وهو ما بدا واضحاً خلال الساعات الأخيرة بعودة المسيّرات، معطوفاً على ما جرى يوم السبت الفائت في بلدة يانوح الجنوبية، إذ دخلت قوّة من الجيش اللبناني للمرة الثانية، بطلب من لجنة «الميكانيزم»، إلى منزل أنذرت إسرائيل بقصفه في البلدة المذكورة وقامت بتفتيشه.
وذلك بالتزامن مع أحدث جولة تهويلية إسرائيلية حدّدت نهاية الشهر الجاري مهلة نهائية لتفكيك سلاح «حزب الله»، لن يكون بعدها مفرّ من عملية عسكرية لمنع الحزب من استعادة قدراته العسكرية. ومع ذلك يمضي المسار الدبلوماسي المتعدّد الطرف حيال لبنان نحو محطات وجهود وتحركات إضافية تسابق الوقت والمهل.
تطوّران واجتماعان
والحؤول دون عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في لبنان، من خلال إجراءات ميدانية جديدة على أرض الجنوب من جهة، وتطوير الإطار التفاوضي عبر لجنة «الميكانيزم» من جهة ثانية.
فالتطور الأول تمثّل في نجاح نموذج الاستعاضة عن الغارات الإسرائيلية بإجراءات الجيش اللبناني في بلدة يانوح، ما عُدّ نجاحاً للجيش و«الميكانيزم» يمكن البناء عليه إذا توافرت تفاهمات إقليمية - دولية - لبنانية لتطوير التهدئة. أما التطوّر الثاني.
فيتمثل في مكوكية أمريكية جديدة في اتجاه إسرائيل، عبر زيارة مفاجئة للموفد المتعدّد المهمّات توم برّاك إلى تلّ أبيب في مهمة محصورة بسوريا ولبنان قد تفضي إلى نتائج مهمة. ووسط هذا المزيج من الأجواء المتضاربة، فإن ثمّة إجماعاً على أن لا رادع لإسرائيل في الميدان، ولا ضامن للبنان.
أما في السياسة، ففتح السفير الأمريكي ميشال عيسى نافذة في جدار الأزمة المسلّح، بطرحه في «مجلس مصغّر»، وفق ما يتردّد، معادلة «احتواء السلاح» شمال نهر الليطاني، بعد تمديد مهلة الانتهاء من حصره جنوب الضفّة، وهو ما لن يلقى قبول الإسرائيلي. وعلى هذين الخطّين المتوازيين، تتنقل الأحداث من محطة إلى أخرى، ويسير التصعيد جنباً إلى جنب مع التبريد.
والاجتماع المذكور هو تحضير لمؤتمر دعم الجيش، مع ما يعنيه الأمر وفق قول مصادر عسكرية لـ«البيان»، من كونه سيتحوّل إلى نقطة تقاطع إقليمية حسّاسة، يأخذ فيها الملفّ اللبناني بعداً استراتيجياً، إذْ يتقدّم الحساب الدولي على الوقائع الميدانية، في ظلّ مسار سياسي معلّق على استحقاقات إقليمية كبرى.
علماً أن لا مواعيد لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش حتى الآن، أو أقلّه قبل حسم القرار السياسي المتعلّق بسلاح «حزب الله»، إذ يُعتبر نزع السلاح على كامل الأراضي اللبنانية «العقدة» الأساس أمام أيّ دعم.
علماً أن هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه الذي يترأس فيه السفير السابق لدى أمريكا سيمون كرم الوفد اللبناني، بعد اجتماع أول اتّسم بطابع استكشافي، فيما يُنتظر أن يكون الاجتماع الثاني قد شهد بناء استراتيجية تفاوضية أكثر وضوحاً.
