تكرس القيادة الجديدة في دمشق توجهاتها في الخط النقيض لسياسات النظام السابق، وتعمل جاهدة لتأكيد سيرها في طريق وضع سوريا ضمن المعادلة الدولية بعيداً عما عرف بـ«محور المقاومة»، الذي أصيب بانتكاسة كبيرة خلال الحرب الجارية حالية والمستمرة منذ هجوم 7 أكتوبر في غلاف غزة.

ونقلت وكالة رويترز أمس، عن خمسة مصادر بأن سوريا وإسرائيل على اتصال مباشر، وأنهما أجرتا في الأسابيع القليلة الماضية لقاءات وجهاً لوجه بهدف احتواء التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية. لكن المصادر أشارت إلى أن اللقاءات المباشرة بين الطرفين «قد تفضي لتفاهمات أوسع».

وتمثل هذه الاتصالات تطوراً كبيراً في العلاقات بين الجانبين في وقت تشجع الولايات المتحدة القادة الجدد في دمشق على إقامة علاقات مع إسرائيل، في حين تخفف إسرائيل من قصفها لسوريا.

وكان مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سوريا توماس باراك، التقى السبت الماضي، بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في مدينة إسطنبول. وأشاد باراك «بالخطوات الجادة» التي اتخذها الشرع فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.

ما بعد الأسد

ونقلت وكالة رويترز أمس، عن مصدرين سوريين وآخرين غربيين ومصدر من المنطقة، قولهم: إن الاتصالات تأتي أيضاً استكمالاً لما بدأته محادثات غير مباشرة عبر وسطاء منذ أن أطاحت «هيئة تحرير الشام» بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر. ولم تُنشر أية معلومات في السابق عن المحادثات المباشرة وما تناولته. وحسب المصادر فإن «الطرفين السوري والإسرائيلي عقدا 3 جولات محادثات مباشرة على الأقل بما فيها واحدة في المنطقة الحدودية».

وعلى الجانب السوري، أفادت المصادر بأن الاتصالات جرت بقيادة المسؤول الأمني ​​الكبير أحمد الدالاتي، الذي تم تعيينه بعد الإطاحة بالأسد محافظاً للقنيطرة المتاخمة لهضبة الجولان المحتلة منذ عام 1973.

ولم تذكر «رويترز» هوية المشاركين من الجانب الإسرائيلي، غير أنها نقلت عن اثنين من المصادر قولهما إنهم مسؤولون أمنيون.

تطور نادر

وكانت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية نقلت منتصف هذا الشهر عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل والنظام السوري الجديد أجريا مؤخراً محادثات مباشرة، في تطور نادر يشير إلى تحولات في العلاقات بين البلدين اللذين كانا في حالة عداء طويل. وبحسب المصدر، جرت المحادثات في أذربيجان، وشارك فيها رئيس هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي عوديد بسيوق، والتقى ممثلين عن الحكومة السورية بحضور مسؤولين أتراك.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع صرّح في وقت سابق من الشهر الجاري بأن حكومته تجري محادثات غير مباشرة مع إسرائيل لوقف هجماتها على الأراضي السورية.

ويأتي الإعلان عن أول تواصل مباشر بين سوريا وإسرائيل، في ظل إشارات سورية مهمة، منها إعادة أرشيف الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين والإعلان صراحة عن الاستعداد للحوار وإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات تعكس تراجع النفوذ الإيراني في سوريا، وتحرك قادة دمشق الجدد نحو تحسين العلاقات مع الغرب.