التحق عضو جديد بنادي الدمار في قطاع غزة، فبعد المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد، طال القصف العنيف آليات الإعمار، ففي خضم الحرب تشن إسرائيل حملة تدمير واسعة وممنهجة، تطال كل ما تصل إليه طائراتها ودباباتها.
واستهدفت هذه المرة عشرات الجرافات والمعدات الثقيلة، التي كانت قد أعدت لرفع الركام، والشروع بعملية الإعمار بعد توقيع اتفاق الهدنة في 19 يناير الماضي.
عمداً؛ أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على عشرات الآليات التابعة للجنة المصرية القطرية لإعادة الإعمار، وبلدية غزة، مستخدمة قذائف حارقة وشديدة التدمير، كانت كفيلة بإخراج هذه الآليات عن الخدمة، لتنضم إلى ما سبقها من مرافق عامة، لم يبق منها سوى الاسم.
ما من أحد من الفلسطينيين كان يتوقع أن يكون إنذار الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلهم ومراكز إيوائهم فوراً، وما أحدثه هذا البلاغ من بلبلة وإرباك في صفوفهم، يستهدف الجرافات والآليات الثقيلة التي كانت تربض في حي النزلة في جباليا البلد، بانتظار شارة البدء في إزالة ما خلفته الحرب من ركام ودمار، والشروع بعملية الإعمار، لكن الفرصة لم تأت، بل عادت الحرب بانفلات أكثر وحشية، ولا يعلم أحد متى تنتهي.
ليس هذا فحسب، بل إن القصف أدى كذلك إلى تدمير عدة صهاريج لنقل المياه والوقود، وشاحنات لنقل النفايات، ومركبات إطفاء، ما يعني أن الجيش الإسرائيلي هدف إلى قتل الحياة في قطاع غزة، أو أي محاولة للنهوض بواقع الحال.
كما يقول رئيس بلدية جباليا، مازن النجار الذي أوضح لـ «البيان»، أن حالة من الرعب والفزع انتابت الأهالي بعد سماع أصوات الانفجارات واشتعال النار.
ليتبين لاحقاً أنها تستهدف الآليات والشاحنات المتواجدة في مجمع البلدية. ولأول مرة، لم يسمع الأهالي من خلال سيل المكالمات الطارئة التي أجروها على عجل، عن أي ضحايا في مكان القصف، رغم إصابة بعض المارة ومن يسكنون في منازل قريبة بشظايا، إذ كان القصف مركزاً على محركات الجرافات والشاحنات، ما أدى إلى إعطابها بالكامل.
حكم إعدام
ويرى هيثم سلطان أحد سكان القطاع، أن قصف هذه الآليات لا يقل خطورة عن قتل البشر، فهذه الآليات يستعين بها أهل غزة في إزالة الأنقاض والوصول إلى العالقين بين الركام بعد كل غارة، بينما تستخدم الصهاريج في نقل المياه والسولار، وتدميرها يعني قتل ما تبقى من سبل الحياة، ويندرج في سياق الإبادة الشاملة.
ويضيف سلطان لـ «البيان»: «استهداف مقومات الإنقاذ، يعني الحكم بالإعدام على كل من ينجو من القصف، واستحالة تقديم المساعدة للعالقين تحت الأنقاض، وهذا من شأنه أن يرفع أعداد الضحايا بشكل هائل، في أي موجة غارات قادمة».
وأوضح أن حياة الأهالي أصبحت معرضة لخطر داهم، أمام انعدام وسائل وآليات التعامل مع عمليات الإنقاذ، أو حتى فتح الطرق لتسهيل حركة المواطنين وتنقلهم، خصوصاً خلال عناء البحث عن الطعام أو الماء.
ولوحظ في الآونة الأخيرة، تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف آبار المياه الجوفية، وما تبقى من تكايا الطعام ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية والمراكز الطبية، وتجريف الأراضي الزراعية، واليوم عندما يطال القصف صهاريج المياه والوقود، وكل معدات وآليات الإعمار، فإنما يعني تجفيف منابع الحياة، ومضاعفة الخسائر في الأرواح والممتلكات، الأمر الذي يقرأ فيه الغزّيون، محاولة للضغط عليهم لإخلاء قطاع غزة، بعد انعدام أي إمكانية للعيش فيه.
