تحول تاريخي يؤسس لمرحلة جديدة بعد مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة، واعترافات عالمية تتوالى تباعاً بدولة فلسطين، يقرأ فيها مراقبون دفعة أمل في التقدم نحو السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وإعادة الحياة لحل الدولتين، فهل بدأ العالم بالتدخل لإنهاء الصراع بينهما؟ وهل من تغيير في الموقف الأمريكي في سبيل الضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة؟

أسئلة ألقت بظلالها في الشارع الفلسطيني والغزي على وجه الخصوص، بينما يتساءل كثير من المراقبين: هل يمكن أن تستخدم واشنطن متوالية الاعترافات بدولة فلسطين لممارسة الضغط على إسرائيل في لحظة ما؟ وخصوصاً بعد أن أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها، للرد على هذه الاعترافات بعد عودة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من نيويورك، مهددة بالمضي قدماً في تنفيذ مخططاتها لتدمير غزة، وفرض السيطرة على الضفة الغربية.

وفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، فالحراك الجاري على مستوى مؤتمر حل الدولتين، واجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، شكّل رصيداً إضافياً للقضية الفلسطينية، التي تتبوأ اليوم سلم جدول الأعمال الدولي، نتيجة للتظاهرات والفعاليات العالمية، والمستمرة على مدى عامين من المقتلة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، وما تخللها من تدمير وتجويع وتعطيش وحصار، منوهاً: «ننتظر المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وتقرير مصيره».

رأي عالمي ضاغط

وأضاف أبويوسف في تصريحات لـ«البيان»: «الفعاليات المستمرة في مدن وعواصم العالم، ومن بينها واشنطن، جعلت الرأي العام يضغط على حكوماته ودوله، لإلزام إسرائيل بوقف الحرب على قطاع غزة، بعد عجز المجتمع الدولي، وعدم وضع آليات رادعة لإسرائيل»، مشدداً: «الأهمية تكمن في وقف حرب الإبادة في قطاع غزة، ورفض التهجير، والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني».

وتابع: «نتمنى أن تنصاع الولايات المتحدة الأمريكية للرغبة والإرادة العالمية الواضحة، من خلال الضغط على إسرائيل، لوقف حرب الإبادة، وبعد مؤتمر الدولتين واجتماعات الأمم المتحدة لا بد من عملية سياسية وجهد دبلوماسي متواصل في سبيل ذلك».

من يعلّق الجرس؟

وإذا كانت حمى اجتماعات الأمم المتحدة تحول حتى الآن دون وقف حرب الإبادة والتهجير في قطاع غزة، فمن سيتولى حشد الدعم والتأييد للمواقف الدولية لدفع الجهود السياسية نحو تسوية عادلة ونهائية تنهي الحرب والصراع معاً؟

يجيب عضو تنفيذية المنظمة أبويوسف: «القضية الفلسطينية تحولت إلى قضية دولية، والعالم منشغل ويراقب ما يجري في قطاع غزة، محاولاً البحث عن حل، وهناك من وصف الحرب على غزة بأنها تطهير عرقي وإبادة جماعية، وهناك توافق دولي على أن هذه الحرب الدامية يجب أن تتوقف، لأنها تنتهك كرامة الإنسان، وهناك ضم زاحف وسريع للضفة الغربية، والعالم لم يعد يحتمل هذه الانتهاكات الصارخة، وربما يكون الأمل في أن تشرع دول وحكومات وشعوب العالم، لمساندة روح مبادرات الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وما يتمخض عن مؤتمر الدولتين، وإيجاد تسوية سياسية، تحدد الوضع النهائي، وتضع حداً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي».

وتبدو بشائر هذا الأمل في مسارعة دول وازنة مثل بريطانيا، لرفع العلم الفلسطيني في لندن، وتأييد مختلف دول العالم، لجهود سلمية كتلك التي أوقفت الحرب في 19 يناير، قبل أن يتم إزهاق المزيد من أرواح الفلسطينيين، وقبل أن يتلاشى الأمل في وقف الحرب، وإقامة سلام دائم بين الطرفين، لكن، هل تجسر واشنطن على ممارسة الضغط على تل أبيب؟ وهل يتكرر نموذج جنوب أفريقيا بتدخل دولي في فلسطين؟ ردود الأفعال بدأت، لكن من المؤكد أنها ستصطدم بجنون إسرائيلي من تسونامي الاعتراف بدولة فلسطين.