في مقابل موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، انشغل الداخل السياسي في لبنان بقراءة مضامين المواقف، التي أطلقها مبعوث الرئيس الأمريكي، توم باراك، والتي حملت في طياتها رسالة واضحة إلى الحكومة اللبنانية.

وإشارة لافتة إلى عودة الضغط الأمريكي مجدداً، بعدما تراجع بعد 5 و7 أغسطس الماضي، في ضوء القرارات التاريخية، التي اتخذها مجلس الوزراء حينها بشأن حصرية السلاح بيد الدولة. وفي توقيت مفاجئ، أعلن صاحب العبارة الشهيرة:

«كلامكم جيد، لكن تصرفاتكم صفر»، أنه ليس واثقاً ولا مطمئناً لما تفعله السلطات في لبنان بشأن حصر السلاح، معتبراً أن كل ما يفعله لبنان لنزع سلاح حزب الله هو مجرد حديث، إذْ لم يحدث أي أمر فعلي، بل إن حزب الله يعيد بناء قوته.

ومن بوابة هذه المواقف المباغتة، وفي هذا التوقيت بالذات، معطوفة على التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد لبنان، فإن ثمة إجماعاً على أن احتمالات تجدد الحرب أضحت قائمة بقوة، وأن هذه الحرب.

وحال وقوعها، فإنها ستكون وشيكة على الأرجح، أما على المقلب الآخر من الصورة فحديث عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد مدد الحروب لسنة جديدة، وتوم باراك صدق على القرار، علماً بأن الأول أعلن، بلا مواربة، أن على إسرائيل أن تدمر أعداءها، وهذا ما ينتظر العام المقبل.

مؤكداً اعتزام إسرائيل «تحقيق كل أهداف الحرب ليس فقط في غزة بل أيضاً على الجبهات الأخرى»، فيما لا يعني العام الذي يعنيه العام بالتقويم الميلادي، بل التقويم اليهودي، والذي بدأ قبل يومين.

وتخلى المبعوث الأمريكي إلى سوريا عن دبلوماسيته المعهودة، وفق قول مصادر سياسية لـ«البيان»، مشيرة إلى أنه بدا قريباً في تصريحاته إلى موقف نتانياهو، وإنْ كان كلامه الأقسى تركز على الملف اللبناني، والحكومة اللبنانية، التي شدد على ضرورة إعلان موقفها بوضوح والتزامها بنزع سلاح حزب الله، وبالموقف الحاسم والجازم، أعلن أن إسرائيل لديها 5 نقاط في جنوب لبنان، ولن تنسحب منها، مع إشارته إلى أن نتانياهو لا يهتم بالحدود، ولا بالخطوط الحمر.

وسيذهب إلى أي مكان، ويفعل أي شيء إذا شعر أن إسرائيل مهددة، علماً بأن لبنان لا يزال ينتظر، ويراهن على دعم واشنطن لمسيرته الأمنية، بما يمكنه من المضي قدماً في خطة حصرية السلاح من جهة، ولجم إسرائيل عن الإغراق في الجنوح الحربي فوق أرضه من جهة أخرى.

وقت مستقطع

إلى ذلك، عطفت مصادر مراقبة تصريحات نتانياهو وباراك على ما قاله الرئيس السوري، أحمد الشرع، لشبكة «سي.بي.إس» الأمريكية، لجهة القضاء على حزب الله في المنطقة، لتخلص إلى حديث عن مشهد يبدأ من واشنطن ثم نيويورك، ليصل إلى تل أبيب فدمشق، عنوانه حزب الله، يقابله مشهد من طهران إلى الضاحية الجنوبية لبيروت إلى غزة، مروراً باليمن، حيث المنطقة ملتهبة، تبدو فيها أي هدنة وكأنها وقت مستقطع بين حربين.

معلن ومضمر

ومن العموميات إلى الخصوصيات ارتسمت مجدداً معالم التجاذب الضمني بين المعلن والمضمر في موقف الإدارة الأمريكية الحقيقي من خطة حصرية السلاح كما وضعها الجيش اللبناني ووافقت عليها الحكومة. كما زاد حالة الشكوك والتساؤلات القلقة أن مواقف باراك جاءت كونها عاملاً مبرراً لإسرائيل في ما تقوم به، وما قد تكون تخطط له في لبنان لاحقاً.

وذلك لا ينفصل عن رسائل دبلوماسية عديدة وصلت إلى لبنان، وفق ما يتردد، وفيها أن إسرائيل لن تنتظر الدولة اللبنانية طويلاً كي تتحرك لسحب سلاح حزب الله، وحال تأخرت أو تخلفت عن ذلك فالخيار العسكري الإسرائيلي يبقى قائماً.