دعت قطر ومصر، اللتان تولتا وساطة إلى جانب الولايات المتحدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، إلى انسحاب القوات الإسرائيلية ونشر قوة استقرار دولية في القطاع، كخطوتين ضروريتين لتنفيذ الاتفاق بشكل كامل.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في منتدى الدوحة: «نحن الآن في اللحظة الحاسمة.. لا يمكننا أن نعتبر أن هناك وقفاً لإطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة». وأكد رئيس الوزراء القطري أن بلاده وتركيا ومصر والولايات المتحدة توحد موقفها للدفع قدماً بالمرحلة المقبلة من الخطة. وأشار الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى أن هذه المرحلة هي مجرد مرحلة مؤقتة من منظورنا. إذا كنا نقوم بمجرد حل لما حصل في السنتين الماضيتين، فهذا ليس بالأمر الكافي، داعياً إلى حل مستدام يحقق العدالة لكل من الشعبين.

وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن المفاوضات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار في غزة تمر بمرحلة حرجة. وأضاف خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات منتدى الدوحة أن الوسطاء يعملون معاً على دفع الجهود لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار. وتضطلع قطر بدور الوساطة لإنهاء الحرب، وهدأت أعمال العنف لكنها لم تتوقف منذ سريان وقف إطلاق النار. نحن في لحظة حرجة، لم نحقق الهدف بعد، لذا فإن ما قمنا به للتو هو مجرد توقف مؤقت.

من جانبه، دعا وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية. وقال خلال المنتدى: «إننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين». وكرر عبدالعاطي التأكيد أن معبر رفح لن يكون بوابة للتهجير، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية.

وقال عبدالعاطي إن إدارة الشؤون اليومية لسكان قطاع غزة يجب أن تتم عبر لجنة إدارية ديمقراطية فلسطينية، تتولى تقديم الخدمات الأساسية مثل الأمن والقضاء والصحة، مؤكداً أن فلسطين موحدة ولا يمكن فصل غزة عن الضفة الغربية. وأوضح عبدالعاطي، في جلسة بعنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والحوكمة العالمية والتعددية والوصول الإنساني والاستجابة للأزمات.. حسابات غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية وسبل السلام»، أن استقرار المنطقة مرتبط بتحقيق الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ 5 يونيو 1967، بما يشمل غزة والضفة الغربية، مشيراً إلى أن الوضع في الضفة الغربية أسوأ أحياناً من غزة بسبب اعتداءات المستوطنين ومصادرة الأراضي وأنشطة الاستيطان التي تهدف إلى تقويض إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية.

وأضاف أن الاتصال بين غزة والضفة الغربية ضرورة حيوية لضمان وحدة الأراضي الفلسطينية وتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة الشؤون في غزة، منوهاً بأن الأمن والمساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي، بل يجب توفير أفق سياسي يتيح تحقيق الدولة الفلسطينية ويزرع الأمل بين الفلسطينيين. وشدد على أن مصر تدعم تشغيل جميع المعابر مع غزة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية والطبية، مبيناً أن معبر رفح يعمل على مدار الساعة من الجانب المصري، ويجب ألا يكون وسيلة لإخراج السكان من وطنهم، مع السماح فقط للمرضى بالحصول على العلاج الخارجي والعودة بعده. وأكد أن مصر لن تحكم غزة أو أي منطقة فلسطينية، بل تدعم الفلسطينيين لإدارة شؤونهم بأنفسهم، مشدداً على أن أي حل مستدام للأمن في المنطقة يرتبط بتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة.

مسائل عالقة

وفي معرض حديثه خلال منتدى الدوحة، أشار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى أن المحادثات قائمة بشأن هذه القوة، لكن مسائل أساسية لا تزال عالقة، على غرار هيكلية القيادة والدول المساهمة، لكن الهدف الأساسي يقضي بالفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بحسب فيدان، الذي شدد على أن هذا هو هدفنا الرئيسي ثم يمكننا التطرق إلى المسائل المتبقية. وأيّد عبدالعاطي الفكرة، داعياً إلى نشر القوة على طول ما يعرف بـ«الخط الأصفر» للتحقق من الهدنة ومراقبتها. وقال وزير الخارجية التركي، عندما سئل عن نزع سلاح حماس: «لا يمكن أن يكون نزع السلاح هو الخطوة الأولى في هذه العملية. علينا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح، علينا أن نكون واقعيين».

