ما زال مئات الفلسطينيين يسقطون، وتدمر منازلهم، ويغوصون في مستقبل مجهول، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تدخل اليوم عامها الثالث، بدماء ما يزيد على 67 ألف فلسطيني، بينما يجتمع الوسطاء وشركاء العملية السياسية في شرم الشيخ المصرية، مع قادة إسرائيل وحركة «حماس»، فهل هي نهاية الحرب؟

الضغوط مورست على الجانبين، للجنوح للحل، بانتظار اتضاح آلية تنفيذ الاتفاق، لكن لا أحد من المواكبين لمجريات المفاوضات في شرم الشيخ يمكنه الجزم بأن الاتفاق قد تم بالفعل، وإن لاحت تباشيره.

وعلى مدى عشرات الجولات من المفاوضات الماراثونية في القاهرة والدوحة وواشنطن، نجحت الدبلوماسية العربية والدولية، في وقف الحرب مرتين، فهل تكون الثالثة ثابتة؟

على الأرض في غزة، لا شيء يشي بقرب انتهاء الحرب، فالغارات الإسرائيلية لا تتوقف، وشلال الدم ما زال جارياً، لكن في الوقت الذي ما زالت تتساقط فيه القذائف والصواريخ على مراكز اللجوء وخيام النازحين، ثمة بارقة أمل في أن تنجح المساعي السياسية في لجم الحرب، وإخماد كرة النار.

في القطاع المنكوب، يتلقى المواطنون الأنباء القادمة من شرم الشيخ المصرية، بتفاؤل حذر، وسط مخاوف من أن تعمل إسرائيل على عرقلتها، رغم الضغوط الأمريكية عليها، وإعلان تل أبيب في وقت سابق الموافقة على خطة واشنطن.

لهذا القلق والتفاؤل الحذر ما يبرره، كما يقول النازح حمد أبوعودة، من بلدة بيت حانون، مبيناً أن تجارب جولات المفاوضات المتعددة على مدى عامين من الحرب، تجعل الغزيين غير متفائلين، إذ أنه أكثر من مرة اقتربت التهدئة، وسمعنا عن تقدم بالمفاوضات، وقرب التوصل إلى اتفاق، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، على حد تعبيره.

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية القادمة من مصر، إلا أن المواطن على أبوعاصي، من بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، لا يبدي تفاؤلاً، خصوصاً أن الغارات الإسرائيلية لم تتوقف، موضحاً: «من يريد أن يوقف الحرب يمهد لهذا على الأقل بتخفيف حدة القصف.. الإفراط في التفاؤل سببه حالة اليأس والإحباط في حياة الناس، نحن كالغريق الذي يتعلق بقشة، ونخشى أن تقلب إسرائيل الطاولة وتعرقل الصفقة.. أنا أقول هذا الكلام بينما أحاول العودة إلى بيتي، لكني غير مصدق».

وشهدت مناطق واسعة من قطاع غزة حركة غير معتادة للنازحين «المتعجلين» بالعودة إلى منازلهم، رغم استمرار سيطرة الجيش الإسرائيلي عليها، وخطورة الأوضاع في محيطها، ما يؤشر على رغبتهم الجامحة في وقف الحرب، واستعجالهم العودة إلى حياتهم.

مباحثات

ولا يخفي مراقبون مخاوفهم من براعة إسرائيل في إغراق المباحثات الجارية بالكثير من الجزئيات أو «البنود الفضفاضة»، التي من شأنها إفشال المفاوضات، خصوصاً أن الاتفاق الأخير الذي أبرم في 19 يناير الماضي كان يفترض أن يتم على 3 مراحل، بيد أن إسرائيل لم تنفذ منه سوى مرحلة واحدة، وسرعان ما انقلبت على الاتفاق وعادت إلى الحرب بضراوة.

3 سيناريوهات

وفق المحلل السياسي محمـد دراغمة، فهناك 3 سيناريوهات أمام مباحثات شرم الشيخ، قوامها: صفقة لتبادل الأسرى سرعان ما تعود بعدها الحرب، أو صفقة شاملة برعاية أمريكية يلتزم بها الطرفان، أو فشل المفاوضات وانهيار فرص الحل.

لكن دراغمة ألمح إلى فرص نجاح كبيرة، من خلال تفكيك حركة «حماس» لملفات الحرب، بدلاً من المطالبة بها رزمة واحدة، والأخذ بنصيحة الوسطاء المصريين والقطريين بتحسين بنود الخطة الأمريكية أثناء تنفيذها، لأن البدائل والخيارات أخذت تضيق.