصف عام دراسي، وهو مؤشر خطِر يستدعي تدخلاً جاداً.

وأشار إلى أن إدخال نظام الرسائل الفورية للأهالي سيجعل أولياء الأمور شركاء حقيقيين في الرقابة والمتابعة، وهو ما يضمن الاستجابة السريعة والتقليل من فرص التمادي في الغياب.

ثقافة يومية

هبه الشربيني

وذكرت التربوية هبة الشربيني أن أهمية الدليل تكمن في تحويل الحضور المدرسي من التزام إداري إلى ثقافة يومية راسخة، وأن وضع سقف أقصى للغياب غير المبرر بخمسة أيام في الفصل، وخمسة عشر يوماً في العام، خطوة جريئة ستدفع الطلبة وأولياء أمورهم إلى إدراك جدية المسألة.

وبينت أن الأثر التربوي للحضور يتجاوز التحصيل الدراسي ليشمل بناء الانضباط الذاتي لدى الطالب، إذ يتعلم من خلاله قيمة الالتزام بالوقت والمسؤولية، وهي قيم يحتاجها لاحقاً في حياته الجامعية والعملية.

وأكدت أن إشراك الأسرة من خلال حق التظلم خلال خمسة أيام عمل يعكس التوازن بين الحزم والعدالة، ويوفر فرصة لمعالجة أي التباسات أو ظروف طارئة تواجه الطلبة، ما يعزز الثقة بين المدرسة والأسرة.