شهد العام 2025 مرحلة محورية في مسيرة التنمية الاقتصادية لدولة الإمارات، حيث تمت ترجمة الرؤى الاستراتيجية الطموحة التي وضعتها القيادة الرشيدة إلى إجراءات وسياسات مالية مدروسة بعناية.

ولرسم طريق تنفيذ تلك الرؤى، وقع العبء الأكبر على وزارة شديدة الأهمية تلعب الدور المحوري في بناء اقتصاد الإمارات وتمهيد الطريق لتنافسيته عالمياً، وهي «وزارة المالية»، والتي يقودها سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، والذي نجح باقتدار في وضع هذه الرؤى موضع التنفيذ والتحقيق، بل استطاع أن يردف معها أهداف الريادة المستمرة والمستدامة لدولة الإمارات إقليمياً وعالمياً.

30 جهة اتحادية وقطاع أعمال تستفيد من منصة المشتريات الرقمية التي أطلقتها وزارة المالية

10 مبادرات رقمية نوعية طورتها الوزارة مستندة إلى الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات

رفع شعار الاستدامة المالية أساس النمو والريادة.. والاستثمار في الإنسان والمجتمع أهم الأولويات

مبادرات أسهمت في جعل الإمارات أحد الاقتصادات الأكثر تنافسية في العالم

اتخذت وزارة المالية، تحت قيادة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، خطوات استباقية وجريئة لبناء نموذج مالي حكومي متقدم قادر على التفاعل الذكي مع المتغيرات العالمية، وداعم للتحول نحو اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار.

وقاد سمو الشيخ مكتوم بن محمد، باستمرار، الجهود الجماعية لتطوير سياسات مالية واستراتيجية تعزز من القوة الاقتصادية للدولة، وتدعم التنويع الاقتصادي، والاستدامة المالية، والتحول الرقمي للخدمات المالية الحكومية.

وجاءت جهود وزارة المالية تحت قيادة سموه خلال 2025 مكملة لرؤية القيادة الرشيدة في جعل الإمارات من الاقتصادات الأكثر تنافسية في العالم وضمن أهم الوجهات الجاذبة للاستثمار، من خلال مبادرات استراتيجية شاملة تعكس توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في دعم النمو المستدام، وتحفيز الابتكار، وتمكين القطاع الخاص.

وشكلت المبادرات والمشاريع -التي أُطلقت أو دُعمت تحت قيادة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم- نسيجاً متكاملاً يربط بين الابتكار التكنولوجي والاستدامة المالية والتنمية الاقتصادية الشاملة، من خلال التحول الرقمي الطموح في الخدمات المالية، والسياسات المالية الرشيدة التي تدعم أكبر الموازنات التنموية، والمبادرات المحلية والدولية التي تجذب الاستثمارات وتعزز الشراكات، وتضع بها وزارة المالية لبنات صلبة لتحقيق رؤية الإمارات الطموحة، فهذا النهج المتكامل والمستشرف للمستقبل يؤكد أن دولة الإمارات تمضي بثقة نحو ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للاقتصاد الرقمي والاستثمار والابتكار.

مبادئ أساسية

عند رصد السياسات التي تبناها سموه خلال العام الجاري، نجد أنها تقوم على مبادئ أساسية عدة، أولها: الاستدامة المالية كأساس للنمو الطموح، حيث ربط سموه بين اعتماد الميزانيات الأكبر في تاريخ الدولة وتحقيق الاستدامة المالية، كما تبنى سموه مبدأ الاستثمار في الإنسان والمجتمع، حيث تضع السياسات المالية جودة حياة المجتمع في صلب أولوياتها، وهو ما تجلى في الإنفاق الحكومي الموسع لقطاعات الصحة والتعليم والإسكان والشباب والرياضة.

