ولفت إلى أن الرواية تجسد تراجيديا إنسانية، تتقاطع فيها رحلة الفرد مع تحولات المكان، فيجد القارئ نفسه وهو يسير بين التاريخ والوجدان خطوة بخطوة.
فيشدّ الشباب رحالهم نحو فرص جديدة، من بين هؤلاء، كان بطل الرواية، يوسف بن سبت، الشاب الذي يغادر دبي، حاملاً على كتفيه مصاعب المرحلة، وعلى قلبه شجاعة المغامرة، مضيفاً:
«يصل يوسف إلى البحرين، التي كانت آنذاك ترسم خطواتها الأولى نحو المستقبل، فتفتح أبوابها أمام أمثاله من الطامحين، هناك يبدأ يوسف حياته من الصفر: يكافح، يعمل، يتطور، ويتزوج، ثم يعود إلى دبي محمّلا ً بتجارب وخبرات. تتشابك في الرواية مسارات ثلاثة أجيال، تتوالى خلالها الأحداث من الحزن إلى الفرح، ومن الانتصار إلى الانكسار.
وتعيد الرواية بناء تلك الحقبة بواقعية دقيقة، بدءاً من أيام القروض التي قدّمها بعض الممولين لتجار اللؤلؤ، وما تسببت فيه من ديون وانهيارات اقتصادية، وصولاً إلى الهجرات الخليجية، وظهور النفط، والتحول الكبير في دبي، الذي قاده المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، حين رسم ملامح دبي الجديدة».
أردتُ أن أضع على الورق تلك اللحظة التي ينهض فيها البطل من رماد أوجاعه، وأن أقول للقارئ: إن خلف كل نهضة قصة رجلٌ آمن بأن المستحيل يمكن كسره».
وأوضح أن شخصيات الرواية جاءت مزيجاً من الواقع والتخيّل، فيوسف بن سبت، مثل آلاف الشباب الذين خرجوا من دبي والخليج، بحثاً عن فرصة حياة كريمة في البحرين والكويت والسعودية، لم يرد أن يكون يوسف بطلاً خارقاً.
بل أراده أن يكون قريباً من الناس، يحمل تناقضاتهم وضعفهم وقوتهم، أما الشخصيات الأخرى، من الزوجة إلى الأبناء والأجيال اللاحقة، هي انعكاس لتحولات الزمن واختباراته، أراد شاهين لكل شخصية أن تكون مرآة لمرحلة من مراحل الخليج: بدايات صعبة، ثم انطلاق، ثم مسؤولية وطنية كبرى.
وعن الجانب التاريخي في الرواية، قال: «اعتمدت على السرد التاريخي، بوصفه خلفية ضرورية لفهم حياة الأجيال الثلاثة التي تتعاقب في الرواية، توقفت عند مفاصل محددة، مثل:
أزمة اللؤلؤ، وانهيار الاقتصاد البحري، والقروض الهندية الفاحشة، وتأثيرها في التجار، وهجرة شباب دبي للعمل في الخليج، وبدايات ظهور النفط، وتولي المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، الحكم، ورسم خارطة دبي الحديثة، وقيام دولة الإمارات، والغزو العراقي للكويت، وصولاً إلى مرحلة المشاركة في عاصفة الحزم، فالتاريخ في الرواية ليس توثيقاً جامداً، بل روح تتحرك داخل الشخصيات، وتحدد مصائرها».
وأكد أنه استند إلى مجموعة كبيرة من الروايات الشفوية المتناقلة بين الرواة وكبار السن، إضافة إلى الاطلاع على وثائق وصور ومراجع تاريخية، تتعلق بتجارة اللؤلؤ، والهجرات الخارجية، ونشأة دبي الحديثة، وتابع:
«لكنني تعاملت مع كل تلك المصادر بروح المبدع، لا بروح المؤرخ، واستنطقت خبراتي وتراكماتي في العمل الصحافي، فجمعت بينها وبين الخيال، لبناء سرد حيّ غير تقريري، خاصة أنني كنت شاهداً ومعايشاً لمحطات كثيرة، خاصة في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وصولاً إلى الألفية».
واختار ظاعن شاهين أن تكون لغة الرواية تمزج بين الحسّ الشعري وصدق الواقع، فقد أراد لها أن تكون لغة تمسك بالقارئ دون أن تتصنّع، وتسمح له بأن يعيش التفاصيل، رائحة البحر، تعب السفر، حرارة الصحاري، وانكسارات القلب.
وأعرب عن أمنيته في أن يخرج القارئ وهو يشعر أن هذه الرواية ليست حكاية يوسف وحده، بل حكاية أي شخص وُلد على هذه الأرض، عاش أحلامها وإنجازاتها، مضيفاً:
«أريد لرواية «دم واحد»، أن تكون مرآة، يعرف القارئ فيها نفسه، وجذوره، وتاريخ بلده، وأن يدرك أن كل جيلٍ مدين للجيل الذي سبقه، وأننا جميعاً، رغم تعدد الحكايات، ننتمي في النهاية إلى دم واحد».
