ومع ذلك، لا يتوقف الأمر عند حدود الاستيعاب، بل يتجاوزها إلى الجانب السلوكي، إذ يصبح الطالب أكثر عرضة للعصبية والانفعال نتيجة تقلبات المزاج التي يسببها الجوع.
أما على الصعيد الاجتماعي، فإن بعض الطلبة قد يشعرون بالحرج لعدم امتلاكهم وجبة مثل زملائهم، ما يدفعهم إلى الانسحاب من التفاعل الاجتماعي، وهو ما ينعكس سلباً على ثقتهم بأنفسهم.
وأكدت أن هذه التأثيرات مجتمعة تؤدي في النهاية إلى تراجع ملموس في التحصيل الأكاديمي، خاصة خلال الحصص الأولى التي يفترض أن تكون ذروة تركيز الطالب.
نقطة أساسية
وأول هذه التأثيرات هو زيادة التركيز والانتباه، حيث يمد الفطور الدماغ بالجلوكوز اللازم ليستعيد نشاطه بعد النوم، ما يجعل الطالب أكثر يقظة خلال الحصص الأولى، كما أن الفطور يسهم في تحسين الذاكرة والتحصيل الأكاديمي، إذ يساعد على تثبيت المعلومات واسترجاعها بسهولة، وهو ما ينعكس مباشرة في نتائج الاختبارات اليومية.
وأضافت عايش أن الفطور يمنح الطلبة استقراراً سلوكياً ومزاجياً، إذ يقلل من فرص الانفعال والعصبية، ويعزز القدرة على التفاعل مع الزملاء والمعلمين.
وأكدت أن الجانب الجسدي لا يقل أهمية، فالفطور الصحي يسهم في تقوية المناعة ودعم النمو البدني من خلال توفير الفيتامينات والمعادن والبروتينات الضرورية لبناء العظام والعضلات.
وأشارت كذلك إلى أن هذه الوجبة تعزز لدى الطفل عادة غذائية طويلة المدى، بحيث يظل متمسكاً بها كجزء من نمط حياة صحي ومتوازن.
أثر واضح
فالطالب الذي يأتي وقد تناول وجبته الصباحية يكون أكثر نشاطاً وقدرة على التفاعل مع المعلم والمشاركة في الحوارات الصفية، بينما الطالب الذي يذهب إلى المدرسة من دون فطور غالباً ما يبدو أقل حيوية ويميل إلى الشرود أو التعب السريع.
وأكد أن هذه الفوارق تعكس أهمية التعاون بين البيت والمدرسة في توعية الأسر بأهمية الفطور، مشيراً إلى أن تعزيز الوعي الصحي لدى الطلبة ينعكس بشكل مباشر على التحصيل الأكاديمي والانضباط السلوكي في الصفوف.
وتشير إلى أن هذا الطقس يعكس نفسه في المدرسة، حيث يظهر الطالب أكثر استعداداً للتفاعل، وأكثر قدرة على استثمار طاقته الذهنية في التعلم بدلاً من التفكير في الجوع.
ودعت أحمد أولياء الأمور إلى جعل الفطور عادة أساسية لا يمكن التنازل عنها، مشددة على أن بضع دقائق صباحية تمنح الطفل يوماً كاملاً من التركيز والحيوية.
ومع بداية عام دراسي جديد، فإن تعزيز ثقافة الفطور يمثل خطوة بسيطة بمردود كبير، ينعكس على التحصيل والسلوك ويضمن بيئة مدرسية أكثر استقراراً ونشاطاً.
كما أكد المرشد الأكاديمي في مدرسة المعارف الأمريكية مروان حامد، أن المدارس تتحمل دوراً محورياً في نشر ثقافة الفطور بين الطلبة وأولياء الأمور، موضحاً أن كثيراً من الأسر تنشغل بتجهيز الزي المدرسي والحقائب ووجبات المدرسة، وتغفل عن تجهيز وجبة بسيطة للطفل قبل خروجه، وهو ما يستدعي تكثيف التوعية.
وفي اليابان، يتشارك الطلبة في تناول وجبة صباحية جماعية تعزز قيم الانضباط والاندماج الاجتماعي، وتكسر حاجز الجوع المبكر.
وتظهر هذه التجارب أن الاستثمار في الفطور لا يقتصر على الصحة، بل يمتد ليصبح أداة للتربية على القيم وتنظيم الوقت.