ورفع سموه مبدأ الابتكار المالي أداة استراتيجية للتقدم، حيث إن سموه لا ينظر إلى الابتكار على أنه غاية تقنية فحسب، بل أداة استراتيجية لتحقيق أهداف اقتصادية أوسع، وهو ما يترجَم في أداء وزارة المالية وفي سياستها القائمة على بناء نموذج حكومي يتيح للأفراد والمؤسسات أن يكونوا شركاء فاعلين في منظومة الأداء المالي الوطني.

وقد كان 2025 عاماً حافلاً بالمبادرات والمشروعات التي دفعت بعجلة الاقتصاد الإماراتي نحو آفاق جديدة من النمو والاستدامة، من التحول الرقمي للمالية العامة إلى المبادرات المالية المبتكرة مثل برنامج الصكوك، وصولاً إلى تمكين الجيل الناشئ وفتح آفاق التعاون الدولي.

فكل هذه الجهود تعكس رؤية سموه في أن اقتصاد الإمارات مسؤولية استراتيجية وطنية ومشروع تنموي طويل الأمد، كما أن هذه المبادرات لا تدعم النمو فحسب، بل تضع أيضاً أسساً مالية قوية لمستقبل مستدام، شفاف، ومرن قادر على مواجهة التحديات العالمية والاستفادة من الفرص المستقبلية.

ميزانية الاتحاد

ومن الصعوبة أن نحصر ما أطلقه سموه خلال العام الجاري من مبادرات ومشروعات وخطط، لكن يمكن أن نعطي بعض الأمثلة على المبادرات والمشروعات الأهم التي كان لها الدور الأكبر في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف الشاملة لدولة الإمارات، ومنها إطلاق دورة الميزانية العامة للاتحاد للأعوام 2027–2029، والتي ركزت على القطاعات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والمنافع الاجتماعية، وتضع تمكين الجهات الحكومية من تقديم خدمات عالية الجودة على رأس أولوياتها.

وقال سموه إن وزارة المالية تواصل جهودها الرائدة لتطوير الميزانية العامة لتصبح أداة استراتيجية تسهم في تعزيز تنافسية الإمارات العالمية في المجالات كافة، وبهمة وجهود كفاءاتنا الشابة الطموحة نواصل صناعة المستقبل، ونمضي بثقة نحو ترسيخ ريادة الإمارات وتقدمها على الساحة العالمية.

كما علق سموه على اعتماد مجلس الوزراء خطة الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026، بإجمالي 92.4 مليار درهم، مقارنة بـ 71.5 مليار درهم في ميزانية عام 2025، بما يمثل قفزة نوعية بنسبة تقارب 29 %، حيث تعد هذه الميزانية الاتحادية الأكبر، مقارنة بميزانيات السنوات المالية السابقة، ما يعكس قوة الاقتصاد الوطني والالتزام بدعم مسيرة التنمية المستدامة في الدولة.

وقال سموه إن الميزانية تمثل قفزة نوعية في مسيرة العمل الحكومي، حيث تعكس الثقة الراسخة في قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواصلة تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات، مؤكداً أن الزيادة الملحوظة في حجم المصروفات تعكس توجيهات القيادة الرشيدة بأهمية الاستثمار في القطاعات الحيوية التي تمس حياة الناس بشكل مباشر وتدعم استدامة التنمية.

إنجازات 3 سنوات

واطّلع سموه خلال 2025 على تقرير حول إنجازات وزارة المالية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، التي حققت خلالها نقلة نوعية في مسارها نحو تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز مكانة الإمارات وجهة استثمارية عالمية، حيث تضمنت إنجازات الوزارة اعتماد الميزانية الاتحادية الأكبر في تاريخ الدولة، وتفعيل نظام حوكمة الإيرادات الاتحادية، وتحقيق نجاحات استثنائية في إصدار سندات الخزينة الحكومية وصكوك الخزينة الإسلامية، كما قامت الوزارة بتعزيز مسار الشراكة بين القطاعين العام الاتحادي والخاص، وتحقيق نتائج متقدمة ضمن عمليات التحول الرقمي، وإدارة الأصول الحكومية بكفاءة، والمساهمة الفاعلة في تكامل السوق الخليجية المشتركة، وتحقيق حضور مؤثر من خلال مشاركتها في المنظمات الإقليمية والدولية والمبادرات العالمية ممثلة للدولة، وإطلاق مشاريع تحولية تغطي مجالات استراتيجية متعددة تستهدف تعزيز تنافسية الدولة.

