على وقع الأجواء المتشنجة التي سادت خلال زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، وما بعدها لبيروت، إذ رسمت إيران من خلالها خطها الأحمر في لبنان، وهو دعم «حزب الله» وكل حلفائها ورفض تسليم السلاح، مع رفع عنوان واضح، هو الحوار والتوافق لمعالجة هذا الملف، وما تلاها من قيام «حزب الله»، عبر أمينه العام، نعيم قاسم، بكسر كل القواعد المتبقية في التعامل المنطقي مع أزمة الحزب أولاً وأخيراً، سواء مع الشرعية اللبنانية، أو مع أطراف الداخل الشركاء أو مع الخارج، يستعد لبنان الرسمي غداً لاستقبال الموفد الرئاسي الأمريكي، توم باراك، وذلك في زيارة رابعة، يفترض أن تكتسب طابعاً تنفيذياً، لجهة البحث المعمق مع المسؤولين اللبنانيين في تفاصيل ما تناولته ورقته التي أقر مجلس الوزراء أهدافها في 7 من الجاري.

ووسط اصطفافين سياسيين متمترسين بمواجهة بعضها البعض، على حلبة قراري الحكومة بسحب سلاح «حزب الله»، والموافقة على أهداف الورقة الأمريكية، في مرحلة هي الأخطر في تاريخ لبنان، فإن ثمة من يرى أن لبنان بات الآن في قلب لعبة المحاور، وينتظر المزيد من التصعيد السياسي، على وقع ما ستؤول إليه التطورات الإيرانية - الأمريكية، على أبواب السعي لتجديد المفاوضات، مع ما يعنيه الأمر، وفق تأكيد مصادر متابعة لـ «البيان»، من أن طهران اختارت أن تضع ملف لبنان على طاولة التفاوض، وهذا ما يخشاه اللبنانيون اليوم، لاسيما عندما وصل الأمر إلى حدود التلويح أو التخويف بالحرب الأهلية.

ذلك أن لبنان ينقسم بين رؤيتين، الأولى مدعومة بقرار دولي وإقليمي كبير، يشير إلى ضرورة تطبيق حصرية السلاح في يد الدولة، والثانية تتمثل بموقف «حزب الله»، الذي حسم خياره نهائياً برفض تسليم السلاح، والهجوم على قرارات الدولة اللبنانية.

وفيما يُفترض أن ينقل باراك الرد الإسرائيلي على قرار مجلس الوزراء اللبناني في شأن حصرية السلاح بيد الدولة، وموافقته على ورقة المقترحات الأمريكية، والذي يتردد أنه قد يكون سلبياً، بدأت الأنظار تتركز على سيناريو التطورات المرتقبة في المهلة الفاصلة عن نهاية أغسطس الجاري، والتي منحها مجلس الوزراء إلى قيادة الجيش لإنجاز وتقديم خطتها الخاصة بتنفيذ قرار حصرية السلاح في يد الدولة.

وعليه، فإن واقع البلد دخل في ما تبدو أنها مراوحة في الفراغ، مداها من الآن وحتى آخر الشهر الجاري، وهي الفترة الممنوحة من قبل الحكومة للجيش اللبناني لإعداد خطة لسحب سلاح الحزب، يبدأ سريانها اعتباراً من لحظة جهوزيتها للتنفيذ، حتى آخر العام الجاري.

خطة جيش

وعلمت «البيان» أن الجيش اللبناني بدأ وضع خطته لحصر السلاح، وستعرض في أول جلسة حكومية تحدد لهذه الغاية، ومن المرجح أن تكون في الثاني من سبتمبر المقبل، إلا إذا استجد طارئ يوجب عقدها في الرابع منه.

وفي المعلومات أيضاً، فإن الخطة ستكون ممتدة على 4 مراحل أو أكثر، بينما التسلسل المنطقي يفرض أن تبدأ في الرقعة الممتدة حتى نهر الأولى، وتمتد تدريجياً وفق معيار جغرافي، وهي ستتضمن مُهلاً زمنية، مع علامة استفهام كبيرة، تطرحها مصادر متابعة عبر «البيان»، حول القدرة على مطابقة هذه المُهل مع المُهل التي طرحت في ورقة باراك، أي على 4 أشهر، لاسيما أن جنوب الليطاني وحده استغرق حتى الآن نحو 8 أشهر.

وأشارت، ووفق المصادر نفسها، إلى صعوبة البدء بالسلاح الفلسطيني، كمرحلة أولى، نظراً لتعقيده، طالما أن بعض المعطيات لا تسمح بفتح مشكلات في المخيمات، كمرحلة أولى على الأقل.

مسار جديد

أما عملياً، فإن ثمة إجماعاً على أن لبنان دخل في مسار جديد، وسط تحديات تواجهه في آلية تنفيذ ما تقرر، وكيفية تعاطي «حزب الله» مع هذا التطور، خصوصاً أن الحزب لا يبدو جاهزاً لخطوة تسليم السلاح.

وهنا، تتعدد وجهات النظر، بين من يعتبر أن «حزب الله» لا يمكنه السكوت على ما جرى، وسيلجأ إلى التصعيد، ومن يعتبر أن هناك قراراً متخذاً من الدولة اللبنانية، ولا يمكن لـ «حزب الله» مواجهته، إلا في حال قرر الأخير تعطيل آلية التنفيذ، في حين أن آخرين يعتبرون أن المسألة ستكون مرتبطة بآلية تفاوضية أوسع على مستوى إقليمي.