أكد عدد من الموسيقيين الإماراتيين أهمية اعتماد تدريس الموسيقى في المدارس، مشيرين إلى أن المدرسة لها أهمية بالغة في تنشئة الأطفال موسيقياً، واكتشاف مواهبهم، ورسم مستقبلهم الموسيقي، ليصبحوا ملحنين أو عازفين ماهرين، يشاركون في إثراء المشهد الثقافي في الدولة.

جاء ذلك خلال حفل احتضنته مكتبة محمد بن راشد، مؤخراً، لفرقة الإمارات الموسيقية.

وكانت «البيان» في مقدم متابعي تلك الفعالية، التي استمرت ساعة ونصف من العزف، حيث قدمت العديد من الألحان الشعبية التراثية الإماراتية والخليجية والعربية الشهيرة.

وفي هذا السياق، قال الفنان والملحن إبراهيم جمعة: «برأيي أن الطفل يجب أن يُدرس من البداية، من الروضة وحتى الثانوية، مختلف الآلات الموسيقية، ويتعرف إليها، لأن قناعتي أن تعليم الموسيقى يجب أن يبدأ مبكراً، على أن يكون مستمراً طوال المرحلة الدراسية، ومن الضروري أن يتم تعليم الموسيقى مرحلة بمرحلة، بما يراعي كل مرحلة، عبر اختيار الأدوات والمهارات المناسبة لها، ففي هذه السن المبكرة، يتمكن المعلمون من اكتشاف مواهب الأطفال من إيماءاتهم وحركاتهم، ومدى إقبالهم على كل آلة، وبالتالي، يمكن التعرف إلى المواهب منذ الصغر، وتشجيعها واستثمارها عند الكبر».

وتابع: «إذا نجحنا في هذا، فإن الطالب حينما ينهي المدرسة، يكون مؤهلاً للالتحاق بأي معهد موسيقي بالعالم، عوضاً أن يكون أمياً تماماً في الموسيقى، ويتعين عليه البدء من الصفر وهو كبير، فيما أقرانه من الدول الأخرى في المعاهد، يعرفون أسس الموسيقى وأدواتها والنوتة، وغيرها الكثير، منذ طفولتهم.

علينا ألا ننسى أن تدريس الموسيقى لا يوفر لنا بناء مواهب مرشحة للنجومية بهذا المجال فقط، وإنما كذلك يبني لنا قاعدة جماهيرية من متذوقي الموسيقى ومحبيها، وممن يفهمونها، وهذا يعزز اقتصادنا الإبداعي، الذي يتوسع اليوم في توفير البنية التحتية من مسارح وقاعات عرض، ودور أوبرا، وفرق أوركسترالية، وغيرها الكثير».

ومن جهته، قال الفنان عبدالعزيز المدني، المشرف على فرقة الإمارات الموسيقية: «اعتماد تدريس الموسيقى في المدارس، قضية هامة للغاية، وفاعلة في المستقبل الموسيقي».

وأضاف: «من خلال هذه الحفلات، نسعى لنشر الثقافة الموسيقية، حيث نضعها بين يدي الناس، ونجعلهم على احتكاك سمعي بها، وبهذا نعرفهم تلقائياً بتفاصيل تعينهم على الانفتاح على عالم الموسيقى الرحب.

إننا عملياً نصنع جمهوراً موسيقياً، وربما هؤلاء الآباء الحاضرون في هذا الحفل، يكون لهم دور يوازي دور أي مدرسة في تمكين أبنائهم موسيقياً».

وأضاف: «إن مثل هذه الحفلات ضرورية للغاية، إذ توفر الزخم اللازم لإحداث نقلة نوعية في المجال الموسيقي، وهذا مهم، ولكن تعليم الموسيقى خطوة ضرورية، لأنني أعتقد أنه بالقياس إلى عدد الحفلات الموسيقية، وعدد الأماكن التي تستضيف الحفلات، وزخم التوجه نحو تأسيس فرق أوركسترالية في الدولة عموماً، ودبي خصوصاً، لا بد أن نُعد أنفسنا لأن نكون جزءاً أساسياً من قطاع الموسيقى العالمي».

وتابع: «تعليم الموسيقى ليس مهمة المدارس فقط، بل يجب علينا دعم النوادي والمبادرات الموسيقية، ومنح المواهب الموسيقية امتيازات وفرصاً في تعليمهم، وفي تقديمهم مهنياً، هذا مطلوب على مستوى الدولة، وهو استثمار هام في الإنسان المبدع، ولا ننسى أن جزءاً مهماً من تراثنا الوطني، هو تراث موسيقي، ويجب أن نبقيه حياً».

وقال الدكتور طارق المنهالي، نائب رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين: «وزارة التربية والتعليم لديها واجبات في مجالات كثيرة ومتشعبة، لذلك يفترض، وبما تسمح طاقته، أن تدعم تعليم الموسيقى بشكل أوسع، وتبحث إمكانية تطبيقه، فهو توجه يراعي أن الموسيقى جزء أساسي من ثقافتنا الوطنية وتراثنا الأصيل».

وأضاف: «علينا أن نتذكر أن أبناءنا هم مسؤوليتنا، قبل أن يكونوا مسؤولية المدرسة، لذا، أقول إن على الآباء الذين يعتقدون أن تعليم أولادهم وثقافتهم هي مسؤولية المدرسة والوزارة فقط، عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويسألوا أنفسهم: هل تفتحت عيون أطفالهم على مكتبة في البيت؟ وهل اصطحبوا أبناءهم إلى فعاليات ثقافية وفنية؟ دائماً الأسرة، وعمادها الوالدان، هي الأساس، وبما يتعلق بالموسيقى وغيرها من صنوف الثقافة والفنون، فإن الطفل من عمر 6 سنوات إلى 12 عاماً، حقه وواجبه على أهله ووالديه بالدرجة الأولى».