ماذا يجري في تل أبيب والحرب على غزة تدخل شهرها الـ23؟.. هل هو نقاش عاصف يسبق العاصفة الجديدة للحرب؟.. أم سنكون أمام انقلاب دبلوماسي كبير تنجح بموجبه «المعارضة الإسرائيلية» في وقف الحرب؟

ثمة نظريتان في إسرائيل، يعبِّر عنهما مشهد حصانين يقودان عربة في اتجاهين متعاكسين: الأولى مع المضي قدماً في الحرب، ويقودها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، الذي يرجح مراقبون أن يعمل على تشديد الحصار على غزة، بصرف النظر عن مفاوضات التهدئة.

والثانية مع إنهاء الحرب، ويقودها مسؤولون عسكريون إسرائيليون يستنجدون بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط على نتانياهو، في ظل حراك عالمي أخذ يتصاعد بعد مؤتمر «حل الدولتين» بنيويورك قبل بضعة أيام.

وفق مراقبين، فإن الاتجاه الذي يشق طريقه بين السيناريوهات الأكثر خطورة، هو مواصلة نتانياهو الحرب، إذ لا حياة سياسية له من دونها، ويهدف من خلال التصعيد المرتقب في غزة، إلى حرق كومة القش، كي يصل إلى الإبرة، الأمر الذي سيرفع عدد الضحايا.

ويرى المتحدث السابق باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، أن المشهد في غزة، ينبئ عن نوازل قادمة أشد فظاعة، وأن غزة أمام فصل أكثر دموية، خصوصاً إذا ما ذهب «كابينت الحرب» باتجاه توسيع دائرة النار، توطئة لنزوح وتهجير جديد، لن يمر إلا من فوق أرض محروقة ومبانٍ مهدمة.

ومضى ملحم: «كلما شارفت نار الحرب على الانطفاء، سارع نتانياهو إلى زيادة الاشتعال، فلا مستقبل لحكمه إن توقفت الحرب، وهذا يرجح سيناريو استمرارها بوقائع أشد فتكاً».

ويشير الكاتب والمحلل السياسي، محمـد دراغمة، إلى خلاف علني في تل أبيب، يتمحور بين المؤسسة العسكرية والحكومة، بشأن جدوى استمرار الحرب في غزة، منوهاً بأزمة ستواجه إسرائيل في حال أقدمت على اجتياح قطاع غزة بالكامل، في ظل تآكل شرعية الحرب دولياً.

الصفقات الجزئية

ويرى دراغمة أن واشنطن تتجه إلى الحل النهائي للحرب بعد فشل الصفقات الجزئية، لكن على الأرض ترتسم في الأوساط السياسية استعدادات لقادم أسوأ، يقول: إذا كانت الغلبة لفريق الاستمرار في الحرب فالأوضاع في غزة ذاهبة لتفاقم الكارثة الإنسانية.

وثمة من المراقبين من يرى في تهديد نتانياهو، بتوسيع الحرب والسيطرة على ما تبقى من القطاع، تلويحاً لحركة حماس، لإجبارها على قبول الشروط الإسرائيلية للتهدئة، فيما البعض الآخر يعتقد أن نتانياهو ذاهب إلى حرب بلا نهاية في غزة، لتحقيق أهدافه الشخصية والسياسية، وأهمها البقاء في الحكم.

هكذا ووسط تباينات داخل إسرائيل حول توسيع دائرة الحرب واجتياح كامل غزة، أو تمتين حواجز «الممانعة» فإن رمي واشنطن بثقلها وتأمين «منطقة عازلة»، هو فقط ما يمكن أن يطفئ المواقف شديدة الاشتعال. وعليه ستظل غزة في مهب رياح عاتية، إلى حين التوصل لتسوية سياسية.