انتهت سنتان من الصراع والدمار في غزة بموافقة إسرائيل وحماس على خطة سلام طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكونة من 20 بنداً، والتي دخل بموجبها وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وبدأت شاحنات المساعدات الإنسانية بدخول القطاع، وجرى تبادل للرهائن والأسرى، وانسحبت إسرائيل مرحلياً من الأراضي التي تسيطر عليها، مع نشر قواتها في منطقة عازلة على طول الحدود البرية لغزة.

وتعدّ مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية وإنشاء قوة استقرار دولية من الأمور الأساسية لضمان السلام على المدى الطويل، إلا أن الخطة غامضة بشكل كبير بشأن هاتين القضيتين، ومع أن هذه التطورات تمثل المرحلة الافتتاحية من الخطة، فإن النزاعات حول إعادة جثث الرهائن الإسرائيليين، إلى جانب المشاكل الطويلة الأمد غير المحلولة، قد تهدد استقرار الخطة.

أوضحت صحيفة الغارديان في مقال لأستاذ العلاقات الدولية "راجان مينون" أن خطة السلام التي طرحها دونالد ترامب تواجه معضلتين أساسيتين قد تهددا استمرار وقف إطلاق النار في غزة.

المعضلة الأولى تتعلق بانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، فعلى الرغم من بدء المرحلة الأولى، لا تزال إسرائيل تحتفظ بأكثر من نصف غزة، بما في ذلك ممر فيلادلفيا الحدودي مع مصر، الذي تطالب حركة حماس بالانسحاب الكامل منه، وحددت الخطة المؤلفة من 20 نقطة نسباً تدريجية للانسحاب، لكنها لم توضح جدولاً زمنياً أو آلية لمراقبة التنفيذ، ما يفتح المجال لتعطيل إسرائيلي محتمل، بحسب الصحيفة.

كما أشارت الغارديان إلى أن حماس، التي قبلت بتنازلات رغم رفضها السابق لأي وجود إسرائيلي في القطاع، تدرك أن الولايات المتحدة لم تفرض أي ضغوط على إسرائيل حين تجاهلت اتفاقيات سابقة واستمرت في عملياتها العسكرية، ما يضعف ثقتها في التزام واشنطن بدورها كضامن.

المعضلة الثانية تتعلق بنزع سلاح حماس، رغم مطالبة الخطة الحركة بتسليم أسلحتها وتدمير أنفاقها ومنشآت تصنيع الأسلحة، فهي خالية من أي آليات للرقابة والتحقق من التنفيذ، مما يمنح إسرائيل ذريعة لتأخير الانسحاب بحجة عدم التزام حماس، ويجعل احتمالات التصعيد مرتفعة.

وتعزز التصريحات الإسرائيلية المخاوف، إذ أكد السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل ليتر أن قوات بلاده ستبقى في غزة حتى يتم نزع سلاح حماس بالكامل، في حين هدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإعادة إشعال الحرب إذا لم يتم "تجريد غزة من السلاح" بالكامل، بينما رفضت حماس التخلي عن أسلحتها، مؤكدة أن هذا الشرط "خارج نطاق التفاوض.

وتتزايد التعقيدات مع قوة الاستقرار الدولية المفترض نشرها بعد انسحاب إسرائيل، إذ لم تُعلن حتى الآن أي تفاصيل عن حجم هذه القوة أو طبيعة مهامها أو الدول المشاركة فيها، مما يثير الشكوك في قدرتها على فرض الأمن أو الصمود أمام أي تدخل إسرائيلي محتمل.

واختتمت الصحيفة بالقول إنّ وقف إطلاق النار في غزة ليس محكوماً عليه بالفشل تماماً، لكنه هش، وإذا انهار فقد تتحول بقية بنود خطة ترامب، مثل استمرار تدفق المساعدات ونشر قوات حفظ السلام وإعادة الإعمار، إلى أمنيات غير قابلة للتحقق، بينما يظل شبح الحرب ماثلاً في الأفق