في الشهور الثلاثة الأولى من سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، تخلت البيانات الدولية تدريجياً عن ربط عملية الانتقال السياسي في سوريا بالقرار الأممي 2254، وحتى في الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي غير بيدرسون، الأسبوع الماضي، لم يتطرق إلى القرار الدولي رغم أنه في منصب رسمي هدفه تطبيق هذا القرار.

وكانت تلك إشارة إلى أن الدبلوماسية السورية تجاوزت هذا القرار، وأن عملية الانتقال السياسي تتم حالياً بدون مرجعية دولية أقرت في عهد الأسد، والعملية الجديدة تتم برعاية ودعم من دول كبيرة على رأسها الولايات المتحدة لكن دون مرجعية القرار الدولي.

وكان ينظر إلى هذا التغيير في الاتجاه السياسي بمثابة انعطافة، إذ أصبح واضحاً أن الدول الكبرى تسعى إلى حلولها الخاصة للأزمة السورية، بعيداً عن إطار الأمم المتحدة والقرارات الدولية.

لكن الاجتماع الذي جرى الأحد في مجلس الأمن الدولي شكل مفاجأة دبلوماسية، فقد أعرب مجلس الأمن الدولي، عن قلقه البالغ إزاء التصعيد الأخير في أعمال العنف التي اندلعت بمحافظة السويداء ودعا جميع الأطراف إلى الالتزام بترتيب وقف إطلاق النار وضمان حماية السكان المدنيين. كان هذا التصعيد شهد ممارسات من مختلف الأطراف في المنطقة.

لكن المفاجئ هو ذكر المجلس للقرار 2254 ثلاث مرات في بيانه، حيث دعا إلى تنفيذ عملية سياسية شاملة للجميع يقودها السوريون ويمسكون بزمامها، استناداً إلى المبادئ الرئيسة الواردة في القرار 2254..

ويشمل ذلك حماية حقوق السوريين كافة، بغض النظر عن انتمائهم العرقي أو الديني. وشكل هذا التأكيد للقرار الدولي رسالة مفادها، أن المجتمع الدولي لا يزال ينظر إلى هذا القرار كمرجعية أساسية لحل النزاع.

وجدد المجلس تأكيد أهمية دور الأمم المتحدة في دعم عملية الانتقال السياسي في سوريا وفق المبادئ التي ينص عليها القرار 2254. وزيادة على التأكيد.

فقد أعرب المجلس عن دعمه لجهود مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في هذا الصدد، ما يعني ذلك عملياً دعوة إلى إعادة ملف الانتقال السياسي في سوريا إلى عهدة الأمم المتحدة، ما قد يشكل مقدمة لتدويل العملية السياسية في سوريا.

من خلال هذا الموقف، يظهر أن هناك رغبة دولية في إعادة إحياء العملية السياسية تحت مظلة الأمم المتحدة، وهو ما قد يغير التوجهات الحالية ويعيد تشكيل المشهد الدبلوماسي من جديد.

مرجعية حل

وطيلة السنوات الماضية، لم يتم تطبيق بنود هذا القرار الذي كان من المفترض أن ينتهي إلى عملية انتخابات حرة ونزيهة برقابة دولية. لكن رغم تجاهل نظام الأسد للقرار، فقد بقي مرجعية الحل في سوريا حتى سقوط نظام الأسد.

ووجه الخطورة في تضمين البيان الأخير للقرار الدولي واعتباره مرجعية للحل، هو أن الحكومة الجديدة في سوريا باتت مطالبة برعاية تنفيذ هذا القرار.

وربما وفق القانون الدولي تصبح كافة الخطوات التي قامت بها الحكومة على الصعيد الداخلي محل إعادة نظر، بما في ذلك الإعلان الدستوري وخطوات الانتخابات المزمع إجراؤها في الشهور المقبلة.

ومن الممكن أن تعترض بعض القوى السياسية على تطبيق القرار 2254، وخاصة إذا كانت هذه الخطوات تتعارض مع العملية السياسية الداخلية التي ترعاها الحكومة السورية.

وفي حال إعادة النظر في هذه الإجراءات، قد تكون العملية الانتقالية مرهونة بتعديل بعض البنود الأساسية التي طرحتها الحكومة السورية.

والقرار الدولي 2254 هو قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 2015، ويعتبر من أهم القرارات المتعلقة بالأزمة السورية.

ويهدف القرار إلى إيجاد حل سياسي شامل للصراع المستمر في سوريا منذ عام 2011، ويمثل إطاراً للتوصل إلى تسوية سلمية دائمة للصراع.

ويحتوي القرار على مبادئ أساسية تتضمن وقف الأعمال العدائية، وحماية المدنيين، والإفراج عن المعتقلين، واستئناف العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة.