دمر الجيش الإسرائيلي برجاً في مدينة غزة، أمس، بعيد إعلانه أنه سيستهدف مباني شاهقة اتهم حركة حماس باستخدامها، في وقت يكثف هجومه للسيطرة على أكبر مدن القطاع.

وقال الجيش في بيان، إنه رصد نشاطاً مكثفاً لحماس داخل أبراج متعددة الطوابق، حيث جرى دمج كاميرات مراقبة، مواقع قنص، منصات لإطلاق صواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى غرف قيادة وسيطرة، مضيفاً أنه سيستهدف تلك المواقع خلال الأيام المقبلة.

وبعد أقل من ساعة أصدر بياناً آخر أعلن فيه ضرب مبنى شاهق، متهماً حماس باستخدامه للتقدم وتنفيذ هجمات ضد القوات الإسرائيلية في المنطقة.

وأظهرت مشاهد مصورة برج مشتهى في حي الرمال بمدينة غزة وهو ينهار إثر انفجار هائل في قاعدته مطلقاً سحابة كثيفة من الدخان والغبار.

وأظهرت صور لما بعد انهيار المبنى عدداً من الفلسطينيين وهم يبحثون بين ركامه.

وأكد الجيش الإسرائيلي قبل الضربات، أن هجماته ستتم بشكل دقيق للحد من إصابة المدنيين من خلال إصدار تحذيرات مسبقة.

سياسة ممنهجة

واتهم الناطق باسم الدفاع المدني الفلسطيني، محمود بصل، إسرائيل بتنفيذ سياسة ممنهجة للتهجير القسري بحق المدنيين باستهدافها المباني المرتفعة.

وأعلن الدفاع المدني، مقتل 19 شخصاً في مدينة غزة ومحطيها، من بين 32 فلسطينياً قتلوا في أنحاء القطاع أمس.

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، بأن أبواب الجحيم فتحت في غزة، متوعداً بتكثيف العمليات حتى تقبل حماس بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب.

إلى ذلك، نشرت حركة حماس، مقطعاً مصوراً لرهينتين إسرائيليين وقال أحدهما إنه محتجز في مدينة غزة.

وتم تنقيح المقطع المصور الذي ظهر فيه جلبوع دلال وهو يتحدث لمدة 3 دقائق ونصف الدقيقة تقريباً بينما يبدو منهكاً.

وظهر في سيارة في جزء من المقطع المصور المؤرخ بتاريخ 28 أغسطس.

ويقول جلبوع دلال إنه محتجز في مدينة غزة مع عدد من الرهائن الآخرين، وإنه يخشى أن يقتل بسبب الهجوم الإسرائيلي على المدينة.

بدوره، حذر مدير منظمة الصحة العالمية، من استمرار المجاعة في غزة، داعياً إسرائيل إلى وقف هذه الكارثة، لافتاً إلى أن 370 شخصاً على الأقل قضوا بسبب الجوع في القطاع.

وقال تيدروس ادهانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحافي في مقر المنظمة في جنيف: إنها كارثة كان يمكن لإسرائيل أن تتجنبها وتستطيع وقفها في أي لحظة.

وأضاف: الناس يموتون من شدة الجوع فيما الغذاء، الذي يمكن أن ينقذهم، موجود في شاحنات على مقربة منهم، مؤكداً أن جعل سكان غزة يموتون من الجوع لن يجعل إسرائيل أكثر أماناً، وهذا الأمر لن يسهل الإفراج عن الرهائن.

ورأى أن تجويع المدنيين كأداة حرب هو جريمة حرب لا يمكن القبول بها أبداً، ويهدد بشرعنة استخدامه في نزاعات مقبلة.

على صعيد متصل، صرحت ناطقة باسم المفوضية الأوروبية، أمس، بأن المفوضية برئاسة أورسولا فون دير لاين، لا تصنف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة على أنها إبادة جماعية، رداً على تصريحات لنائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، تيريزا ريبيرا، أثارت جدلاً إثر استخدامها مصطلح الإبادة الجماعية في خطاب ألقته في باريس.

وأكدت الناطقة باسم المفوضية، أن ريبيرا لم تكن تتحدث باسم المفوضية الأوروبية للاتحاد الأوروبي عند إدلائها بهذه التصريحات، مشيرة إلى أن المفوضية ليس لها موقف بشأن مسألة الإبادة الجماعية، باعتبار أن الفصل في ذلك من اختصاص القضاء.

مسؤولية

من جهته، اعتبر وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، أن الاتحاد الأوروبي ليس على مستوى المسؤولية حيال الحرب في غزة، لافتاً إلى أن صدقيته على صعيد السياسة الخارجية في طور الانهيار.

وقال بريفو: لا شك في أن الاتحاد الأوروبي ليس راهناً على مستوى مسؤولياته في هذه الأزمة الإنسانية الهائلة، من المؤكد أنه بالنسبة إلى الرأي العام، فإن صدقية السياسة الخارجية التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى هذا الملف خصوصاً، هي في طور الانهيار.

وأكد بريفو أن الأمر يتعلق بتوجيه رسالة سياسية ودبلوماسية قوية والضغط على الحكومة الإسرائيلية للاستجابة بأسرع ما يمكن لحالة الطوارئ الإنسانية في غزة.

وأضاف: هناك التزام أخلاقي، وهناك أيضاً ضرورة قانونية للتحرك، فالدول أطراف في اتفاقات ومعاهدات دولية تُلزمها اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع وقوع إبادة.. علينا أن نظل مدافعين فاعلين عن القانون الدولي!.

رفض تهجير

في السياق، قالت مصر إنها ترفض التهجير الجماعي للفلسطينيين، وما وصفته بالإبادة الجماعية. وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبدالعاطي، لصحفيين في نيقوسيا، إن التهجير ليس خياراً مطروحاً وهو خط أحمر لمصر التي لن تسمح بحدوثه. وأضاف أن التهجير يعني تصفية القضية الفلسطينية ولا يوجد أي أساس قانوني أو أخلاقي لطرد شعب من وطنه.

موقف

على صعيد آخر، أكدت الجامعة العربية في وثيقة بعد اجتماعها الذي انتهى أمس، أن لا تعايش سلمياً في منطقة الشرق الأوسط في ظل استمرار احتلال إسرائيل لأراض عربية وسعيها لضم أراضٍ أخرى واستمرارها في ممارساتها العدائية.

وشددت القرارات الصادرة عن الجامعة على عدم إمكانية التعويل على ديمومة أي ترتيبات للتعاون والتكامل والتعايش بين دول المنطقة، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لبعض الأراضي العربية أو التهديد باحتلال أو ضم أراضٍ عربية أخرى.

وجددت الجامعة العربية في البيان الصادر عنها، التأكيد أن غياب التسوية السلمية للقضية الفلسطينية هو السبب الرئيسي في اندلاع جولات عنف في المنطقة، مشيرة إلى أن هذه التسوية تتم من خلال حل الدولتين ومبادرة السلام العربية لعام 2002.