وأكد التقرير أنه منذ تولي سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، قيادة العمل المالي الحكومي في 25 سبتمبر 2021، حققت وزارة المالية إنجازات استثنائية في مجالات عدة، ومن خلال اعتماد سياسات مالية مبتكرة وإطلاق برامج ومبادرات وخطط استراتيجية، حرصت الوزارة على توجيه الموارد بما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة، في إرساء دعائم النمو المالي، وتعزيز المرونة والتنوع الاقتصادي وتوفير الحياة الكريمة لشعبها.

وشملت جهود الوزارة ضمن حوكمة الإجراءات المالية، اعتماد سياسة تحصيل إيرادات الحكومة الاتحادية، بواسطة البنوك التجارية العاملة في الدولة، وتطوير منظومة مبتكرة لتحصيل الإيرادات عبر خدمات رقمية مبتكرة.

وتماشياً مع استراتيجية الحكومة الرقمية لدولة الإمارات 2025، حققت وزارة المالية إنجازات نوعية في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية المتكاملة، حيث ركزت على تبني نهج مبتكر، في تصميم خدماتها الرقمية، وتطبيق تقنيات متطورة من خلال إطلاق منصة المشتريات الرقمية الحكومية التي تقدم خدماتها لأكثر من 30 جهة اتحادية وقطاع الأعمال.

مشاركات مبادرات

ولم يتوقف دور وزارة المالية تحت قيادة سموه عند إطلاق المبادرات والمشروعات المالية في إطار الإدارة التقليدية للموازنة، فحسب، بل إن دور الوزارة تحت قيادة سموه يتجاوز ذلك بكثير، ليشمل دعم الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني من خلال سياسات كلية وجامعة، ومبادرات مؤسسية تخدم المجتمع في إطار شامل وتخرج دولة الإمارات إلى محيطها الأكبر، إقليمياً وعالمياً، وهو ما نجح سموه في تحقيقه بكل اقتدار وكفاءة ومسؤولية.

فقد أسهمت السياسات المالية الحكيمة في الحفاظ على التصنيف الائتماني السيادي المرتفع للإمارات من قبل وكالات التصنيف العالمية مثل «فيتش» و«موديز»، ما عزز مكانة الدولة وجهةً استثمارية مستقرة وآمنة، كما كان للوزارة دور محوري في صياغة السياسات المالية الدولية من خلال المشاركة الفاعلة في منتديات مثل مجموعة العشرين ومجموعة «بريكس».

وحققت برامج مثل «سندات الخزينة الحكومية» و«صكوك الخزينة الإسلامية» المقومة بالدرهم نجاحاً ملحوظاً في تعزيز السيولة المالية واستقطاب الاستثمارات المحلية والدولية، والإسهام في تطوير السوق المالية المحلية.

كما أطلقت الوزارة مبادرات مؤسسية عدة لدعم برنامج «تصفير البيروقراطية» وتبسيط الإجراءات الحكومية.

كما استهدف «برنامج قيادات الصف الثاني» إعداد جيل جديد من القيادات المالية الوطنية الشابة القادرة على إدارة مستقبل القطاع بكفاءة وابتكار.

وكان للجانب التقني حضور بارز في جهود سموه، حيث تفقد منصة وزارة المالية ضمن جناح الحكومة الاتحادية في معرض «جيتكس جلوبال 2025»، حيث تستعرض أحدث المشاريع والمبادرات الرقمية التي أطلقتها الوزارة في إطار جهودها لتعزيز التحول الذكي في الإدارة المالية الحكومية، وتسريع وتيرة الابتكار في الخدمات المالية العامة.

