توصلت دراسة بحثية جديدة إلى أن تناول البطاطس المقلية غالباً ما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني ، ولكن أشكالاً أخرى من البطاطس لا تفعل ذلك.

وتوصلت الدراسة التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية (BMJ ) أيضاً إلى أن استبدال البطاطس بالحبوب الكاملة يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري بشكل أكبر.

هذه ليست أول دراسة تتناول آثار البطاطس على خطر الإصابة بمرض السكري كما صرّح الدكتور سيد محمد الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه بجامعة هارفارد، وفق مجلة هيلث : "أجرينا هذه الدراسة لأن الأبحاث السابقة حول البطاطس ومرض السكري من النوع الثاني أظهرت نتائج متباينة - فقد أظهرت بعض الدراسات ارتفاعاً في خطر الإصابة، بينما لم تُظهر دراسات أخرى ذلك، بل إن بعضها أشار إلى أن البطاطس قد تكون وقائية" .

وقال "كانت إحدى المشكلات الكبرى هي أن العديد من هذه الدراسات لم تنظر في كيفية تحضير البطاطس - مثل البطاطس المقلية مقابل البطاطس المسلوقة - أو ما يأكله الناس بدلاً من ذلك".

يُعدّ ضبط مستوى السكر في الدم مصدر قلق كبير للأمريكيين، ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بحلول عام 2024، كان حوالي38 مليون شخص في الولايات المتحدة - أي واحد من كل 10 أشخاص - مصابين بداء السكري، منهم 90 إلى 95% مصابون بالنوع الثاني.

يلعب النظام الغذائي دوراً رئيسياً في تطور مرض السكري من النوع الثاني وإدارته، ولطالما اشتهرت البطاطس بتأثيرها السلبي على سكر الدم، ونظراً لغناها بالكربوهيدرات وارتفاع مؤشرها الجلايسيمي (أي سرعة ارتفاع سكر الدم)، يتجنبها الكثير من المصابين بداء السكري من النوع الثاني.

كما أشار سيد محمد إلى أن بعض الدراسات السابقة جمعت جميع أنواع البطاطس معاً لتأثيرها على داء السكري من النوع الثاني، على سبيل المثال، خلصت نتائج ثلاث دراسات استطلاعية أُجريت عام 2015 إلى أن زيادة استهلاك البطاطس عمومًا (وخاصةً البطاطس المقلية) ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

وتوصلت دراسة أجريت عام 2018 إلى نتائج مماثلة، حيث أظهرت وجود صلة بين استهلاك البطاطس والمخاطر - ومرة أخرى، تزداد هذه المخاطر بشكل أكبر بالنسبة للبطاطس المقلية.

4

دراسة تكتشف أهمية تحضير البطاطس

أراد الباحثون دراسة العلاقة بين استهلاك البطاطس وخطر الإصابة بمرض السكري بدقة أكبر، باستخدام بيانات من ثلاثة برامج بحثية جارية، تابع الباحثون أكثر من 200 ألف أخصائي صحي لمدة تصل إلى 36 عاماً، وجمعوا بانتظام معلومات مفصلة عن أنظمتهم الغذائية وأنماط حياتهم، أظهرت الاستبيانات الغذائية تكرار استهلاكهم للبطاطس المقلية، أو المخبوزة، أو المسلوقة، أو المهروسة، كما تتبعت تناولهم للحبوب الكاملة .

بمقارنة هذه البيانات بعدد حالات الإصابة الجديدة بمرض السكري من النوع الثاني، وجد الباحثون أن تناول ثلاث حصص أسبوعياً من البطاطس المقلية يزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري بنسبة 20%. في المقابل، لم ترتبط البطاطس المخبوزة والمسلوقة والمهروسة ارتباطًا كبيرًا بارتفاع خطر الإصابة.

في الوقت نفسه، كان لاستبدال البطاطس بالحبوب الكاملة نتائج أكثر إيجابية، فقد قُدِّر أن استبدال ثلاث حصص أسبوعياً من البطاطس الكاملة بالحبوب الكاملة، مثل معكرونة القمح الكامل أو الخبز أو الفارو، يُخفِّض معدل الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 8%. كما خفَّض استبدال حصص البطاطس المقلية بالحبوب الكاملة معدل الإصابة بنسبة 19%.

لماذا هذه هي الحالة؟

عندما يتعلق الأمر بصحة البطاطس، فإن طريقة طهيها لها تأثير كبير، صرحت أليسا تيندال، الحاصلة على درجة الدكتوراه في التغذية، والأستاذة المساعدة في علوم الصحة بكلية أورسينوس، وفق مجلة هيلث : "قد يتغير التركيب الغذائي للطعام أثناء التحضير والطهي، على سبيل المثال، يؤدي قلي الطعام بعمق، كما هو الحال في البطاطس المقلية، إلى زيادة نسبة الدهون فيه، مما قد يؤثر على الهضم والامتصاص، ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض".

ووفقًا لسيد محمد، تُعدّ الزيوت ودرجات الحرارة المستخدمة في القلي من الأسباب الرئيسية. وقال: "عادةً ما تُقلى البطاطس المقلية في درجات حرارة عالية جدًا، وغالبًا في زيوت احتوت - خلال معظم فترة دراستنا - على دهون متحولة وتُنتج مركبات ضارة أخرى".

يمكن أن تؤدي زيوت الطهي عند درجات حرارة عالية للغاية إلى حدوث الأكسدة ، وهو محرك للالتهابات التي قد تساهم في تطور مرض السكري من النوع 2.

من ناحية أخرى، لا تُضيف طرق الطهي كالخبز والسلق والهرس عادةً هذه العناصر، لهذا السبب - ونظرًا لقيمتها الغذائية المفيدة كالألياف والبوتاسيوم - قد تُحسّن البطاطس غير المقلية جودة النظام الغذائي لمرضى السكري من النوع الثاني.

أما بالنسبة لفوائد استبدال البطاطس بالحبوب الكاملة، فالألياف لها دور كبير، كما صرحت تيندال. وأضافت: "الحبوب الكاملة غنية بالألياف، مما يحافظ على مستويات صحية من الجلوكوز في الدم. كما تُبطئ الألياف امتصاص الكربوهيدرات (الجلوكوز) في الدم، مما يُعزز تنظيم مستوى الجلوكوز".

بناء نظام غذائي لتقليل خطر الإصابة بمرض السكري

إلى جانب تقليل تناول البطاطس المقلية إلى الحد الأدنى، يمكن لمجموعة من الاستراتيجيات الغذائية الأخرى أن تساعد في الوقاية من داء السكري من النوع الثاني. ووفقًا للمعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى، تشمل أفضل الممارسات ما يلي:

-تناول كميات أصغر من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون والسكر.

-شرب الماء بدلاً من المشروبات المحلاة مثل الصودا والمشروبات الرياضية وعصائر الفاكهة.

-اختيار الأطعمة التي تحتوي على كمية أقل من الدهون المتحولة، والدهون المشبعة ، والسكريات المضافة.

-إجراء تبديلات صحية حيثما أمكن (استبدال البطاطس المخبوزة بالبطاطس المقلية هو أحد الأمثلة الجيدة).

باتباع هذه الخيارات البسيطة وغيرها باستمرار، تُسهم في تقليل المخاطر.