لم تسفر جولة الحوار الأخيرة بين الحكومة السورية و«الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» عن نتائج فورية، وذلك خلال اجتماع عقد أول من أمس في دمشق بحضور المبعوث الأمريكي توم باراك، إلى جانب ممثلين عن بعثات أوروبية، أبرزها من فرنسا وألمانيا والسويد.

ورغم الأجواء الحذرة، فإن ثمة آمالاً لدى بعض الأطراف بأن يشهد هذا الاجتماع تقدماً في مسار التفاوض الذي انطلق منذ اتفاق 10 مارس الماضي.

لكن البيان الختامي الصادر عن الحكومة السورية أعاد التأكيد على وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي صيغة فيدرالية أو حكم ذاتي خارج إطار الدولة.

هذا الموقف قابله رد سريع من بعض القيادات الكردية التي أعلنت تمسكها بوحدة البلاد ورفض مشاريع التقسيم، مشددين على أن الخلاف يتمحور حول كيفية دمج قوات «قسد» ضمن هيكلية الجيش السوري، مع ضمان حقوق هذه القوات وخصوصياتها.

وأكد بعض المسؤولين في الإدارة الذاتية أن عملية الدمج يجب أن تراعي تجربة السنوات الماضية، والدور الذي لعبته «قسد» في محاربة الإرهاب، مع ضرورة التوصل إلى آلية انتقالية متفق عليها.

ويرى مراقبون أن هذه الجولة حملت مؤشرات على عودة التوتر الخفي بين الطرفين، خلافاً لأجواء الانفراج التي رافقت الاتفاق الأول بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي في 10 مارس الماضي.

والذي أحدث حينها موجة من الفرح، حيث رأت شرائح واسعة من السوريين في الاتفاق بادرة أمل لوضع حدٍ لحالة الانقسام السياسي والعسكري.

ومع أن الجولة الحالية لم تفضِ إلى تقدم ملموس، إلا أن الحكم على فشل الحوار يبدو متعجلاً، خاصة أن المبعوث الأمريكي لا يزال يعمل ضمن تفويض دبلوماسي خاص من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويُتوقع أن يُقدّم خلال الأسابيع المقبلة مقترحات جديدة تتضمن خارطة طريق لتجاوز نقاط الخلاف، لاسيما في ملفي القوات العسكرية والموارد الطبيعية.

حتى الآن، لم تُفعّل واشنطن أدوات الضغط الجادة على الأطراف، إذ تتبنى مقاربة تقوم على تشجيع الحوار، مدفوعة برغبة في الحفاظ على التوازن الدقيق بين دعم حلفائها في الإدارة الذاتية، وتجنّب صدام مباشر مع دمشق، في ظل تحولات إقليمية ودولية معقدة.

ويبدو أن ثقة دمشق المتنامية بالدور الأمريكي نابعة من المساعي التي تبذلها واشنطن في ملف رفع أو تخفيف العقوبات.

ومن جهة أخرى، يعي الجانب الأمريكي أن أي صدام بين «قسد» ودمشق سيسبب إحراجاً للدور الأمريكي الذي سيجد نفسه عالقاً بين دمشق حيث مقر عمل باراك، والقامشلي حيث معقل القوات الأمريكية في سوريا.