واطلع سموه على 10 مبادرات رقمية نوعية طورتها الوزارة، مستندة إلى الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، بما يسهم في دعم الكفاءة المالية، وتحسين تجربة المستخدم، وتمكين التكامل بين الجهات الحكومية ضمن منظومة مالية موحّدة وذكية.

وقال سموه: تسير دولة الإمارات، برؤى وتوجيهات القيادة الرشيدة، بثقة نحو بناء نموذج حكومي متقدّم، يقوم على الابتكار والتحول الرقمي الشامل، ويعتمد على الكفاءة والشفافية كونهما ركيزتين لاستدامة التنمية الوطنية.

ويأتي التحول الرقمي المالي في قلب هذه الرؤية، باعتباره أحد أهم الممكنات لتحقيق الجاهزية الحكومية، وضمان إدارة فاعلة ومستدامة للموارد العامة.

لقاءات دولية

وحرص سموه على عقد لقاءات مع رواد القطاع المالي عالمياً، حيث استقبل سموه معالي الدكتور يورغ كوكيز، وزير المالية الألماني، وتم بحث سبل تعزيز التعاون في المجالات المتعلقة بالقطاع المالي، إلى جانب التعاون بين مجتمعي الأعمال في البلدين.

وأشاد سموه بالنهج الاستباقي الذي تتبعه وزارة المالية الألمانية في تعزيز العلاقات الثنائية، في حين تم خلال الاجتماع مناقشة مجموعة من القضايا محل الاهتمام المشترك، منها التجارة الثنائية، والاستثمار والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتعليم، حيث أكد الجانبان عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين الإمارات وألمانيا، مشددين على أهمية تعزيز التعاون في مختلف المجالات.

والتقى سموه كذلك معالي جيلس ورث، وزير المالية في لوكسمبورغ، حيث بحث سموه معه سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات حيوية عدة، في مقدمتها الشؤون المالية والتبادل التجاري والابتكار والتقنيات الناشئة، وبما يدعم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة للجانبين.

كما تطرق النقاش إلى علاقات التعاون الثنائي بين الإمارات ولوكسمبورغ، وسبل الارتقاء بها.

كذلك التقى سموه مع خافيير بيريز تاسو، الرئيس التنفيذي لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك «سويفت»، حيث جرى بحث سبل التعاون في ظل تنامي مكانة الإمارات مركزاً مالياً عالمياً مدعوماً ببنى تحتية رقمية متطورة تُسهم في رفع كفاءة التدفقات المالية حول العالم.

وأكد سموه أن دبي تواصل ترسيخ موقعها بين أبرز المراكز المالية الدولية.

وحرصت وزارة المالية على مواصلة جهودها في تعزيز التكامل المالي والاقتصادي مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من خلال تنفيذ مجموعة من المشاريع والمبادرات التي تعزز النمو المستدام والتعاون الاقتصادي المشترك، والتي تتجلى في استكمال خطوات قيام الاتحاد الجمركي، من خلال الاجتماعات الفنية واقتراح آليات لتذليل العقبات، والمساهمة في تمكين استراتيجية التحول الرقمي للسوق الخليجية المشتركة على مستوى دول المجلس، وتقديم رؤية حول مستهدفات ومؤشرات قابلة للقياس لورش العمل التعريفية بالسوق الخليجية المشتركة.

وقد شاركت الوزارة في اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والاجتماعات السنوية للهيئات المالية العربية المشتركة، والاجتماعات السنوية لمجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إضافة إلى تنظيم واستضافة الفعاليات الإقليمية والدولية، ومنها منتدى المالية العامة للبلدان العربية، ضمن القمة العالمية للحكومات، وتنظيم الجلسة المغلقة عالية المستوى، اللذان يحضرهما معالي وزراء المالية العرب ومدراء ورؤساء المنظمات والمؤسسات المالية الدولية وكبار الاقتصاديين والمختصين.