اختتمت أمس في أبوظبي أعمال مؤتمر تريندز الخامس حول الأمن المائي المستدام، الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات على مدى يومين كاملين، بمشاركة 33 مسؤولاً وخبيراً وباحثاً من عدة دول، وبحضور رفيع المستوى.

وأكد المؤتمر أن المياه قضية وجودية ومسؤولية مشتركة، وأن التعاون المائي يمكن أن يتحول من مصدر صراع إلى قاطرة للتكامل الإقليمي والسلام والتنمية إذا تأسس على العدالة والإنصاف، مشدداً على أن الاستثمار في المياه هو استثمار في الأمن والاستقرار والازدهار للأجيال القادمة.

وأجمع المشاركون على جملة من التوصيات التي تشكّل خريطة طريق للأمن المائي المستدام عالمياً وإقليمياً، أبرزها: ضرورة تعزيز التمويل المبتكر عبر السندات الخضراء، والتمويل الممزوج، وآليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتسريع الاستثمار في البنية التحتية المائية، مع ضمان وصول الحلول إلى المجتمعات الأكثر هشاشة، وتسريع الابتكار التكنولوجي في مجالات التحلية، والمعالجة، والاستشعار عن بُعد، والتوأم الرقمي، والذكاء الاصطناعي، بما يسمح بالتنبؤ المبكر بالأزمات وتطوير حلول قابلة للتطبيق على نطاق واسع، وإعادة تعريف المياه كعنصر للأمن الشامل لا كقضية بيئية فقط، بل كمدخل لتحقيق السلام، والاستقرار الاقتصادي، والأمن الغذائي، والتكيف مع التغيرات المناخية طويلة المدى، وتعزيز التعاون العابر للحدود عبر أطر حوكمة تكيفية، وإنشاء منصات مؤسسية مثل اللجان المشتركة وآليات الرصد الدائم، وتبني استراتيجيات استشرافية لتحويل الأنهار الكبرى من بؤر توتر إلى قاطرات للتكامل والتنمية، واعتماد مقاربات متعددة التخصصات والقطاعات لإيجاد حلول طويلة الأجل، مع إدماج مبادئ العدالة والإنصاف في تقاسم المياه لتفادي اختلالات القوة بين الدول.

كما أوصى المؤتمر بتمكين الشراكات متعددة الأطراف بين الحكومات والوكالات الدولية ومراكز الفكر، بما يحوّل المعرفة البحثية إلى سياسات عملية ويمكّن من إدماج الأمن المائي في أجندات المناخ والسلام والتنمية المستدامة، والتوسع في الوصول إلى التمويل الدولي المخصص للمشاريع المائية المبتكرة والمستدامة، بما يعزز قدرة الدول الهشة على بناء صمودها أمام ندرة المياه، وتوعية المجتمع بأهمية المياه كعنصر وجودي، انطلاقاً من قاعدة الثلاثة (The Rule of Three) التي تبيّن أن الإنسان لا يستطيع البقاء أكثر من ثلاث دقائق من دون هواء، أو ثلاثة أيام من دون ماء، أو ثلاثة أسابيع من دون غذاء، وهو ما يجعل المياه الأكثر حيوية في أوقات الأزمات الكبرى.

الجلسة الرابعة

وكان المؤتمر قد استأنف أعماله بعقد الجلسة الرابعة تحت عنوان: «التمويل والاستثمار في تطوير النظم المائية»، حيث ناقشت هذه الجلسة، التي أدارتها لطيفة إبراهيم الجنيبي، باحثة لدى تريندز للبحوث والاستشارات، آليات الاستثمار في قطاع المياه كرافعة أساسية لتحقيق الأمن المائي.

وشدد روبرت سي. بريرز، مؤسس منظمة «مياهنا المستقبلية» في نيوزيلندا، على ضرورة تبني أدوات مالية مبتكرة مثل السندات الخضراء والشراكات مع القطاع الخاص لتسريع تمويل مشروعات المياه، فيما أكد فيجاي باينز، الرئيس التنفيذي للاستدامة في بنك الإمارات دبي الوطني، على دمج المخاطر المائية ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية في قرارات التمويل البنكي لضمان استدامة الاستثمارات.

بدوره عرض أحمد الكلباني، المدير الإقليمي لأفريقيا في صندوق أبوظبي للتنمية، تجربة الصندوق في تمويل مشروعات المياه بالدول النامية. كما أوضح بين ديفيس، خبير اقتصادي ومدير مكتب تريندز في جنوب أفريقيا، أن غياب أنظمة واضحة لحقوق استخدام المياه في أفريقيا يحد من الاستثمار.

الجلسة الخامسة

عقب ذلك، ناقشت الجلسة الخامسة، التي أدارتها نور سيف المزروعي، باحثة ورئيسة برنامج الذكاء الاصطناعي في تريندز، تحت عنوان: «التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لأمن المياه»، أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية التي تسهم في ضمان استدامة المياه.

وعرض البروفيسور سعيد الحسن الخزرجي، مؤسس شركة «مانهات»، تقنيات مبتكرة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية دون الحاجة إلى محطات تقليدية، مما يسهم في تقليل التكاليف والانبعاثات.

بدورها أكدت علياء المزروعي، مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، أهمية تطوير أبحاث تطبيقية تجمع بين الذكاء الاصطناعي والتقنيات الجوية لضمان استدامة الموارد المائية.

كما استعرض الدكتور حسني غديرة من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بأزمات المياه،. وأوضح الدكتور خالد الغفلي من جامعة الإمارات أن التوأم الرقمي والبيانات الفضائية يفتحان آفاقاً جديدة لفهم ديناميكيات المياه الجوفية ورصدها بشكل أدق.