قضى 37 شخصاً، الأحد، في مدينة آسفي على ساحل المحيط الأطلسي بالمغرب من جراء فيضانات مفاجئة أعقبت هطول أمطار غزيرة تسببت في تسرب المياه إلى الكثير من المنازل والمتاجر، في أكبر عدد وفيات ناجم عن مثل هذه الأحوال الجوية في المغرب منذ عقد.

وتعرضت المدينة، الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب الرباط، لعواصف رعدية شديدة تسببت في تدفق سيول استثنائية خلال ساعة واحدة.

وقالت السلطات المحلية، اليوم، في حصيلة محدثة: "حسب المعطيات المتوفرة إلى حدود صباح اليوم الاثنين، ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية الناجمة عن التساقطات الرعدية الاستثنائية التي شهدها الإقليم إلى (37) وفاة".

من جهته قال مدير مستشفى محمد الخامس بآسفي خالد إعزا لوكالة الأنباء المغربية إن "13 مصاباً غادروا المشتشفى فيما لا تزال خمس حالات تتابع العلاج، إلى جانب حالتين بقسم الإنعاش وضعيتهما مستقرة".

وعصر الاثنين أوضح رئيس الوزراء عزيز أخنوش خلال جلسة للبرلمان، أن "عدداً من التجار والعمال توفوا"، إذ كانوا في سوق بالمدينة العتيقة لآسفي والذي يقع "في مجرى واد"، بعد "تساقط 37 مليمتراً من الأمطار في وقت وجيز".

وأعلنت النيابة العامة بالمدينة أنها فتحت تحقيقا "للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا الحادث الأليم، والكشف عن ظروفه وملابساته".

وراء أسوار المدينة العتيقة، التي تضم أزقة تجارية، انحسرت المياه وبدأ السكان يقفون على الخسائر الأولية.

وقال تاجر "الخسائر كبيرة، تجار المجوهرات فقدوا كل بضاعتهم (...) وكذلك أصحاب محلات الملابس". وأعرب عن أمله في أن "تقدم السلطات تعويضات لأصحاب المحلات" لأن "الخسائر كبيرة جداً".


وتناثرت قطع أواني الفخار التقليدية التي تشتهر بها المدينة في بعض الأزقة بعدما هشمتها السيول.

من جهتها أعلنت وزارة التربية الوطنية تعليق الدراسة بجميع المؤسسات التعليمية لمدة ثلاثة أيام، بسبب سوء الأحوال الجوية.

ومساء الأحد قال عضو فرق الإغاثة إن "التأثير النفسي للفاجعة جسيم في ظل العدد المرتفع للوفيات"، مشيراً أيضاً إلى أضرار مادية جسيمة، مع "متاجر غمرتها المياه" إضافةً إلى موقف سيارات.

وأضاف "الصعوبات الأساسية التي واجهناها تمثلت في قلة الإضاءة والخوف من حدوث تماس كهربائي، لكن الحمد لله تمكنا من إنقاذ (أشخاص)".

تعد ظروف الطقس الحادة مثل الأعاصير وموجات الحر والفيضانات والجفاف ظواهر طبيعية. لكن الاحترار العالمي الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب بها الأنشطة البشرية يمكن أن يزيد من مدّتها وحجمها وتكرارها وقد يؤدي إلى تغيّر في المناطق الجغرافية لحدوثها أو توقيتها.

وحذّرت مديرية الأرصاد الجوية في نشرة سابقة من "تسجيل أمطار قوية وتساقطات ثلجية ورياح عاصفة قوية ابتداء من الأحد، بعدد من مناطق المملكة" بينها آسفي.

وأظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي سيلاً جارفاً من المياه الموحلة يجتاح شوارع مدينة آسفي، ويجرف السيارات والنفايات. كما أظهرت مشاهد أخرى ضريحاً غارقاً جزئياً، وقوارب للدفاع المدني تستجيب لنداءات إنقاذ من السكان.

وأفادت السلطات بأن ما لا يقل عن 70 منزلاً ومتجراً في المدينة القديمة بآسفي غمرتها المياه، مع جرف عشر سيارات وتضرر جزء من الطريق، ما أدى إلى اختناقات مرورية في شوارع عدة بالمدينة.

يقظة وحذر

بحلول المساء، انحسر منسوب المياه تاركاً وراءه مشهداً من الوحل والسيارات المنقلبة. وشاهد المارة تدخل قوات الإغاثة ووحدات الوقاية المدنية التي عملت آلياتها على إزالة الأنقاض في النقاط التي لا تزال مغمورة بالمياه.

وتتواصل الجهود للبحث عن ضحايا محتملين، وتسعى السلطات إلى "تأمين المناطق المتضررة" و"تقديم الدعم والمساعدة اللازمين للسكان المتضررين من هذا الوضع الاستثنائي"، على ما أفاد مسؤولون في مدينة آسفي.

وتوقعت المديرية العامة للأرصاد الجوية تسجيل تساقطات ثلجية وزخات مطرية رعدية قوية مع هبات رياح قوية أيضا اعتبارا من الاثنين وحتى الأربعاء في عدة مناطق.

ودعت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية تبعاً لذلك إلى "توخي أقصى درجات اليقظة والحذر، وتأجيل التنقلات غير الضرورية إلى حين تحسن الظروف الجوية".

ولا تُعدّ الأحوال الجوية القاسية والفيضانات أمرا غير مألوف في المغرب، الذي يعاني مع ذلك من جفاف حاد للعام السابع على التوالي.

وفي سبتمبر 2014، تسببت الأحوال الجوية القاسية بفيضانات في جنوب البلاد وجنوب شرقها، ما أسفر عن مصرع 18 شخصاً.

وفي نوفمبر 2014، لقي أكثر من 30 شخصاً حتفهم في جنوب البلاد إثر أمطار غزيرة تسببت في فيضان العديد من الأنهار عند سفوح جبال الأطلس.

وفي عام 1995، لقي مئات الأشخاص حتفهم في فيضانات مدمرة ضربت وادي أوريكا، على بُعد 30 كيلومتراً جنوب مراكش في وسط المغرب.