في فضاء تغمره رائحة الورق وصوت الصفحات وهي تقلب، طرح معرض الشارقة الدولي للكتاب، تساؤلاً عميقاً حول مصير الكتاب بعد أن يُقرأ، وفي أروقة المعرض، حيث تتقاطع الحكايات وتتشابك التجارب، تنوعت الإجابات كما تتنوع الأغلفة، لتكشف عن علاقةٍ حيّة تربط الإنسان بالكتاب، وتؤكد أن الورق لا يشيخ ما دام في يدٍ تعرف قيمته.

وقال زائر المعرض الدكتور محمد الأمين الذي يرى أن علاقة القارئ بالكتاب أعمق من فعل القراءة ذاته: «علاقتي بالكتاب ليست علاقة قارئ بمصدر معرفة، بل علاقة إنسانٍ بامتداد روحه في الورق، حين أنتهي من القراءة لا أشعر بأن الرحلة اكتملت، بل تبدأ مرحلة أخرى من التأمل والمراجعة واستحضار الأسئلة التي تركها النص في داخلي، الكتاب عندي ليس سلعة تشترى وتستهلك، بل كائنٌ يرافقني ويفتح لي نوافذ جديدة على ذاتي والعالم، لذلك أحتفظ بكل كتاب أقتنيه، لأن كل واحد منها جزء من ذاكرتي».

أما الباحثة أحلام الحوسني فترى أن الكتاب بالنسبة لها ليس غرضاً مؤقتاً، بل صديق يرافقها في لحظات التأمل والاختيار، وتقول: «الكتاب عندي مثل نافذة تُطل على مراحل حياتي، أحتفظ به لأني أرى فيه أثر أيامي القديمة، أكتب في هوامشه ما أشعر به أثناء القراءة، كأنني أدوّن حديثاً سرياً بيني وبينه، هناك كتب أعادت ترتيب أفكاري، ودفعتني إلى اتخاذ قراراتٍ لم أكن أتخيلها.

لذلك لا أعتبرها ممتلكاتٍ مادية بل علاماتٍ في طريقي، أحياناً أعيد قراءة كتاب بعد سنوات، فأجد أن النص تغيّر لأنني أنا التي تغيّرت، لهذا أحتفظ بكتبي كما يحتفظ المرء بصورٍ من حياته، وإن رأيت أن أحد الكتب يجب أن يواصل رحلته، أهديه إلى قارئٍ آخر، ليكمل حكايته معه». وترى الإعلامية سمر الحمودي أن علاقتها بالكتاب تتجاوز فعل القراءة إلى حوارٍ متجدد مع الذات، فتقول:

«الكتاب بالنسبة لي مرآة أرى فيها نفسي تتبدل مع كل قراءة، هناك كتب تشعل فيّ رغبة الاكتشاف، وأخرى تعيدني إلى لحظاتٍ نسيتها، فأقرأها كأنها تذكّرني بمن كنت، أضع إشارات على الصفحات التي تلامسني، ثم أعود إليها بعد زمن لأجد أن المعنى تغيّر كما تغيّرت أنا».