يُعَبرُ مشروع زراعة بذور الجنكة الناجية عن أمل عميق، يراه الكثيرون بمثابة رسالة سلام دائمة، تذكر البشرية بأن الطبيعة قادرة على التعافي، وأن الأمل في مستقبل خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، لا يزال حيًا، ويتجلى في أفرع وأوراق أشجار الجنكة، التي نجت من أعتى الكوارث، لتصبح شاهدةً على قدرة الحياة على الصمود، وإشراقة الأمل في مواجهة الظلام.
حصلت حديقة أكسفورد النباتية على بذور شجرة الجنكة، التي صمدت أمام قصف هيروشيما النووي، وذلك ضمن مشروع عالمي يهدف إلى تربية أشجار "الهيباكو" (الناجية) من الجيل الثاني، كرموز للسلام والأمل، يرافقها رسالة قوية لرفض الحرب النووية وتعزيز مبادئ السلام بين الشعوب.
وتُعدُّ الجنكة نوعًا من الأشجار موطنه الصين، وتتميز بأوراق على شكل مروحة تتغير إلى لون ذهبي نابض بالحياة في فصل الخريف، وهي واحدة من أقدم الأشجار وأكثرها مرونة على وجه الأرض. نجت هذه الأشجار من الكويكب الذي قضى على الديناصورات، ونجت أيضًا من انفجارات القنابل النووية، بفضل جذورها العميقة الممتدة إلى قاع التربة، التي وفرت لها حماية من الاحتراق، وهو ما أكدته الدراسات العلمية الحديثة.
وبحسب تقديرات العلماء، تراوحت درجة حرارة الأرض أثناء انفجار قنبلة هيروشيما بين 3000 و4000 درجة مئوية، وهي درجة كافية لتحويل جسم الإنسان إلى غبار أسود ناعم، لكن الشجرة نجت بفضل جذورها العميقة، وتكمن قوتها في قدرتها على تحمل التلوث، والأماكن الضيقة، والبيئات الحضرية، مما جعلها رمزًا للصمود والتعافي.
وفي اليابان، يُطلق على الناجين من القنابل النووية اسم «هيباكوشا»، والأشجار الناجية تُعرف باسم «هيباكوجوموكو» — وتعني "الأشجار التي تعرضت للقصف"، وغالبًا ما تُترجم إلى "الأشجار الناجية" في الإنجليزية. وقد أُدرجت العديد من هذه الأشجار، التي نجت من الدمار، كصبغة تذكارية حية، وتُعرف أن بعض أنواع الجنكة لا تزال على قيد الحياة حتى اليوم، حيث يُقدر أن سلالتها تعود إلى أكثر من 200 مليون سنة، وتُعتبر "أحفورة حية" نادرة، حافظت على صفاتها من خلال ملايين السنين، وفقًا لموسوعة National Geographic.
تم تبني أشجار الجنكة كرموز للسلام من قبل منظمة "رؤساء البلديات من أجل السلام"، التي أطلقت حملة عالمية لنشر بذور الأشجار الناجية، التي وصلت حتى الآن إلى 88 مدينة خارج اليابان، من ثمانية أنواع من الأشجار التي أُحرقت أوراقها وأُجردت أغصانها خلال انفجار القنبلة، لكنها نجت بأجزائها الداخلية، وأصبحت رمزًا للصمود والأمل.
وفي عام 1945، بعد أقل من عام على تدمير هيروشيما، نبتت نبتة خضراء في الصحراء التي خلفتها القنبلة، رغم الشائعات التي كانت تقول إنه لن ينمو شيء لمدة 75 عامًا، وهو ما يبرز مدى قدرة الطبيعة على التعافي، ويؤكد أن الحياة تستمر، رغم أعتى الكوارث. وأكدت تصريحات أول عمدة بعد القصف، شينزو هاماي، أن أشجار الناجين أصبحت رموزًا لصمود المدينة، وأنها تمثل رسالة أمل لعالم يعاني من ويلات الحروب النووية.
وفي اليابان، تُعبرُ أشجار "الهيباكو" عن رمزية عميقة، حيث تُحتفل بيوم السلام العالمي في 6 أغسطس من كل عام، وهو اليوم الذي وقع فيه الانفجار النووي في هيروشيما، ويُزرع العديد من الأشجار الجديدة في تلك المناسبة، لتؤكد على ضرورة تجنب تكرار الكوارث، وتُعدُّ هذه الأشجار نصبًا تذكارية حية، تخلد ضحايا الحرب النووية، وتُذكِّر الأجيال بأهمية السلام.
وتُعرفُ الشجرة باسم "جنكة بولبا"، وتُصنف كـ"أحفورة حية"، لأنها كانت موجودة منذ أكثر من 200 مليون سنة، وظلت سلالتها ثابتة نسبيًا، مما يجعلها من أقدم أنواع الأشجار التي لا تزال على قيد الحياة، وتُعرف بقدرتها الفريدة على تحمل التلوث والبيئات الصعبة، مما جعلها خيارًا مثاليًا في المدن الكبرى، حيث تُزرع في الحدائق والمتنزهات، وتحمل رمزية قوية بقدرتها على الصمود والتعافي.
