أكدت الدكتورة حياة الحوسني، أخصائية تطوير البرامج في مؤسسة التنمية الأسرية، أن تعزيز المعرفة الرقمية لدى كبار المواطنين أصبح ضرورة لا غنى عنها في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم.

وتتبنى المؤسسة خدمة الالتحاق بورش التأهيل الرقمي منذ العام 2021، حيث استفاد منها على امتداد أربع سنوات ما يزيد على 7225 من كبار المواطنين، كما بلغ عدد المستفيدين في النصف الأول من العام الجاري 603 مشاركين، وتتيح هذه الخدمة الفرصة لهذه الفئة لاكتساب المهارات الرقمية، حيث يصبح كبار المواطنين قادرين على استخدام التطبيقات والمنصات الإلكترونية لإجراء معاملاتهم البنكية، وحجز مواعيدهم الصحية، والتواصل مع الجهات الخدمية دون الحاجة إلى التنقل أو الاعتماد على الغير.

وأشارت الحوسني إلى أن دمج كبار المواطنين في الفضاء الرقمي ليس فقط مسألة تمكين تقني، بل هو خطوة نحو تعزيز الرفاهية من خلال العالم الرقمي، وتحقيق شمول اجتماعي يحترم الخبرة الحياتية ويواكب التغيرات التقنية، بما يضمن لهم حياة كريمة متكاملة من حيث الكفاءة، والاندماج، والاحترام، حيث بلغ رضا المتعاملين عن البرنامج من بداية عام 2025 نسبة 96.92%.

وأضافت الحوسني أن المعرفة الرقمية تسهم في كسر العزلة الاجتماعية التي قد يعاني منها البعض، حيث تمكّنهم من التواصل مع أبنائهم وأحفادهم عبر تطبيقات الاتصال المرئي، والمشاركة في الأنشطة والفعاليات الافتراضية، ومتابعة الأخبار والمستجدات بسهولة، كما تعزز من شعورهم بالاستقلالية والثقة، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة للتعلم الذاتي والمشاركة المجتمعية، ومن الأمثلة على ذلك سيدة في السبعين من عمرها التحقت ببرنامج تدريبي على استخدام الهاتف الذكي بعد أن شعرت بعزلة كبيرة نتيجة تباعد أبنائها وأحفادها جغرافياً، ومع مرور الوقت، تمكنت من إجراء مكالمات فيديو يومية مع أحفادها، والمشاركة معهم في مناسباتهم المدرسية والعائلية بشكل أفضل، ما أعاد لها شعوراً عميقاً بالانتماء والسعادة، وفي قصة أخرى، يروي أحد كبار المواطنين تجربته بعد تعلمه استخدام التطبيقات الحكومية، حيث بات يجدد بطاقة الهوية وتصاريح الإقامة بسهولة، ويتابع ملفه الصحي عبر التطبيقات الرسمية دون الحاجة للذهاب إلى المراكز الخدمية، كما نجحت الخدمة في ربط كبار المواطنين بمنصات العمل التطوعي الرقمي.

وأضافت الحوسني: إن المؤسسة تتبنى منهجية شاملة تراعي الفروق الفردية لدى كبار المواطنين، سواء على مستوى القدرات الذهنية أو الجسدية، وذلك بهدف ضمان إشراكهم بفاعلية في البرامج الرقمية وتحقيق تجربة تعلم إيجابية ومستدامة، وتبدأ هذه المنهجية من تصميم المحتوى التعليمي، حيث يُراعى فيه أن يكون مبسطاً، خالياً من التعقيدات التقنية، ولضمان تحقيق أقصى استفادة، توفر المؤسسة دعماً فردياً من قبل مدربين مؤهلين ومدرَّبين خصيصاً للتعامل مع فئة كبار المواطنين، ممن يمتلكون المهارات التربوية والإنسانية اللازمة للتواصل الفعّال والصبور، بالإضافة إلى زيارات منزلية أو جلسات مخصصة عند وجود عوائق جسدية تمنع الحضور إلى مقر التدريب، كما يتم إشراك كبار المواطنين في تصميم وتقييم البرامج التدريبية، لضمان أن تكون المبادرات نابعة من احتياجاتهم الحقيقية، وليشعروا بأنهم شركاء في عملية التطوير، وليسوا مجرد متلقين.