في ظل التصاعد الدرامي لأحداث الهجوم الاسرائيلي على إيران ودخول الولايات المتحدة الأمريكية بقوة في قلب الصراع بعد قيامها بضرب المنشآت النووية الإيرانية، تتوجه الأنظار إلى مضيق هرمز شريان التجارة العالمية، حيث ترددت أنباء عن موافقة البرلمان الإيراني على إغلاقه في وجه الملاحة العالمية مما سيكون له انعكاسات سلبية خطيرة على التجارة العالمية.
فقد ذكرت وكالة "رويترز" أن البرلمان الإيراني وافق، الأحد، على غلق مضيق "هرمز"، لكن وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن القرار النهائي مرهون بموافقة أعلى هيئة أمنية في طهران وهو المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.
كما أن وزير الخارجية الإيراني وجه له سؤال في تركيا اليوم حول إغلاق مضيق هرمز، أجاب: "هناك مجموعة متنوعة من الخيارات متاحة أمام طهران".
مضيق هرمز
يربط مضيق هرمز بين الخليج العربي وخليج عمان ومن بعده المحيط الهندي، ويبلغ طوله 161 كيلومتراً وعرضه 32 كيلومتراً تقريباً في أضيق نقطة فيه، حيث يبلغ عرض الممرات الملاحية في كل اتجاه 3 كيلومترات ونيف.
يمر عبر المضيق 11.1% من إجمالي التجارة البحرية العالمية، ويعد أحد أشهر الممرات المائية في العالم، فهو "أهم ممر لنقل النفط في العالم" بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA).
ووفق بيانات شركة "فورتيكسا" الاستشارية المتخصصة في الطاقة والنقل البحري يمر عبر المضيق يومياً حوالي 20 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات والوقود وفقاً لبيانات، كما أن قطر التي تعتبر أحد أكبر مصدّري الغاز الطبيعي المسال في العالم تعتمد على المضيق بشكل كبير لشحن صادراتها من الغاز المسال.
سعر النفط
ووفق وكالة بلومبيرغ للأنباء يقول الخبير الاستراتيجي في مجال النفط، جوليان لي، إن ربع تجارة النفط العالمية تقريباً يمر عبر مضيق هرمز وإذا حالت إيران دون وصول الناقلات العملاقة التي تنقل النفط والغاز إلى الصين وأوروبا وغيرها من المناطق الرئيسية المستهلكة للطاقة، إلى مياه الخليج فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل هائل وسريع وربما زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي.
سلاسل التجارة
إن إغلاق مضيق هرمز لن يشكل أزمة طاقة فقط، بل ستتأثر سلاسل التجارة العالمية بشكل مباشر خاصة الدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند، وهي اقتصادات تعتمد بشكل كبير على الطاقة، ستكون في الحلقة الأولى من الأزمة، كذلك الأمر بالنسبة للسوق الأوروبية، والتي ستنجرف بسرعة إلى أزمة طاقة بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال ومحدودية مصادر الإمداد البديلة.
زعزعة التوازنات الاقتصادية
أكد البروفيسور جيسون بوردوف من مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، فإن إغلاق مضيق هرمز سيخلق تأثير دومينو متزامنًا في مجالات الطاقة والتأمين واللوجستيات والقانون البحري والاستقرار الجيوسياسي، مشيراً إلى أن هشاشة النظام العالمي تتجمع في هذا المضيق، وشدد على أن تأثير مثل هذه الأزمة لن يكون إقليميًا فحسب، بل قادرًا على زعزعة جميع التوازنات في الاقتصاد العالمي بحسب صحيفة زمان التركية.
تأثر إيران
كما تعتمد دول المنطقة على مضيق هرمز فإن إيران هي الأخرى تستخدمه في تصدير النفط إلى عملائها، ما يجعل من فكرة إغلاق المضيق أمراً غير مجدي بحسب خبراء.
ويقول محللو جي بي مورغان، ناتاشا كانيفا وبراتيك كيديا وليوبا سافينوفا، بحسب رويترز: "يعتمد اقتصاد إيران بشكل كبير على حرية مرور البضائع والسفن عبر الممر البحري، حيث إن جميع صادراتها النفطية تتم عبر المضيق"، وأضافوا: "إن إغلاق مضيق هرمز سيكون له أثر عكسي على علاقة إيران بعميلها النفطي الوحيد، الصين".
قلق منطقي
تعتبر حركة السفن التي تستخدم المضيق كما هي لم يطرأ عليها تغيير ولم تحدث أي هجمات في المضيق، رغم مرور 11 يوماً على الهجوم الاسرائيلي على إيران إلا أن القلق ما زال سائداً بين مالكي السفن؛ فقد أفادت وكالة أسوشيتد برس أن بعض السفن شددت إجراءاتها الأمنية، في حين ألغت أخرى رحلاتها عبر المضيق.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر بحرية أن التشويش الإلكتروني في أنظمة الملاحة البحرية التجارية قد تصاعد خلال الأيام الماضية في المنطقة المحيطة بالمضيق.
ارتفاع تكاليف النقل البحري
ارتفعت تكاليف النقل البحري للنفط الخام والمشتقات من المنطقة في الأيام الأخيرة، وذلك للتصاعد اليومي للصراع بين إيران وإسرائيل ودخول الولايات المتحدة الأمريكية على الخط عسكرياً، وعدم وجود مؤشر على قرب نهايته وهو ما يبقي الأسواق في حالة من القلق والترقّب، فأي تعطيل لحركة الملاحة أو توقف في تدفق النفط قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام، ما سيؤثر سلباً على الدول المستوردة للطاقة، خاصة الدول الآسيوية منها.
وبحسب "بلومبيرغ" للأنباء ووفق بيانات بورصة البلطيق فإن تكلفة شحن الوقود من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا قد ارتفعت بنحو 20 بالمئة خلال ثلاث جلسات حتى يوم الاثنين، في حين ارتفعت الأسعار إلى شرق أفريقيا بأكثر من 40 بالمئة.
مواصلة الإبحار
كما أفادت وكالة رويترز للأنباء أن ميرسك قالت في بيان اليوم الأحد إن سفنها تواصل الإبحار عبر مضيق هرمز لكنها مستعدة لإعادة تقييم الوضع بناء على المعلومات المتاحة، وذلك عقب الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية.
وأضافت الشركة الدنمركية لشحن الحاويات "سنواصل مراقبة المخاطر الأمنية التي تواجه سفننا في المنطقة، ونحن مستعدون لاتخاذ الإجراءات التشغيلية اللازمة"، كما قالت شركة الشحن الألمانية هاباج لويد اليوم إن سفنها لا تزال تبحر عبر مضيق هرمز في أعقاب القصف الذي نفذته الولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية خلال الليل، وأأضاف متحدث باسم الشركة "لا نزال نبحر عبر مضيق هرمز".
يظل مضيق هرمز شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، وتتطلب أهميته المستمرة توازنًا دقيقًا لضمان استقرار تدفق الطاقة والحفاظ على سلاسل الإمداد الأساسية للاقتصاد العالمي.
