عزز موقع الفاية الأثري في إمارة الشارقة أهميته العالمية، حيث انضم إلى قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في إنجاز ثقافي وتاريخي جديد لدولة الإمارات، ليصبح بذلك ثاني موقع إماراتي يُسجّل في هذه القائمة المرموقة بعد واحات العين التي تم إدراجها عام 2011.
ويأتي هذا الاعتراف تتويجاً لقيمة الفاية التاريخية والبيئية بوصفه من أقدم مواقع الاستيطان البشري في الدولة، وموئلاً لطبقات جيولوجية ومعالم طبيعية تعود لملايين السنين، ما يمنحه قيمة استثنائية على المستويين البيئي والإنساني.
وأكد المهندس رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني، أن تسجيل أي موقع ضمن لائحة «اليونسكو» لا يتم بسهولة، بل يتطلب إثبات ما يُعرف بالقيمة الاستثنائية العالمية، أي أن يحمل الموقع أهمية تتجاوز حدوده الجغرافية ليكون ذا قيمة للبشرية جمعاء، مضيفاً: «خلال الثلاثين سنة الماضية لم يتجاوز عدد المواقع المسجلة حول العالم 1500 موقع، وتزداد صعوبة شروط اللجنة العالمية للتراث سنوياً، لذا فإن تسجيل الفاية يُعد فخراً لدولة الإمارات ولإمارة الشارقة، ولكل مواطن في الدولة».
خطوة مهمة
وتابع: «منطقة الفاية تعد موقعاً أصيلاً لم تمسّه التغييرات الجذرية، وتحمل تاريخاً يعود لأكثر من 200 ألف عام، وتُبرز أنماطاً جيولوجية وأثرية تثبت أن الإنسان عاش في هذا الموقع منذ فجر البشرية. وهذا الإنجاز هو خطوة مهمة لإدراج مواقع إماراتية أخرى خلال السنوات المقبلة».
وأشار بوخش إلى أنه يمكن الاستفادة من هذا الاعتراف في تعزيز القطاع السياحي، مستشهداً بتجربة أحد المواقع في الصين، والذي حقق بعد تسجيله أكثر من 50 مليون زائر سنوياً، مؤكداً أن هناك فرصاً كبيرة لإطلاق فعاليات وأنشطة تسهم في الترويج للموقع، وتحويله إلى وجهة جذب ثقافية وسياحية.
وجهة معاصرة
من جهته، أكد منصور بريّك، خبير الآثار، أن موقع الفاية من أهم المحطات الأثرية التي شهدت وجود الإنسان، إذ تم الكشف فيه عن أدوات حجرية تعود إلى العصر الحجري القديم، مثل الفؤوس اليدوية والمكاشط، وتعود إلى نحو 210 آلاف سنة.
كما تم العثور على كهوف عاش فيها الإنسان القديم، وعدة طبقات أثرية تنتمي لعصور مختلفة، منها العصر الحجري الحديث، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي.
وأشار إلى أن هذا التنوّع الزمني يُضفي على الموقع قيمة تاريخية كبرى، ويؤكد الاستيطان البشري في المنطقة منذ آلاف السنين، ما يجعله جزءاً من تاريخ البشرية وليس فقط من تاريخ المنطقة.
وفي ما يخص الاستفادة من الاعتراف العالمي، يرى بريّك أن إدراج الفاية في قائمة التراث العالمي يعزز مكانة المنطقة السياحية والثقافية، خاصة مع تزايد الاهتمام بهذا النوع من السياحة حول العالم، مضيفاً: «كما يسهم في رفع مستوى الوعي الأثري لدى المجتمع، ويحث على حماية الموقع والمحافظة على البيئة المحيطة به».
مشروع متكامل
ولفت إلى أنه من المهم وضع خطة شاملة لإدارة الموقع، تتضمن إنشاء مركز زوار مزوّد بوسائل توضيحية تفاعلية، يعرض بعض القطع الأثرية المكتشفة، ويوضح عبر الوسائط المتعددة أهمية الفاية كجزء من التاريخ الإنساني، مشيراً إلى أهمية توفير خدمات مساندة مثل كافتيريات ومطاعم صغيرة، وتهيئة الطرق والمرافق العامة بطريقة تتماشى مع الطابع الأثري والطبيعي للموقع.
