يضطر مصوّر الفيديو في وكالة فرانس برس يوسف حسونة، يومياً إلى السير ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة لتغطية أخبار الحرب، وذلك في ظل ارتفاع أسعار الوقود وخطورة التنقل في الشوارع في قطاع غزة المحاصر.
ويروي حسونة (48 عاماً): «أمشي يومياً 14-15 كيلومتراً حتى أصل إلى مكان الحدث»، مضيفاً أنه سار أخيراً «ما يعادل 25 كيلومتراً ذهاباً وإياباً حتى أحصل على الخبر».
ويشرح كيف أن رحلاته الشاقة في الشوارع وفوق أنقاض المباني في غزة وسط درجات حرارة تتجاوز 30 درجة مئوية، «صعبة، صعبة جداً».
ويزيد النقص الحاد في الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية في غزة من صعوبة عمل الصحافيين في التغطية سواء كانوا يصوّرون تدافع السكان عند تكيات الطعام أو آثار الضربات الجوية الإسرائيلية الدامية.
وبالنسبة لحسونة الذي يقيم في مدينة غزة، يكمن التحدي الأكبر في تأمين ما يكفي من الطعام له ولعائلته المؤلفة من ثمانية أفراد، بالإضافة إلى شقيقته المريضة التي تسكن معه.
وبعد نحو عامين من الحرب، بدا وجهه الذي كان ممتلئاً في السابق، نحيلاً، وعيناه غائرتين. يقول: «كان وزني 110 كيلوغرامات. حالياً وزني 65-70 كيلوغراماً».
وأدى تفاقم أزمة الجوع في غزة إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية النادرة. يقول حسونة: «حصولنا على الطعام في قطاع غزة صعب جداً جداً، وحتى إن توفر فإن الأسعار تضاعفت 100 مرة».
ويشير مثلاً إلى سعر كيلو العدس الذي كان قبل الحرب يباع بثلاثة شواكل (0,90 سنت)، لكن أصبح اليوم يباع بـ80 شيكلاً (24 دولاراً).أما سعر كيلو الأرز فكان بسبعة شواكل واليوم يشترى بـ 140 شيكلاً (42 دولاراً).
وإلى جانب الغذاء، يواجه الغزيون منذ بداية الحرب صعوبة في الحصول على مياه نظيفة. يوضح: «هناك صعوبة في الحصول على المياه سواء المياه الحلوة أو المياه المالحة. يضطر أولادي إلى الوقوف بالطابور أربع أو خمس ساعات لجلب المياه لاسيما المياه الحلوة» بسبب أعداد الناس الكبيرة التي تتهافت عليها.
وبعيداً عن الاحتياجات الأساسية، يتطرق حسونة إلى النظرة التي أصبح بعض الفلسطينيين في غزة ينظرونها إلى الصحافي خصوصاً بعد مقتل صحافيين في استهدافات إسرائيلية.
يقول مشيراً إلى السترة التي تحمل عبارة صحافة التي يرتديها: «هذه الدرع تجعلني أواجه المشاكل». ويوضح: «هناك أناس يحبون الصحافة وآخرون يخافون منها».
ويضيف: «الناس الذين يحبون الصحافة يأتون إليّ ويتحدثون» للاستفسار عن آخر التطورات وما إذا كانت ستنتهي الحرب أم لا، ويطلبون أن «أوصل صوتهم إلى الخارج: قل للعالم كله نحن لا نريد الحرب». أما النوع الآخر من الناس فيطلبون مني «ألا أسير بجانبهم، لأن الإسرائيليين يقصفون الصحافة».
ووفقاً لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، قُتل أكثر من 200 صحافي منذ 7 أكتوبر 2023. ويأمل حسونة في حلول السلام. ويقول: «منذ أن ولدنا ونحن نعيش في حروب، لا نريد أن يعيش أطفالنا - وحتى أولاد اليهود - في حرب وفي نزاع»، لأنه «لا يوجد منتصر في الحرب».