مطالب إصلاحات

في الأثناء، دعا المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، قبيل زيارته لإسرائيل، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى إجراء إصلاحات ضرورية وعاجلة في السلطة من أجل أداء دور بناء في قطاع غزة بعد الحرب. وفي محادثة هاتفية مع الزعيم الفلسطيني، دان ميرتس أيضاً الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بحسب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفان كورنيليوس. وأشاد أيضاً بالموقف المتعاون للسلطة الفلسطينية تجاه خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤكداً مجدداً دعم برلين لحل الدولتين، بحسب المصدر نفسه.

موقف

وبعد يوم من التأييد الدولي لتجديد ولاية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، قالت الوكالة إن دورها المستقبلي في غزة غير واضح. وقالت تمارا الرفاعي، مديرة العلاقات الخارجية والاتصالات بالأونروا، إن وكالتها تواصل تقديم الخدمات الإنسانية والتعليمية في غزة، لكنها قالت إن «الأونروا» استُبعدت من المحادثات بقيادة أمريكية بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار. وأضافت الرفاعي أن «الأونروا» بمثابة القطاع العام في غزة. وقالت إنه سيكون من المستحيل تقريباً على المجتمع الدولي تكرار شبكة الوكالة من الخدمات. وتساءلت على هامش منتدى الدوحة أنه إذا تم إلغاء «الأونروا»، فما الوكالة الأخرى التي يمكن أن تحل مكانها؟

ترحيب

على صعيد متصل، رحب رئيس البرلمان العربي، معالي محمد بن أحمد اليماحي، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية الساحقة على عدد من القرارات الخاصة بفلسطين، وفي مقدمتها تجديد ولاية عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» لثلاث سنوات جديدة، مؤكداً أن هذا الدعم الدولي القوي يعكس التمسك العالمي بحقوق الشعب الفلسطيني ورفض محاولات تصفية قضيته العادلة. وقال معاليه، في بيان نشره البرلمان العربي على موقعه الإلكتروني، إن التجديد لـ«الأونروا» في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وحصار يمثل رسالة دعم واضحة للملايين من اللاجئين الفلسطينيين، ويعكس التزام المجتمع الدولي بمسؤوليته القانونية والإنسانية تجاههم، وبأهمية استمرار عمل الوكالة دون تعطيل أو استهداف، وتوفير الحماية، وضمان استمرار تقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لهم دون انقطاع. وشدد اليماحي على أن البرلمان العربي سيواصل تحركاته القوية في جميع المحافل الإقليمية والدولية، لحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حتى ينال استقلاله الكامل.

غارات وقتلى

ميدانياً، قُتل أربعة مواطنين فلسطينيين وأصيب آخرون، أمس، في قصف إسرائيلي على شمال وجنوب قطاع غزة. وذكرت وكالة الصحافة الفلسطينية أن ضابطاً في الدفاع المدني بغزة ارتقى متأثراً بجراحه في قصف استهدف بيت لاهيا. وأشارت إلى أن فلسطينيين قتلا في قصف من طائرة مسيرة استهدف مجموعة من الفلسطينيين في محيط دوار العطاطرة غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة، لافتة إلى مقتل فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية في جباليا البلد شمال غزة. ووصلت إصابة إلى مجمع ناصر الطبي جراء استهداف مجموعة من الفلسطينيين شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، كما نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات نسف واسعة بمناطق شرق قطاع غزة، وسط غارات جوية وقصف مدفعي متواصل، وفق الوكالة. كما ذكر الجيش الإسرائيلي أن جنوده أطلقوا النار في حادثتين منفصلتين على مسلحين تجاوزوا الخط الأصفر وشكلوا تهديداً مباشراً للجنود. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه تم قتل ثلاثة مسلحين.