يجتمع قادة من أنحاء العالم في بيليم البرازيلية لمحاولة إظهار أن تغيّر المناخ لا يزال يمثل أولوية دولية قصوى، رغم قلة الالتزام بالوعود السابقة وانسحاب الولايات المتحدة من العمل المناخي ورفضها المشاركة في هذه القمة.

واستجاب حوالي 50 رئيس دولة وحكومة لدعوة الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لزيارة هذه المدينة الواقعة في منطقة الأمازون، تمهيداً لمؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للمناخ COP 30 الذي يعقد بين 10 و21 نوفمبر الجاري.

وتشارك وفود من كل الدول تقريباً في المؤتمر، لكن واشنطن لم ترسل وفداً، فيما وصف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، علم المناخ بأنه خدعة. واستثمرت السلطات في مبانٍ جديدة وعمليات ترميم.

لكن قبل أقل من 24 ساعة على افتتاح القمة، وصلت فرق وسائل الإعلام وكشافة الوفود إلى مكان انعقاد مؤتمر الأطراف لتجد أن أعمال البناء لم تنتهِ بعد.

بالنسبة إلى الرئاسة البرازيلية، فإن الهدف هو إنقاذ التعاون الدولي بعد مرور عشر سنوات على اتفاق باريس للمناخ. ولا تسعى البرازيل إلى اتخاذ قرارات رمزية جديدة في بيليم.

لكنها تريد أن يكرس المؤتمر التزامات ملموسة وينظم متابعة للوعود السابقة، على سبيل المثال في ما يتعلق بتطوير مصادر الطاقة المتجددة. وقال لولا في مقابلة مع وكالات أنباء: «كفى كلاماً.. لقد حان الوقت لتنفيذ ما اتفقنا عليه».

وستطلق البرازيل صندوقاً استثمارياً لحماية الغابات، بالإضافة إلى التزامها زيادة إنتاج الوقود المستدام أربع مرات، كما ترغب العديد من الدول في توسيع التزاماتها بخفض انبعاثات غاز الميثان.

وتشارك 170 دولة في مؤتمر المناخ، لكن الولايات المتحدة، ثاني أكبر ملوث في العالم، لن ترسل وفداً يمثلها، وهو أمر يريح أولئك الذين يخشون أن تضع إدارة ترامب عراقيل، كما فعلت أخيراً لإفشال خطة عالمية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة من النقل البحري.

ومن الجانب الأوروبي، سيتحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، والأمير وليام، فيما انسحب الرئيس النمسوي بسبب تكاليف الإقامة في حين سيغيب عن القمة معظم قادة مجموعة العشرين.

وما زالت العديد من الدول النامية غير راضية عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن تمويل المناخ العام الماضي في باكو، وتريد إعادة طرح هذه القضية على الطاولة. وقال إيفانز نجيوا، الدبلوماسي المالاوي، الذي يترأس مجموعة الدول الأقل نمواً:

«هذه ليست صدقة بل ضرورة». من جهته، يريد الاتحاد الأوروبي وتحالف الدول الجزرية الصغيرة قبل كل شيء أن تذل جهود إضافية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بالتخلص من الوقود الأحفوري.

وقالت إيلانا سيد، الدبلوماسية في أرخبيل بالاو في المحيط الهادئ ورئيسة تحالف الدول الجزرية الصغيرة: «لن تتمكن العديد من بلداننا من التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يتجاوز درجتين مئويتين.. بعض دول جزرنا المرجانية ستختفي».

تحذيرات

على صعيد متصل، حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من الافتقار للطموح في حماية المناخ والمخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية الحادة. وقالت المنظمة، ومقرها باريس، إن الكوارث المرتبطة بالمناخ تتسبب بالفعل في ارتفاع التكاليف الاجتماعية والاقتصادية.

حيث تجاوزت الخسائر 285 مليار يورو والوفيات المسجلة 16 ألفاً حول العالم خلال عام 2024. وقالت المنظمة في تقرير بشأن إجراءات المناخ عام 2025، إن الإجراءات العالمية لمواجهة التغير المناخي مازالت غير كافية.

وأضافت أن هناك حاجة ماسة لتبني إجراءات سياسية أكثر صرامة وتطبيق أسرع للإجراءات الملزمة قانونياً لسد الفجوة بين الطموحات والنتائج الفعلية. وأوضح تقرير المنظمة، أن الدول الآن ليست على المسار الصحيح للإيفاء بالتزاماتها الحالية.

وأشارت إلى أنه في ظل استمرار ارتفاع الانبعاثات وانخفاض مستويات الإجراءات اللازمة لمواجهة التغير المناخي، يبقى العالم بعيداً عن تحقيق كل من أهداف 2030 والهدف الأطول أمداً بتحقيق الحياد المناخي.