في جميع أنحاء وادي السيليكون، يُثير ألمع العقول في مجال الذكاء الاصطناعي ضجةً حول "القائمة"، وهي مجموعة تضم أمهر المهندسين والباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي أمضى مارك زوكربيرج أشهراً في إعدادها، وفق تقرير وول ستريت جورنال.

عادةً ما يكون المجندون في "القائمة" حاصلين على درجة الدكتوراه من جامعات مرموقة مثل بيركلي وكارنيجي ميلون. لديهم خبرة في أماكن مثل OpenAI في سان فرانسيسكو وجوجل ديب مايند في لندن. عادةً ما يكونون في العشرينات والثلاثينات من العمر وجميعهم يعرفون بعضهم البعض. يقضون أيامهم يحدقون في الشاشات لحل أنواع المشاكل الغامضة التي تتطلب قدرات حاسوبية هائلة.

ولم تكن مواهبهم التي كانت غامضة في السابق موضع تقدير كبير من قبل.

كان مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، أول من التقط هذه الإشارة وتحرك بوتيرة هستيرية لبناء ما يسميه «مختبر الذكاء الفائق» — مشروعه الطموح لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي تفوق الإنسان. أمضى شهورًا في إعداد «القائمة» التي تضم هؤلاء النخبة، وبدأ يطرق أبوابهم واحدًا تلو الآخر، عارضًا رواتب قد تصل إلى 100 مليون دولار للبعض، ومستعدًا لتقديم أكثر من ذلك أحيانًا.

أسماء مثل لوكاس باير، الباحث المتخصص في الرؤية واللغة متعددة الوسائط، أو يو تشانغ، الذي قيل له يومًا إن تخصصه «ميت» قبل أن يصبح من أكثر الباحثين المطلوبين، باتوا اليوم تحت المجهر. هؤلاء لا يتحدثون كثيرًا على الإنترنت، لكن بصمتهم العلمية تتردد في أوراق بحثية تُناقش في مختبرات شركات تتجاوز قيمتها السوقية تريليونات الدولارات.

بعيدًا عن الأرقام، ما يميّز هؤلاء هو الطابع القبلي لشبكتهم: يعرفون بعضهم البعض، يتبادلون عروض العمل، ويخططون ككتلة. بعضهم لا ينتقل إلا في «صفقة جماعية». والولاء بينهم يتجاوز الشركات؛ إنه أشبه بعصبة مغلقة من الباحثين الذين تشاركوا السكن في منازل جماعية في سان فرانسيسكو، أو من ناقشوا أطروحات الدكتوراه معًا مثل بيل بيبلز وتيم بروكس، قادة فريق Sora في OpenAI.

الرد من الشركات المنافسة لم يتأخر. في مواجهة هجمة «ميتا»، بدأت OpenAI وAnthropic ومختبرات أخرى في تشديد الإجراءات الأمنية حول فرقها، حيث عُزل الباحثون في طوابق محمية بستائر سوداء، وقاعات يُمنع الدخول إليها بالهواتف المحمولة. ويُطلب من المرشحين المحتملين وضع هواتفهم داخل أقفاص فاراداي قبل الدخول.

من بين أغلى التعيينات كان ألكسندر وانغ، مؤسس شركة «Scale AI»، الذي استثمرت ميتا فيه مؤخرًا أكثر من 14 مليار دولار، وأسندت إليه قيادة الفريق الجديد. وفي سابقة لا تُرى عادة من مدير تنفيذي بهذا المستوى، دخل زوكربيرغ بنفسه غرفة التوظيف. يتحدث مباشرة إلى الباحثين، يتابع أوراقهم على Google Scholar، ويقود محادثات في غرفة دردشة سرية داخل ميتا تسمى «حفل التوظيف».

المؤهل المطلوب ليس مجرد شهادة جامعية. بل درجة دكتوراه من برنامج لا يقبل أكثر من 1% من المتقدمين، إلى جانب خبرة في مختبرات رفيعة مثل Google DeepMind أو OpenAI. بل حتى ما يُطلق عليه اليوم "توقيت الدكتوراه المثالي" أصبح معيارًا: من بدأوا دراساتهم قبل عقد من الزمن في مواضيع بدت غامضة آنذاك — مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي أو التعلم العميق — أصبحوا اليوم قادة لمجالات بأكملها.

رغم الإغراءات المالية، كثير من هؤلاء الباحثين لا تحركهم الأموال فقط. هم بحاجة إلى طاقة حوسبية هائلة، حرية أكاديمية، بيانات ضخمة، ومؤسسات لا تتدخل في رؤاهم العلمية. ولذلك، وعلى عكس ما يظن البعض، لم ينجح زوكربيرغ حتى الآن في استقطاب الأسماء الثقيلة مثل إيليا سوتسكيفر أو مارك تشين من OpenAI، رغم محاولاته الحثيثة.

أما في الأوساط المغلقة، حيث تُناقش أوراق بحثية قد تُفضي إلى الجيل المقبل من GPT أو مولّدات الفيديو، فإن القيمة الحقيقية للباحث لا تُقاس بعدد الأسهم، بل بـ«المعرفة» التي يصعب على أي شركة صناعتها من الصفر.

أحد أسباب استعداد جميع هذه الشركات لإغداق المال على المجندين هو أن حتى فريقًا خارقًا من مهندسي الذكاء الاصطناعي لا يُكلف سوى جزءٍ ضئيلٍ من تكلفة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي مثل مراكز البيانات.

هذا العام وحده، تُخطط ميتا لاستثمار حوالي 70 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، بينما تُنفق أمازون ومايكروسوفت وألفابت أكثر من ذلك. إلى جانب الأجهزة، يبدو البشر صفقةً مُربحة.