وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، القرار بشأن قطاع غزة بيد إسرائيل، وأدت الضغوط الدولية المتزايدة والأزمة الإنسانية المتفاقمة لإعلان إسرائيل بدء «وقف إنساني محدود» يومي للعمليات العسكرية في بعض مناطق القطاع، فيما تزايدت التحذيرات الأممية من مجاعة تهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني.
وقال ترامب: إن على إسرائيل اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية في غزة، مضيفاً إنه لا يعلم ما سيحدث بعد تحرك إسرائيل للانسحاب من مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأكد أهمية إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، قائلاً إنهم أظهروا فجأة موقفاً «متشدداً» تجاه هذه القضية. وأضاف ترامب للصحافيين في بداية اجتماع مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في منتجع الغولف الذي يملكه في ترنبيري باسكتلندا: «لا يريدون إعادتهم، ولذلك سيتعين على إسرائيل اتخاذ قرار».
القصف مستمر
واستمر القصف الإسرائيلي في مناطق متفرقة من القطاع رغم الإعلان عن هدنة إنسانية يومية محدودة، حيث أفادت مصادر طبية فلسطينية بسقوط نحو 53 فلسطينياً وإصابة آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، «تعليقاً تكتيكياً» يومياً لعملياته العسكرية يبدأ في بضع مناطق من القطاع اعتباراً «من الساعة العاشرة صباحاً (السابعة بتوقيت غرينتش) وحتى الساعة الثامنة مساء (17,00 بتوقيت غرينتش)»، مضيفاً أنّ هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرّك فيها الجيش «وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة».
وعبرت قافلة محمّلة مساعدات معبر رفح من الجانب المصري. إلا أن الشاحنات لا تدخل مباشرة إلى القطاع عبر الجانب الفلسطيني من المعبر المدمّر والمقفل بسبب الحرب، بل تسير بعد ذلك كيلومترات قليلة نحو معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي قبل دخول منطقة رفح الفلسطينية.
وعلى خلفية الإعلان عن الهدنة المحدودة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن على الأمم المتحدة أن تتوقف عن إلقاء اللوم على حكومته بشأن الوضع الإنساني في غزة. واتهم الأمم المتحدة بأنها «تخترع أعذاراً، وتقول ليست هناك طرق آمنة»، مضيفاً «هذا غير صحيح».
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إن قرار إسرائيل وقف العمليات العسكرية لمدة 10 ساعات يومياً في أنحاء من غزة والسماح بفتح مسارات جديدة للمساعدات لا يكفيان لتخفيف المعاناة في القطاع. وأضاف في بيان «نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار ينهي الحرب ويطلق سراح الرهائن ويدخل المساعدات إلى غزة براً دون عوائق».
ودعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس، رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال اتصال هاتفي، إلى إيصال المساعدات الإنسانية «بشكل عاجل للغاية» إلى «السكان المدنيين المتضورين جوعاً» في غزة، على ما أفاد مكتبه.
وأطلق بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر، نداء من أجل ضحايا الحروب في جميع أنحاء العالم، وأعرب عن قلقه الخاص على سكان غزة، حيث قام بأداء الصلاة «من أجل إطلاق سراح الرهائن والاحترام الكامل للقانون الإنساني».
مستويات خطيرة
وحذّرت منظمة الصحة العالمية، أمس، من أن سوء التغذية في غزة بلغ «مستويات تنذر بالخطر»، مشيرة إلى أن «الحظر المتعمد» للمساعدات أودى بحياة كثر وكان من الممكن تفاديه.
وأضافت في بيان «يشهد قطاع غزة حالة من سوء التغذية الخطير الذي اتسم بارتفاع حاد في عدد الوفيات في يوليو»، مشيرة إلى أنه «أُعلن عن وفاة معظم هؤلاء الأشخاص لدى وصولهم إلى المرافق الصحية، أو توفوا بعيد ذلك، وبدت على أجسادهم علامات واضحة على الهزال الشديد».
وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليشر، إنه «على تواصل مع فرقنا على الأرض والتي بدورها ستبذل كل ما بوسعها للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجائعين خلال هذه الفرصة».
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة في غزة، مُلزمة ضمان توفير ما يكفي من الغذاء للسكان. وذكر في بيان «الأطفال يتضورون جوعاً ويموتون أمام أعيننا. غزة مشهد بائس من الهجمات القاتلة والدمار الشامل».
وأعلن مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، على «إكس» أن «تجويع سكان غزة يجب أن ينتهي الآن».
وقالت المسؤولة في منظمة أوكسفام غير الحكومية، بشرى خالدي، «يجب أن نرى تقدماً فعلياً على الأرض»، مشددة على ضرورة حصول «تدفق متواصل للمساعدة على نطاق واسع».
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن ثلث سكان غزة البالغ تعدادهم 2,4 مليون نسمة، لم يتناولوا الطعام منذ أيام، وإن 470 ألف شخص يعانون من ظروف أشبه بالمجاعة تؤدي إلى الوفاة. وأكد الحاجة إلى أكثر من 62 ألف طن من المساعدات الغذائية شهرياً لإطعام كافة سكان غزة.
