بعد تضاؤل منسوب الأمل في التوصل إلى اتفاق، بفعل سحب الولايات المتحدة الأمريكية وفدها المفاوض، واستدعاء إسرائيل وفدها للتشاور، رشحت الأنباء عن تغيير الإدارة الأمريكية استراتيجيتها في التعامل مع ملف غزة، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية على سكان القطاع جراء الجوع، وانهيار الخدمات الصحية.

وذكر موقع «أكسيوس»، أمس، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس تغيير استراتيجيتها في التعاطي مع ملف غزة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، لعائلات الرهائن خلال اجتماع: نحن بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل جدي، وذلك عقب فشل الجولة الأخيرة من محادثات غزة، وفق ما ما أفاد به مصدران حضرا الاجتماع لـ«أكسيوس».

وذكر الموقع الأمريكي: «بعد مرور 6 أشهر على توليه الرئاسة لا يبدو أن ترامب قد اقترب من إنهاء الحرب في غزة، فالأزمة الإنسانية أصبحت أسوأ من أي وقت مضى، والمفاوضات متوقفة».

وذكر أن انهيار المحادثات، ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بعد رفض هذه الأخيرة للعرض الإسرائيلي الأخير، وانسحاب المفاوضين الإسرائيليين، قد يشكل نقطة تحول محتملة في سياسة الإدارة الأمريكية.

بدورها وصفت حركة حماس تصريحات ترامب، ومبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، بـ«الصادمة للجميع»، مطالبة الإدارة الأمريكية بما أسمته «الكف عن التحيز لإسرائيل».

وأضافت الحركة: نطالب بوقف الانحياز الأمريكي لرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتانياهو، الذي يعطل أي اتفاق ويواصل العدوان والتجويع.

تصريحات ترامب مستغربة جداً، لأنها تأتي بعدما حصل تقدم في بعض ملفات التفاوض، مشيرة إلى أنها تبلغ بوجود أي إشكالية بشأن أي ملف من ملفات التفاوض حتى اللحظة، وأنها تعاملت بإيجابية مطلقة ومرونة كبيرة مع جهود الوسطاء، الذين أبدوا ارتياحاً وأشادوا بها.

وأكدت حماس جاهزيتها لمواصلة المفاوضات واستكمالها بجدية، كما طالبت الإدارة الأمريكية بأن تمارس دوراً حقيقياً في الضغط على إسرائيل، للانخراط الجاد في التوصل لاتفاق.

جثث تتحرك

وفي الملف الإنساني، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، إن طفلاً من كل 5 يعاني من سوء التغذية في غزة، مشيرة إلى أن الحالات تتزايد بشكل يومي.

ونقل المفوض العام لأونروا، فيليب لازاريني، شهادة من أحد موظفي أونروا قال فيها: «الناس في غزة ليسوا أمواتاً ولا أحياء، إنهم جثث تتحرك».

وأضاف لازاريني: «عندما يتفاقم سوء التغذية لدى الأطفال، وتفشل آليات التكيف، وينعدم الوصول إلى الغذاء والرعاية، تبدأ المجاعة في التفشي بصمت».

وأشار إلى أن «معظم الأطفال الذين تستقبلهم طواقمنا يعانون من الهزال والضعف، وهم معرضون بشدة لخطر الموت إذا لم يحصلوا على العلاج الذي يحتاجون إليه بشكل عاجل».

تجويع ممنهج

كما أكدت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات في بروكسل أن إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة بحق سكان غزة، مشيرة إلى أن القطاع بات على شفا مجاعة شاملة وسط قيود مشددة على دخول المساعدات الإنسانية.

وحذرت المجموعة في بيان من أن هذه السياسة تترك آثاراً مدمرة على 2.1 مليون فلسطيني محاصرين، يعانون يومياً من انعدام الأمن الغذائي والانهيار الصحي.

وشددت المجموعة على أن ما يحدث في غزة لم يكن مفاجئاً، بل تم التحذير منه مسبقاً من قبلها، ومن قبل الأمم المتحدة، وجهات إنسانية أخرى.

من جهته، قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية «أوتشا»، إن الظروف الكارثية في غزة تتدهور بسرعة.

وأوضح «أوتشا» أن الحياة تتعرض للاستنزاف من غزة، حيث أصبحت الأنظمة والخدمات على وشك الانهيار، مشيراً إلى أن الجوع وسوء التغذية يزيدان من خطر الإصابة بأمراض تضعف جهاز المناعة، لا سيما بين النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة أو الأمراض المزمنة.

وأضاف: «يمكن أن تتحول العواقب إلى الوفاة بسرعة، ندرة الغذاء تؤثر أيضاً بشكل كبير على النساء الحوامل والمرضعات، حيث تزداد احتمالية ولادة أطفالهن بمضاعفات صحية، لافتاً إلى أن الإمدادات القليلة، التي تدخل قطاع غزة لا تكفي بأي حال من الأحوال لتلبية الاحتياجات الهائلة».

ميدانياً، أعلن الدفاع المدني في غزة عن مقتل 25 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي، أمس، وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل، إن 9 فلسطينيين قتلوا في 3 غارات جوية على مدينة غزة في شمال القطاع.

وأضاف أن 11 شخصاً قتلوا في 4 ضربات قرب خان يونس، بينهم ستة أشخاص في مخيم للنازحين في المواصي، كذلك أسفرت غارة بطائرة مسيرة عن مقتل شخصين في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة.

وقال بصل، إن طواقم الدفاع المدني تمكنت من انتشال جثامين 12 قتيلاً من منطقة موراج شمالي رفح جنوب قطاع غزة، وذلك بعد التنسيق مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، مشيراً إلى أنهم قتلوا جراء قصف إسرائيلي، مساء الجمعة، ونقلت جثثهم إلى مستشفى ناصر في خان يونس.