على وقع طبول الحرب التي تتوعد بها إسرائيل لنزع سلاح حزب الله، يصل بابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر إلى مطار بيروت الدولي، اليوم، مستهلاً زيارة تستمر يومين، ويؤمل أن تحمل بشائر أمل للبنان، لجهة السلام المنشود الذي يشكل عنوان الزيارة، في وقت يئن فيه لبنان تحت وطأة ضربات إسرائيلية لم تتوقف، بعد مرور عام على اتفاق وقف النار برعاية أمريكية وضمانة دولية.

وعلى الرغم من الأجواء الضاغطة، والآخذة بزج البلاد في أجواء الإنذارات والتحذيرات من تصعيد حربي تضرب له المهل والمواعيد بوتيرة مثيرة للخوف، ينتظر اللبنانيون زيارة البابا باعتبارها تاريخية بكل معنى الكلمة، مضموناً وتوقيتاً، وخصوصاً أنها تحمل عنوان: «طوبى لفاعلي السلام»، وهو عنوان على تناقض صارخ مع ارتفاع منسوب القلق من تجدد الحرب الشاملة إلى حد غير مسبوق. ودخلت البلاد مرحلة «الصوم السياسي» واستبدال القصف المتبادل بتهيئة الأرضية لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر بما يليق بالتفاتته تجاه لبنان، بعد انعدام حلول الأرض على إسرائيل التي لا تقيم وزناً للاتفاقيات.

وفي الانتظار، وغداة مرور عام على دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ، ولو نظرياً، والذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية، بعد عدوان إسرائيلي واسع دام 66 يوماً، اتسعت حلقة النار من الضغط بالميدان إلى الضغط الدبلوماسي على لبنان، وهو الذي لا يزال يعيش حرب استنزاف، من الوريد الجنوبي إلى الوريد البقاعي مروراً بقلب العاصمة بيروت، ويخشى حرباً جديدة.

وأمام حالة اللاحرب واللاسلم التي يعيشها لبنان منذ عام، فإن كل الحراك الدبلوماسي بقي حبراً على ورق، والأمور تراوح مكانها على الأرض، فيما لم تمر الذكرى السنوية الأولى لإعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل دون إحياء ميداني إسرائيلي لها، وتمثل بموجة من الغارات جنوباً، مقترنة بموجة أكبر وأشد حدة من التهديدات بعملية واسعة في لبنان، محددة هذه المرة بمهلة علنية تنتهي مع نهاية العام الجاري.

وفيما لم تنسحب إسرائيل ولم يسلم السلاح والحرب قد تعود، تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل التي لم تلتزم بالانسحاب من المواقع الـ5 التي تسيطر عليها جنوباً بعد 60 يوماً، وفق نص اتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت مؤخراً أنها نفذت أكثر من 1200 عملية مركزة داخل لبنان، منذ وقف إطلاق النار. أما الجهات الفاعلة، وبحسب قول مصادر متابعة لـ«البيان»، فلم تستطع لجم إسرائيل وإلزامها بوقف أعمالها العدائية.

ومعها، تخلت لجنة «الميكانيزم» عن مهمتها في مراقبة تنفيذ وقف الأعمال العدائية إلى مراقب الدولة اللبنانية وإلى مساح للأماكن التي لم يصل إليها الجيش اللبناني جنوبي الليطاني، وتحميل المؤسسة العسكرية المسؤولية في عدم تطبيق خطة الانتشار، مرفقاً بضرب المهل لها للانتهاء من جنوبي الضفة نحو شماليها.. ذلك أن العواصم الكبرى تطلب من لبنان الإسراع في حصر السلاح المتفلت قبل نهاية العام الجاري، تنفيذاً لقرارات الحكومة التي اتخذتها في جلستي 5 و7 أغسطس الماضي، فيما الرسائل الدبلوماسية التي تتقاطر إلى بيروت حملت إنذارات صريحة عالية السقف بأن ساعة الصفر تقترب.

وفي ظل هذه المعطيات، وفيما المعلومات الأمنية المسربة عمداً تؤكد مرة جديدة أن إسرائيل تعتزم القيام بعمل عسكري في لبنان تحت شعار منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية، فإن الأمور تبدو مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها اقتراب ساعة الصفر المضبوطة وفق توقيت تل أبيب. أما الجديد الذي استجد دولياً، فهو أن المطلوب إعلانان لتجنب الحرب، وهما: الأول، أن يعلن الجيش رسمياً أن جنوبي الليطاني أصبح خالياً من أي سلاح ويتحمل مسؤولية هذا الإعلان.. والثاني، أن يعلن حزب الله إنهاء مشروعه المسلح.

معطيات وأرقام

وتزامناً مع هذه الأجواء، أعلن الجيش اللبناني أنه عالج 177 نفقاً منذ بدء تطبيق خطة درع الوطن الهادفة إلى حصرية السلاح، كما أغلق 11 معبراً على مجرى نهر الليطاني، وضبط 566 راجمة صواريخ. وهذه الأرقام كشف عنها قائد قطاع جنوبي الليطاني، نقولا تابت، خلال عرضه تطبيق خطة الجيش بالتفاصيل أمام وسائل الإعلام للمرة الأولى، لافتاً إلى أن أحداً لم يثبت دخول أي سلاح إلى منطقة جنوبي الليطاني، وأن إسرائيل لم تقدم إثباتاً للميكانزيم (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار) على تهريب حزب الله للسلاح.

كما أشار تابت إلى وجود 10 آلاف عسكري في جنوبي الليطاني، و200 مركز للجيش رغم المعوقات، وأن 20 مركزاً للجيش دمرت جراء الاعتداءات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن الجيش نفذ 300011 مهمة عسكرية جنوبي الليطاني حتى تاريخه.

وبلغة الأرقام أيضاً، أصدر مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، حصيلة تظهر عدد الضحايا والجرحى بسبب الاعتداءات الإسرائيلية منذ التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار، وتحديداً من 28 نوفمبر 2024 حتى 27 نوفمبر 2025، وذلك وفق الآتي: 335 قتيلاً و973 جريحاً.