رغم استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لأكثر من أسبوع، إلا أنّ الطرفين تبادلا الاتهامات بانتهاك الاتفاق، الذي لا يزال هشاً في ظل وجود قضايا عالقة تهدد استمراره.
أمس الأحد، شنت إسرائيل أعنف موجة من الهجمات على قطاع غزة منذ بدء سريان الهدنة في 10 أكتوبر، وأعلنت تعليق المساعدات الإنسانية مؤقتاً، واتهمت حماس بخرق الاتفاق بعد مقتل جنديين إسرائيليين في هجوم قالت إن مقاتلين فلسطينيين نفذوه.
من جانبها، أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 44 فلسطينياً في أنحاء القطاع أمس الأحد، ورغم التصعيد، أكد الجانبان، إسرائيل وحماس، التزامهما باستمرار الهدنة.
تصاعد التوترات الميدانية
ورغم تراجع وتيرة القتال مقارنة بالفترة السابقة، قالت إسرائيل إنّ قواتها تصرفت رداً على تهديدات وشيكة، وهجمات استهدفت جنودها، وأعلنت أنّ جنديين قتلا في هجوم نفذه مسلحون في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، باستخدام صاروخ مضاد للدروع تلاه إطلاق نار مباشر على القوات.
واعتبرت إسرائيل الحادث "انتهاكاً صارخاً" للهدنة، مؤكدة أنّ قواتها ردت باستهداف المنطقة بهدف إزالة التهديد، وتدمير أنفاق ومنشآت عسكرية تابعة لحماس.
تبادل للاتهامات مع تصاعد التوتر
قالت القسام، الجناح العسكري لحماس أمس الأحد، إنها ليست على علم بأي اشتباكات وقعت في منطقة رفح، مشيرة إلى أنها فقدت الاتصال بمقاتلين في تلك المنطقة منذ عدة أشهر.
في وقت متأخر من مساء الأحد، وبعد تنفيذ ضربات استهدفت مواقع تابعة لحماس، أعلنت القوات الإسرائيلية أنها بدأت بتجديد تطبيق وقف إطلاق النار، بحسب بيان عسكري.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن السبت، أنه أطلق النار على مركبة في شمال غزة، بعد أن عبرت إلى منطقة تخضع لسيطرته وشكلت تهديداً لجنوده، بحسب روايته.
تعليق مؤقت للمساعدات
في سياق متصل، أعلنت إسرائيل أمس الأحد تعليق المساعدات الإنسانية إلى غزة مؤقتاً، رغم أن اتفاق الهدنة ينص على تكثيف إرسال الغذاء والإمدادات إلى القطاع، حيث يعاني السكان من الجوع ونقص حاد في الاحتياجات الأساسية.
أفاد مسؤول إسرائيلي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الموضوع، أن تعليق إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يوم الأحد جاء نتيجة كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن المساعدات يُتوقع أن تُستأنف فور انتهاء القصف.
ولم يصدر رد فوري من إسرائيل المسؤولة عن تنسيق إدخال المساعدات إلى القطاع بشأن الموضوع حتى مساء الأحد.
وتنص اتفاقية وقف إطلاق النار على زيادة كبيرة في حجم المساعدات الإنسانية لغزة، بما يشمل إدخال ما لا يقل عن 600 شاحنة يومياً، وذكرت الأمم المتحدة أن كمية المساعدات التي دخلت القطاع منذ بدء الهدنة تفوق ما كان يُسمح بدخوله سابقاً.
وأوضحت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تحديث يوم الجمعة أن منظمات الإغاثة تسلمت يوم الخميس مساعدات طبية وغذائية ووقوداً وخياماً ومستلزمات صحية أخرى من معبري كرم أبو سالم وكسوفيم.
تسليم رفات رهائن إسرائيليين
من جهة أخرى، أعلنت إسرائيل أن حماس أفرجت خلال الأسبوع الماضي عن آخر 20 رهينة إسرائيلية على قيد الحياة، إضافة إلى تسليم جثامين 12 رهينة آخرين.
وتنص اتفاقية وقف إطلاق النار على أن تقوم حماس بإعادة رفات نحو 25 رهينة لقوا حتفهم في غزة بشكل فوري، وفي وقت مبكر من صباح الأحد، قالت حماس في بيان إنها عثرت على جثة رهينة إضافي، وستقوم بتسليمه إذا سمحت الظروف بذلك، إلا أن الجيش الإسرائيلي بدأ بعد ذلك مباشرة تنفيذ ضربات جوية جديدة في غزة، متهماً حماس بخرق الهدنة.
الاتفاق أقرّ ضمناً بأن الدمار الواسع في غزة قد يصعّب العثور على جميع الجثامين بسرعة، وشمل خطة لإنشاء آلية دعم للبحث عن الرفات، بمشاركة الولايات المتحدة وجهات وساطة أخرى، وفقاً لثلاثة مسؤولين إسرائيليين تحدّثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، مساء الأربعاء، إنها سلّمت جميع جثامين الرهائن الإسرائيليين التي تمكّنت من العثور عليها دون الحاجة إلى معدات متخصصة إضافية.
اتهامات متبادلة بشأن الالتزام بالاتفاق
وفي زيارة دبلوماسية إلى إيطاليا يوم الخميس، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر حماس بانتهاك الاتفاق، مؤكداً أن إسرائيل نقلت مخاوفها إلى الجانب الأميركي، وأنها تتوقع من الوسطاء التدخل الفوري لمعالجة الإشكال.
وبحسب ما نص عليه الاتفاق، تلتزم إسرائيل بإعادة جثامين 15 فلسطينياً مقابل كل جثمان رهينة إسرائيلي يتم تسليمه، وحتى يوم الخميس، أعادت إسرائيل 120 جثماناً فلسطينياً إلى قطاع غزة، مقابل 10 جثامين لرهائن إسرائيليين كانت حماس قد سلّمتها.
وفي تصريح مساء الخميس، قال ديفيد ميرسر، المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن آلية التبادل المنصوص عليها في الاتفاق تنطبق فقط على جثامين الرهائن الإسرائيليين، في إشارة إلى أن تسليم جثامين الفلسطينيين ليس التزاماً شاملاً أو دائماً خارج هذا الإطار.
قضايا أكثر تعقيداً في الانتظار
الاتفاق الحالي لوقف إطلاق النار عالج بعض النقاط الأساسية من خطة السلام الأميركية السابقة، بما في ذلك التهدئة، وتبادل الرهائن والأسرى، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع.
لكن القضايا الأكثر تعقيداً لا تزال مؤجّلة إلى مرحلة ثانية من المفاوضات، مثل مسألة سلاح حماس، ومستقبل الحكم في غزة، والجهة التي ستتولى إدارته.
ورغم أن الجولة الثانية من المحادثات لم تُحدد بعد، قال مسؤول إسرائيلي هذا الأسبوع إن تلك المفاوضات لن تبدأ قبل إتمام المرحلة الأولى بالكامل.
