في اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان، وجه بابا الفاتيكان البابا لاوون الرابع عشر دعوة للوحدة بين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم، ورسالة أمل إلى شباب ينتظرونه بحماسة، بعدما تضاءل إيمانهم ببلدهم الذي عصفت به الأزمات.

حمل البابا معه رجاءً جديداً لوطن أنهكته الأزمات، ورسالة سلام تُعيد التأكيد على دور لبنان كمساحة لقاء وتسامح وصمود.

وفي كلمته من قصر بعبدا، وجه البابا نداء روحياً عميقاً إلى اللبنانيين كي يبقوا فاعلي سلام في زمن يشتد فيه الظلام وتشتد فيه التحديات. بكلمات مشبعة بالأمل، ذكر البابا بأن لبنان، رغم جراحه، ما زال يملك القدرة على النهوض، وعلى استعادة دوره كحامل لرسالة الرجاء في المشرق.

زيارة البابا، بمضمونها، تؤشر إلى دعم لبنان واستقراره، وهو ما ينشده المسؤولون اللبنانيون، ولا سيما منهم الرئيس العماد جوزاف عون الذي دعا أكثر من مرة إلى التفاوض لإرساء الاستقرار المستدام، إلا أن دعواته لم تلقَ استجابةً حتى الآن.

علماً أن الأخير، وبحسب قول أوساطه لـ«البيان»، نجح بإعادة لبنان إلى دائرة الضوء، أولاً من خلال تنظيم قدوم بابا الفاتيكان إلى لبنان، في أولى زياراته الخارجية، ومن ثم بتثبيت موقعه كرئيس جمهورية، في لحظة استثنائية تقرع فيها إسرائيل طبول الحرب ويهول فيها بعض اللبنانيين على بعضهم.

وفي موازاة زيارة البابا التاريخية، في مرحلة مفصلية من عمر الوطن والمنطقة والعالم، وتعويل لبنان على الضغط الدبلوماسي لمنع التصعيد الإسرائيلي، وبانتظار زيارة الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس، ووفد ممثلي بعثات الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، الخميس المقبل، يبدو لبنان كأنه لا يملك إلا «الرجاء» في نجاح المساعي الدبلوماسية لمنع التصعيد.

أما إسرائيل، فلا تزال تسرب أخباراً ومعلومات عبر قنوات مختلفة، بأنها قد اتخذت قرارها بشن عملية عسكرية قوية في لبنان، وأنها لا تستثني تنفيذ عمليات عسكرية في جنوب سوريا أيضاً، في سعيها إلى الربط بين الجبهتين، وغايتها من وراء ذلك، وفق قول مصادر معنية لـ«البيان»، هي فرض وقائع جديدة لفرض «السلام».

وفي سياق هذه الأجواء، يجدر التذكير بأنه يوم زار البابا يوحنا بولس الثاني لبنان، عام 1997، كان الجنوب محتلاً من إسرائيل.

وحينها، رسم تحت عنوان «رجاء جديد للبنان»، حداً فاصلاً بين مرحلة لبنان الساحة ومرحلة لبنان الرسالة، أي رسالة العيش الواحد بين المسيحيين والمسلمين.

وفي عام 2012، حل البابا بنديكتوس السادس عشر ضيفاً على لبنان. ويومها، كان لبنان واقعاً تحت تهديد الإرهاب، ما استدعى من الحبر الأعظم دعوةً إلى «ثورة محبة» ترفض العنف والكراهية في المنطقة.

أما اليوم، فاختار البابا لاوون الرابع عشر لبنان عنواناً لزيارته الخارجية الأولى ذات البعد السياسي،. ذلك أن الاستقبال الشعبي في الوطن، الذي عاد جنوبه محتلاً، والذي تتهدده الأخطار يومياً، كان عامراً وجامعاً.

أما الاستقبال الرسمي، فكان لافتاً في الشكل والمضمون، حيث نوه البابا بصفة ﺗﻤﯿﺰ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﯿﻦ، قائلاً: «أﻧتم شعب لا يستسلم، وﯾﻌﺮف داﺋماً أن ﯾولد ﻣﻦ جديد ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ».

وفي معرض الإجابة عن السؤال الآنف الذكر، فإن ثمة إجماعاً على أن البابا لا يسعه فعل المعجزات.

ولكن، من خلال علاقاته الدبلوماسية وتأثيره في مختلف الدول، سيشكل صوتاً صارخاً إلى جانب لبنان واستقلاله، إذ يكفي دعمه للتركيبة اللبنانية الموحدة رغم كل علات النظام، في حين أشارت مصادر رسمية لـ«البيان» إلى أن الزيارة البابوية تشكل إفادة للبنان، لناحية الحضور الكبير والاحتضان الوطني الكامل.